للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَوْلٌ، وَقِيلَ: إِذَا قَدَرَ عَلَى السِّفَادِ.

٢ - باب إِذَا وَكَّلَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ جَازَ.

٢٣٠١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ﵁ قَالَ: كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كِتَابًا بِأَنْ يَحْفَظَنِي فِي صَاغِيَتِي بِمَكَّةَ وَأَحْفَظَهُ فِي صَاغِيَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا ذَكَرْتُ الرَّحْمَنَ قَالَ: لَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ، كَاتِبْنِي بِاسْمِكَ الَّذِي كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَاتَبْتُهُ: عَبْدَ عَمْرٍو، فَلَمَّا كَانَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ خَرَجْتُ إِلَى جَبَلٍ لِأُحْرِزَهُ حِينَ نَامَ النَّاسُ، فَأَبْصَرَهُ بِلَالٌ، فَخَرَجَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَجْلِسٍ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، لَا نَجَوْتُ إِنْ نَجَا أُمَيَّةُ. فَخَرَجَ مَعَهُ فَرِيقٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فِي آثَارِنَا، فَلَمَّا خَشِيتُ أَنْ يَلْحَقُونَا خَلَّفْتُ لَهُمْ ابْنَهُ لِأَشْغَلَهُمْ فَقَتَلُوهُ، ثُمَّ أَبَوْا حَتَّى يَتْبَعُونَا - وَكَانَ رَجُلًا ثَقِيلًا - فَلَمَّا أَدْرَكُونَا قُلْتُ لَهُ: ابْرُكْ فَبَرَكَ، فَأَلْقَيْتُ عَلَيْهِ نَفْسِي لِأَمْنَعَهُ، فَتَجلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ مِنْ تَحْتِي حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَصَابَ أَحَدُهُمْ رِجْلِي بِسَيْفِهِ، وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يُرِينَا ذَلِكَ الْأَثَرَ فِي ظَهْرِ قَدَمِهِ.

[الحديث ٢٣٠١ - طرفه في: ٢٩٧١]

قَوْلُهُ: (بَابُ إِذَا وَكَّلَ الْمُسْلِمُ حَرْبِيًّا فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ جَازَ). أَيْ: إِذَا كَانَ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ.

قَوْلُهُ: (عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) يَأْتِي تَصْرِيحُهُ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ آخِرَ الْبَابِ.

قَوْلُهُ: (كَاتَبْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ) أَيْ: كَتَبْتُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كِتَابًا، وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ عَاهَدْتُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ وَكَاتَبْتُهُ.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَحْفَظَنِي فِي صَاغِيَتِي) الصَّاغِيَةُ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ خَاصَّةُ الرَّجُلِ، مَأْخُوذٌ مِنْ صَغَى إِلَيْهِ إِذَا مَالَ. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: صَاغِيَةُ الرَّجُلِ كُلُّ مَنْ يَمِيلُ إِلَيْهِ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْأَهْلِ وَالْمَالِ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: رَوَاهُ الدَّاوُدِيُّ ظَاعِنَتِي بِالظَّاءِ الْمُشَالَةِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا نُونٌ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ الشَّيْءُ الَّذِي يَسْفُرُ إِلَيْهِ. قَالَ: وَلَمْ أَرَ هَذَا لِغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (لَا أَعْرِفُ الرَّحْمَنَ) أَيْ: لَا أَعْتَرِفُ بِتَوْحِيدِهِ، وَزَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ كَانَ يُسَمِّيهِ عَبْدَ الْإِلَهِ.

قَوْلُهُ: (حِينَ نَامَ النَّاسُ) أَيْ: رَقَدُوا، وَأَرَادَ بِذَلِكَ اغْتِنَامَ غَفْلَتِهِمْ لِيَصُونَ دَمَهُ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاءِ، أَيْ: عَلَيْكُمْ أُمَيَّةَ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ، أَيْ: هَذَا أُمَيَّةُ.

قَوْلُهُ: (خَلَّفْتُ لَهُمُ ابْنَهُ) هُوَ عَلِيُّ بْنُ أُمَيَّةَ، سَمَّاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَسْطٍ لِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي شَرْحِ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَنَذْكُرُ تَسْمِيَةَ مَنْ بَاشَرَ قَتْلَ أُمَيَّةَ، وَمَنْ بَاشَرَ قَتْلَ ابْنِهِ عَلِيِّ بْنِ أُمَيَّةَ، وَمَنْ أَصَابَ رِجْلَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِالسَّيْفِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَوَجْهُ أَخْذِ التَّرْجَمَةِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، وَهُوَ مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَوَّضَ إِلَى أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَهُوَ كَافِرٌ فِي دَارَ الْحَرْبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِأُمُورِهِ، وَالظَّاهِرُ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ ﷺ عَلَيْهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا، وَتَوْكِيلُ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ مُسْلِمًا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ رَجُلًا ثَقِيلًا) أَيْ: ضَخْمَ الْجُثَّةِ.

قَوْلُهُ: (فَتَجَلَّلُوهُ بِالسُّيُوفِ) بِالْجِيمِ، أَيْ: غَشَوْهُ. كَذَا لِلْأَصِيلِيِّ، وَلِأَبِي ذَرٍّ، وَلِغَيْرِهِمَا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: أَدْخَلُوا أَسْيَافَهُمْ