للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (بَابُ الْمُزَارَعَةِ بِالشَّطْرِ وَنَحْوِهِ) رَاعَى الْمُصَنِّفُ لَفْظَ الشَّطْرِ لِوُرُودِهِ فِي الْحَدِيثِ، وَأَلْحَقَ غَيْرَهُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الْمَعْنَى، وَلَوْلَا مُرَاعَاةُ لَفْظِ الْحَدِيثِ لَكَانَ قَوْلُهُ: الْمُزَارَعَةُ بِالْجُزْءِ أَخْصَرَ وَأَبْيَنَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ) هُوَ الْكُوفِيُّ (عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ الْبَاقِرُ.

قَوْلُهُ: (مَا بِالْمَدِينَةِ أَهْلُ بَيْتِ هِجْرَةٍ إِلَّا يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ) الْوَاوُ عَاطِفَةٌ عَلَى الْفِعْلِ لَا عَلَى الْمَجْرُورِ، أَيْ يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَيَزْرَعُونَ عَلَى الرُّبُعِ، أَوِ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، وَهَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ بِهِ وَحَكَى ابْنُ التِّينِ أَنَّ الْقَابِسِيَّ أَنْكَرَ هَذَا وَقَالَ: كَيْفَ يَرْوِي قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ هَذَا عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، وَقَيْسٌ كُوفِيٌّ، وَأَبُو جَعْفَرٍ مَدَنِيٌّ وَلَا يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَحَدٌ مِنَ الْمَدَنِيِّينَ؟ وَهُوَ تَعَجُّبٌ مِنْ غَيْرِ عَجَبٍ، وَكَمْ مِنْ ثِقَةٍ تَفَرَّدَ بِمَا لَمْ يُشَارِكْهُ فِيهِ ثِقَةٌ آخَرُ، وَإِذَا كَانَ الثِّقَةُ حَافِظًا لَمْ يَضُرُّهُ الِانْفِرَادُ.

وَالْوَاقِعُ أَنَّ قَيْسًا لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ فَقَدْ وَافَقَهُ غَيْرُهُ فِي بَعْضِ مَعْنَاهُ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا. ثُمَّ حَكَى ابْنُ التِّينِ، عَنِ الْقَابِسِيِّ أَغْرَبَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّمَا ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ هَذِهِ الْآثَارَ فِي هَذَا الْبَابِ لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى الْجُزْءِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ، وَكَأَنَّهُ غَفَلَ عَنْ آخِرِ حَدِيثٍ فِي الْبَابِ وَهُوَ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مُعْتَمَدُ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ إِنَّمَا أَرَادَ بِسِيَاقِ هَذِهِ الْآثَارِ الْإِشَارَةَ إِلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُمْ خِلَافٌ فِي الْجَوَازِ خُصُوصًا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، فَيَلْزَمُ مَنْ يُقَدِّمُ عَمَلَهُمْ عَلَى الْأَخْبَارِ الْمَرْفُوعَةِ أَنْ يَقُولُوا بِالْجَوَازِ عَلَى قَاعِدَتِهِمْ.

قَوْلُهُ: (وَزَارَعَ عَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَآلُ أَبِي بَكْرٍ وَآلُ عُمَرَ وَآلُ عَلِيٍّ وَابْنُ سِيرِينَ)، أَمَّا أَثَرُ عَلِيٍّ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو ابْنِ صُلَيْعٍ عَنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَرَ بَأْسًا بِالْمُزَارَعَةِ عَلَى النِّصْفِ، وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَسَعْدِ ومَالِكٍ - وَهُوَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ - فَوَصَلَهُمَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: كَانَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ، وَابْنُ مَسْعُودٍ يُزَارَعَانِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَوَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَقْطَعَ خَمْسَةً مِنَ الصَّحَابَةِ الزُّبَيْرَ، وَسَعْدًا، وَابْنَ مَسْعُودٍ، وَخَبَّابًا، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، قَالَ: فَرَأَيْتُ جَارَيَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَسَعْدًا يُعْطِيَانِ أَرْضَيْهِمَا بِالثُّلُثِ.

وَأَمَّا أَثَرُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ أَنْ يُزَارِعَ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَرُوِّينَا فِي الْخَرَاجِ لِيَحْيَى بْنِ آدَمَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ: انْظُرْ مَا قِبَلَكُمْ مِنْ أَرْضٍ فَأَعْطُوهَا بِالْمُزَارَعَةِ عَلَى النِّصْفِ وَإِلَّا فَعَلَى الثُّلُثِ حَتَّى تَبْلُغَ الْعُشْرَ. فَإِنْ لَمْ يَزْرَعْهَا أَحَدٌ فَامْنَحْهَا، وَإِلَّا فَأَنْفِقْ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تُبِيرَنَّ قِبَلَكَ أَرْضًا.

وَأَمَّا أَثَرُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامًا يُحَدِّثُ أَنَّ ابْنَ سِيرِينَ أَرْسَلَهُ إِلَى الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ لِيَسْأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ: اعْمَلْ فِي حَائِطِي هَذَا وَلَكَ الثُّلُثُ وَالرُّبُعُ، قَالَ: لَا بَأْسَ، قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ سِيرِينَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: هَذَا أَحْسَنُ مَا يُصْنَعُ فِي الْأَرْضِ.

وَرَوَى النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ - يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ - يَقُولُ: الْأَرْضُ عِنْدِي مِثْلُ الْمَالِ الْمُضَارَبَةِ، فَمَا صَلَحَ فِي الْمَالِ الْمُضَارَبَةِ صَلَحَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَمْ يَصْلُحْ فِي الْمَالِ الْمُضَارَبَةِ لَمْ يَصْلُحْ فِي الْأَرْضِ. قَالَ: وَكَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَدْفَعَ أَرْضَهُ إِلَى الْأَكَّارِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا بِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَأَعْوَانِهِ وَبَقَرِهِ وَلَا يُنْفِقَ شَيْئًا وَتَكُونَ النَّفَقَةُ كُلُّهَا مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ.

وَأَمَّا أَثَرُ عُرْوَةَ وَهُوَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا. وَأَمَّا أَثَرُ أَبِي بَكْرٍ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُمْ فَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى إِلَى أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْمُزَارَعَةِ بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ فَقَالَ: إِنِّي إِنْ نَظَرْتُ فِي آلِ أَبِي بَكْرٍ وَآلِ عُمَرَ وَآلِ عَلِيٍّ وَجَدْتُهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ سِيرِينَ فَتَقَدَّمَ مَعَ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ