للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٦ - كِتَاب الْمَظَالِمِ والغصب

في المظالم وَالْغَصْبِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ رَافِعِي رءوسهم، الْمُقْنِعُ وَالْمُقْمِحُ وَاحِدٌ.

قَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. كِتَابُ الْمَظَالِمِ. فِي الْمَظَالِمِ وَالْغَصْبِ) كَذَا لِلْمُسْتَمْلِيِّ، وَسَقَطَ كِتَابٌ لِغَيْرِهِ، وَلِلنَّسَفِيِّ كِتَابُ الْغَصْبِ بَابٌ فِي الْمَظَالِمِ. وَالْمَظَالِمُ جَمْعُ مَظْلِمَةٍ مَصْدَرُ ظَلَمَ يَظْلِمُ وَاسْمٌ لِمَا أُخِذَ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَالظُّلْمُ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الشَّرْعِيِّ، وَالْغَصْبُ أَخْذُ حَقِّ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ اللَّهِ ﷿: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ﴾ - إِلَى - ﴿عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ. وَسَاقَ غَيْرُهُ الْآيَةَ.

قَوْلُهُ: ﴿مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ﴾ رَافِعِي رُءُوسِهِمُ؛ الْمُقْنِعُ وَالْمُقْمِحُ وَاحِدٌ) سَقَطَ لِلْمُسْتَمْلِيِّ، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ قَوْلَهُ: رَافِعِي رُءُوسِهِمْ وَهُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ أَخْرَجَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالتَّفْسِيرِ وَكَذَا قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الرَّاجِزِ:

أَنْهَضَ نَحْوِي رَأْسَهُ وَأَقْنَعَا … كَأَنَّمَا أَبْصَرَ شَيْئًا أَطْمَعَا

وَحَكَى ثَعْلَبٌ أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ، يُقَالُ أَقْنَعَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ، وَأَقْنَعَ إِذَا طَأْطَأَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ الْوَجْهَانِ: أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ يَنْظُرُ، ثُمَّ يُطَأْطِئُهُ ذُلًّا وَخُضُوعًا قَالَهُ ابْنُ التِّينِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: الْمُقْنِعُ وَالْمُقْمِحُ وَاحِدٌ فَذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ أَيْضًا فِي الْمَجَازِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ يس، وَزَادَ: مَعْنَاهُ أَنْ يَجْذِبَ الذَّقَنَ حَتَّى تَصِيرَ فِي الصَّدْرِ ثُمَّ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَهَذَا يُسَاعِدُ قَوْلَ ابْنِ التِّينِ لَكِنَّهُ بِغَيْرِ تَرْتِيبٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ مُدِيمِي النَّظَرِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: مُسْرِعِينَ) ثَبَتَ هَذَا هُنَا لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ وَوَقَعَ لَهُ هُوَ فِي تَرْجَمَةِ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ، وَتَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ أَيْضًا، وَأَمَّا تَفْسِيرُ غَيْرِهِ فَالْمُرَادُ بِهِ أَبُو عُبَيْدَةَ أَيْضًا فَكَذَا قَالَهُ وَاسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كُلًّا مِنَ الْأَمْرَيْنِ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الْمُهْطِعُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي ذُلٍّ وَخُشُوعٍ لَا يَقْطَعُ بَصَرَهُ.

قَوْلُهُ: ﴿وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ يَعْنِي جُوفًا لَا عُقُولَ لَهُمْ) وَهُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا فِي الْمَجَازِ وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ حَسَّانَ:

أَلَا أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي … فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخْبٌ هَوَاءُ

وَالْهَوَاءُ: الْخَلَاءُ الَّذِي لَمْ تَشْغَلْهُ الْأَجْرَامُ، أَيْ لَا قُوَّةَ فِي قُلُوبِهِمْ وَلَا جَرَاءَةَ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَعْنَاهُ نُزِعَتْ أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ أَجْوَافِهِمْ.

١ - بَاب قِصَاصِ الْمَظَالِمِ

قَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿مُهْطِعِينَ﴾ مُدِيمِي النَّظَرِ، وَقَالَ غيره: مُسْرِعِينَ ﴿لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ﴾ يَعْنِي جُوفًا لَا عُقُولَ لَهُمْ، ﴿وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ * وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ