للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ طَوِيلٍ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ بَعْضَهُ وَصَحَّحَهُ، وَإِذَا ثَبَتَ الْفَضْلُ فِي الْإِعَانَةِ عَلَى الْعِتْقِ ثَبَتَ الْفَضْلُ فِي التَّفَرُّدِ بِالْعِتْقِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا وَاقِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ)؛ أَيِ ابْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَخُو عَاصِمٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيِّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَخِيهِ وَاقِدٍ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي سَعِيدُ ابْنُ مَرْجَانَةَ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا جِيمٌ، وَهِيَ أُمُّهُ. وَاسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ اللَّهِ، وَيُكَنَّى سَعِيدَ أَبَا عُثْمَانَ. وَقَوْلُهُ: (صَاحِبُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ)؛ أَيْ زَيْنِ الْعَابِدِينَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ مُنْقَطِعًا إِلَيْهِ فَعُرِفَ بِصُحْبَتِهِ، وَوَهَمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ سَعِيدُ بْنُ يَسَارٍ أَبُو الْحُبَابِ فَإِنَّهُ غَيْرُهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَلَيْسَ لِسَعِيدِ ابْنِ مَرْجَانَةَ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي التَّابِعِينَ وَأَثْبَتَ رِوَايَتَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ غَفَلَ فَذَكَرَهُ فِي أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ وَقَالَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ اهـ. وَقَدْ قَالَ هُنَا: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ، وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِمَا فَانْتَفَى مَا زَعَمَهُ ابْنُ حِبَّانَ.

قَوْلُهُ: (أَيُّمَا رَجُلٍ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ: أَيُّمَا مُسْلِمٍ، وَوَقَعَ تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ مَرْجَانَةَ.

قَوْلُهُ: (عُضْوًا مِنَ النَّارِ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: عُضْوًا مِنْهُ مِنَ النَّارِ، وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ مَرْجَانَةَ، وَسَتَأْتِي مُخْتَصَرَةً لِلْمُصَنِّفِ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ: أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنَ النَّارِ، حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ. وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ: وَأَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فِكَاكَهُ مِنَ النَّارِ عَظْمَيْنِ مِنْهُمَا بِعَظْمٍ، وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتِ امْرَأَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ فِكَاكَهَا مِنَ النَّارِ، إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَمِثْلُهُ لِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

قَوْلُهُ: (قَالَ سَعِيدُ ابْنُ مَرْجَانَةَ) هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.

قَوْلُهُ: (فَانْطَلَقْتُ بِهِ)؛ أَيْ بِالْحَدِيثِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: فَانْطَلَقْتُ حِينَ سَمِعْتُ الْحَدِيثَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَذَكَرْتُهُ لِعَلِيٍّ، زَادَ أَحْمَدُ، وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ مَرْجَانَةَ: فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.

قَوْلُهُ: (فَعَمَدَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ إِلَى عَبْدٍ لَهُ) اسْمُ هَذَا الْعَبْدِ مُطَرِّفٌ، وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَأَبِي عَوَانَةَ، وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجَيْهِمَا عَلَى مُسْلِمٍ. وَقَوْلُهُ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ؛ أَيِ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ وَالِدِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ ثَمَانِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَمَاتَ سَعِيدُ ابْنُ مَرْجَانَةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ، وَمَاتَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَبْلَهُ بِثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ، وَرِوَايَتُهُ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ. وَقَوْلُهُ: عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفُ دِينَارٍ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الدِّينَارَ إِذْ ذَاكَ كَانَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَقَدْ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَ: عَشَرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ بِغَيْرِ شَكٍّ.

قَوْلُهُ: (فَأَعْتَقَهُ) فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ الْمَذْكُورَةِ: فَقَالَ: اذْهَبْ، أَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ. وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ الْعِتْقِ، وَأَنَّ عِتْقَ الذَّكَرِ أَفْضَلُ مِنْ عِتْقِ الْأُنْثَى خِلَافًا لِمَنْ فَضَّلَ عِتْقَ الْأُنْثَى مُحْتَجًّا بِأَنَّ عِتْقَهَا يَسْتَدْعِي صَيْرُورَةَ وَلَدِهَا حُرًّا سَوَاءٌ تَزَوَّجَهَا حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ بِخِلَافِ الذَّكَرِ، وَمُقَابِلُهُ فِي الْفَضْلِ أَنَّ عِتْقَ الْأُنْثَى غَالِبًا يَسْتَلْزِمُ ضَيَاعَهَا، وَلِأَنَّ فِي عِتْقِ الذَّكَرِ مِنَ الْمَعَانِي الْعَامَّةِ مَا لَيْسَ فِي الْأُنْثَى كَصَلَاحِيَتِهِ لِلْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لِلذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ. وَفِي قَوْلِهِ: أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الرَّقَبَةِ نُقْصَانٌ لِيَحْصُلَ الِاسْتِيعَابُ، وَأَشَارَ الْخَطَّابِيُّ إِلَى أَنَّهُ يُغْتَفَرُ النَّقْصُ الْمَجْبُورُ بِمَنْفَعَةٍ كَالْخَصِيِّ مَثَلًا إِذَا كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ فِيمَا لَا يُنْتَفَعُ بِالْفَحْلِ، وَمَا قَالَهُ فِي مَقَامِ الْمَنْعِ، وَقَدِ اسْتَنْكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ: لَا شَكَّ أَنَّ فِي عِتْقِ الْخَصِيِّ وَكُلِّ نَاقِصٍ فَضِيلَةً، لَكِنَّ الْكَامِلَ أَوْلَى. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي فِي