للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هُنَا حَدِيثَ جَابِرٍ مُخْتَصَرًا جِدًّا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ.

قَوْلُهُ: (أَعْتَقَ رَجُلٌ مِنَّا عَبْدًا لَهُ) لَمْ يَقَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُسَمًّى فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي الْبُيُوعِ أَنَّ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ أَبُو مَذْكُورٍ أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ يُقَالُ لَهُ: يَعْقُوبُ فَفِيهِ التَّعْرِيفُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ، وَكَذَا الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، عَنْ جَابِرٍ، فَلَعَلَّهُ كَانَ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ وَحَالَفَ الْأَنْصَارَ.

قَوْلُهُ: (فَدَعَا النَّبِيُّ ﷺ حَذَفَ الْمَفْعُولَ، وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ الْمَذْكُورَةِ فَدَعَا بِهِ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: مَنْ يَشْتَرِيهِ أَيِ الْغُلَامَ.

قَوْلُهُ: (فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ كَمَا مَضَى فِي الِاسْتِقْرَاضِ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ وَهُوَ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورُ، وَالنَّحَّامُ بِالنُّونِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الثَّقِيلَةِ عِنْدَ الْجُمْهورِ، وَضَبَطَهُ ابْنُ الْكَلْبِيِّ بِضَمِّ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْحَاءِ، وَمَنَعَهُ الصَّغَانِيُّ، وَهُوَ لَقَبُ نُعَيْمٍ، وَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَقَبُ أَبِيهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ غَلَطٌ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ فِيهَا نَحْمَةً مِنْ نُعَيْمٍ اهـ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَعِيَاضٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ مِنْ رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَا تُرَدُّ الرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ بِمِثْلِ هَذَا، فَلَعَلَّ أَبَاهُ أَيْضًا كَانَ يُقَالُ لَهُ النَّحَّامُ. وَالنَّحْمَةُ بِفَتْحِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْمُهْمَلَةِ: الصَّوْتُ. وَقِيلَ: السَّعْلَةُ. وَقِيلَ: النَّحْنَحَةُ. وَنُعَيْمٌ الْمَذْكُورُ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَسِيدِ بْنِ عَبْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عَبِيدِ بْنِ عَوِيجِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَأَسِيدٌ، وَعَبِيدٌ، وَعَوِيجٌ فِي نَسَبِهِ مَفْتُوحٌ أَوَّلُ كُلٍّ مِنْهَا، قُرَشِيٌّ عَدَوِيٌّ أَسْلَمَ قَدِيمًا قَبْلَ عُمَرَ فَكَتَمَ إِسْلَامَهُ، وَأَرَادَ الْهِجْرَةَ فَسَأَلَهُ بَنُو عَدِيٍّ أَنْ يُقِيمَ عَلَى أَيِّ دِينٍ شَاءَ لِأَنَّهُ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَرَامِلِهِمْ وَأَيْتَامِهِمْ فَفَعَلَ، ثُمَّ هَاجَرَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَمَعَهُ أَرْبَعُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَاسْتُشْهِدَ فِي فَتُوحِ الشَّامِ زَمَنَ أَبِي بَكْرٍ أَوْ عُمَرَ. وَرَوَى الْحَارِثُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سَمَّاهُ صَالِحًا، وَكَانَ اسْمُهُ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ نُعَيْمًا.

قَوْلُهُ: (قَالَ جَابِرٌ مَاتَ الْغُلَامُ عَامَ أَوَّلَ) يَأْتِي فِي الْأَحْكَامِ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادٍ، عَنْ عَمْرٍو سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: عَبْدًا قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو فِي إِمَارَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ مِنَ الْبُيُوعِ نَقْلُ مَذَاهِبِ الْفُقَهَاءِ فِي بَيْعِ الْمُدَبَّرِ، وَأَنَّ الْجَوَازَ مُطْلَقًا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَحَكَى النَّوَوِيُّ عَنِ الْجُمْهُورِ مُقَابِلَهُ. وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ أَيْضًا تَخْصِيصُ الْمَنْعِ بِمَنْ دَبَّرَ تَدْبِيرًا مُطْلَقًا، أَمَّا إِذَا قَيَّدَهُ - كَأَنْ يَقُولَ: إِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَفُلَانٌ حُرٌّ - فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهَا كَالْوَصِيَّةِ فَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا، وَعَنْ أَحْمَدَ يَمْتَنِعُ بَيْعُ الْمُدَبَّرَةِ دُونَ الْمُدَبَّرِ، وَعَنِ اللَّيْثِ يَجُوزُ بَيْعُهُ إِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي عِتْقَهُ، وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إِلَّا مِنْ نَفْسِهِ، وَمَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ إِلَى تَقْيِيدِ الْجَوَازِ بِالْحَاجَةِ فَقَالَ: مَنْ مَنَعَ بَيْعَهُ مُطْلَقًا كَانَ الْحَدِيثُ حُجَّةً عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ الْكُلِّيَّ يُنَاقِضُهُ الْجَوَازُ الْجُزْئِيُّ. وَمَنْ أَجَازَهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ: قُلْتُ بِالْحَدِيثِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا، فَلَا يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ بِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الصُّوَرِ.

وَأَجَابَ مَنْ أَجَازَهُ مُطْلَقًا بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَكَانَ مُحْتَاجًا لَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا ذُكِرَ لِبَيَانِ السَّبَبِ فِي الْمُبَادَرَةِ لِبَيْعِهِ لِيَتَبَيَّنَ لِلسَّيِّدِ جَوَازُ الْبَيْعِ، وَلَوْلَا الْحَاجَةُ لَكَانَ عَدَمُ الْبَيْعِ أَوْلَى. وَأَمَّا مَنِ ادَّعَى أَنَّهُ إِنَّمَا بَاعَ خِدْمَتَهُ كَمَا تَقَدَّمَتْ حِكَايَتُهُ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ فَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ، وَبِأَنَّ الْمُخَالِفِينَ لَا يَقُولُونَ بِجَوَازِ بَيْعِ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ، وَقَدِ اتَّفَقَتْ طُرُقُ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ بِلَفْظِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ دَبَّرَ غُلَامًا لَهُ فَمَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا غَيْرَهُ الْحَدِيثَ، وَقَدْ أَعَلَّهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مِرَارًا لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ: فَمَاتَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ