للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمَرْأَةِ دُونَ زَوْجِهَا سِرًّا إِذَا كَانَ الْمُنَاجِي مِمَّنْ يُؤْمَنُ، وَأَنَّ الرَّجُلَ إِذَا رَأَى شَاهِدَ الْحَالِ يَقْتَضِي السُّؤَالَ عَنْ ذَلِكَ سَأَلَ وَأَعَانَ، وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ لِزَوْجَتِهِ وَيُشْهِدَ.

وَفِيهِ قَبُولُ خَبَرِ الْمَرْأَةِ وَلَوْ كَانَتْ أَمَةً، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حُكْمُ الْعَبْدِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

وَفِيهِ أَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعِتْقَ، وَأَنَّ بَيْعَ الْأَمَةِ ذَاتِ الزَّوْجِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ.

وَفِيهِ الْبَدَاءَةُ فِي الْخُطْبَةِ بِالْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ، وَقَوْلُ أَمَّا بَعْدُ فِيهَا، وَالْقِيَامُ فِيهَا، وَجَوَازُ تَعَدُّدِ الشُّرُوطِ لِقَوْلِهِ: مِائَةَ شَرْطٍ وَأَنَّ الْإِيتَاءَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ السَّيِّدُ سَاقِطٌ عَنْهُ إِذَا بَاعَ مُكَاتَبَهُ لِلْعِتْقِ.

وَفِيهِ أَنْ لَا كَرَاهَةَ فِي السَّجْعِ فِي الْكَلَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ قَصْدٍ وَلَا مُتَكَلَّفًا.

وَفِيهِ أَنَّ لِلْمُكَاتَبِ حَالَةً فَارَقَ فِيهَا الْأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ.

وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ يُظْهِرُ الْأُمُورَ الْمُهِمَّةَ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَيُعْلِنُهَا وَيَخْطُبُ بِهَا عَلَى الْمِنْبَرِ لِإِشَاعَتِهَا، وَيُرَاعِي مَعَ ذَلِكَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ أَصْحَابَ بَرِيرَةَ بَلْ قَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ وَلِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ تَقْرِيرُ شَرْعٍ عَامٍّ لِلْمَذْكُورِينَ وَغَيْرِهِمْ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَغَيْرِهَا. وَهَذَا بِخِلَافِ قِصَّةِ عَلِيٍّ فِي خِطْبَتِهِ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَإِنَّهَا كَانَتْ خَاصَّةً بِفَاطِمَةَ فَلِذَلِكَ عَيَّنَهَا. وَفِيهِ حِكَايَةُ الْوِقَائعِ لِتَعْرِيفِ الْأَحْكَامِ، وَأَنَّ اكْتِسَابَ الْمُكَاتَبِ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ، وَجَوَازُ تَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ الرَّشِيدَةِ فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا، وَمُرَاسَلَتِهَا الْأَجَانِبَ فِي أَمْرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَذَلِكَ، وَجَوَازُ شِرَاءِ السِّلْعَةِ لِلرَّاغِبِ فِي شِرَائِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا لِأَنَّ عَائِشَةَ بَذَلَتْ مَا قُرِّرَ نَسِيئَةً عَلَى جِهَةِ النَّقْدِ مَعَ اخْتِلَافِ الْقِيمَةِ بَيْنَ النَّقْدِ وَالنَّسِيئَةِ.

وَفِيهِ جَوَازُ اسْتِدَانَةِ مَنْ لَا مَالَ لَهُ عِنْدَ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: أَكْثَرُ النَّاسِ فِي تَخْرِيجِ الْوُجُوهِ فِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ حَتَّى بَلَّغُوهَا نَحْوَ مِائَةِ وَجْهٍ، وَسَيَأْتِي الْكَثِيرُ مِنْهَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ: صَنَّفَ فِيهِ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ جَرِيرٍ تَصْنِيفَيْنِ كَبِيرَيْنِ أَكْثَرَا فِيهِمَا مِنِ اسْتِنْبَاطِ الْفَوَائِدِ مِنْهَا فَذَكَرَا أَشْيَاءَ.

قُلْتُ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَصْنِيفِ ابْنِ خُزَيْمَةَ، وَوَقَفْتُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ جَرِيرٍ مِنْ كِتَابِهِ تَهْذِيبِ الْآثَارِ. وَلَخَّصْتُ مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ بِعَوْنِ اللَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ بَلَغَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْفَوَائِدَ مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ إِلَى أَرْبَعِمِائَةٍ أَكْثَرُهَا مُسْتَبْعَدٌ مُتَكَلَّفٌ، كَمَا وَقَعَ نَظِيرُ ذَلِكَ للَّذِي صَنَّفَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْمُجَامِعِ فِي رَمَضَانَ فَبَلَغَ بِهِ أَلْفَ فَائِدَةٍ وَفَائِدَةً.

٤ - بَاب بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ. وَقَالَتْ عَائِشَةُ: هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ. وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: هُوَ عَبْدٌ إِنْ عَاشَ وَإِنْ مَاتَ وَإِنْ جَنَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

٢٥٦٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَتْ لَهَا: إِنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَصُبَّ لَهُمْ ثَمَنَكِ صَبَّةً وَاحِدَةً وأُعْتِقَكِ فَعَلْتُ، فَذَكَرَتْ بَرِيرَةُ ذَلِكَ لِأَهْلِهَا فَقَالُوا: لَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُكِ لَنَا.

قَالَ مَالِكٌ: قَالَ يَحْيَى: فَزَعَمَتْ عَمْرَةُ أَنَّ عَائِشَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: اشْتَرِيهَا وَأَعْتِقِيهَا، فَإِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ) فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ، وَالْمُسْتَمْلِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ: إِذَا رَضِيَ وَهَذَا اخْتِيَارٌ مِنْهُ لِأَحَدِ الْأَقْوَالِ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يُعْجِزْ نَفْسَهُ، وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ، وَرَبِيعَةَ،