للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِاللَّهِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَلَفَ الْيَمِينَ.

قَوْلُهُ: (يُقَالُ بِاللَّهِ) أَيْ بِالْمُوَحَّدَةِ (وَتَاللَّهِ) أَيْ بِالْمُثَنَّاةِ (وَوَاللَّهِ) أَيْ بِالْوَاوِ، وَكُلّهَا وَرَدَ بِهَا الْقُرْآنُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ وَقَالَ تَعَالَى: ﴿تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا﴾

قَوْلُهُ: (وَقَالَ النَّبِيُّ : وَرَجُلٌ حَلَفَ بِاللَّهِ كَاذِبًا بَعْدَ الْعَصْرِ) هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمِ قَرِيبًا مَوْصُولًا فِي بَابِ الْيَمِينِ بَعْدَ الْعَصْرِ لَكِنْ بِالْمَعْنَى، وَسَيَأْتِي فِي الْأَحْكَامِ بِلَفْظِ: فَحَلَفَ لَقَدْ أُعْطِيَ بِهَا كَذَا فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ وَلَمْ يُعْطَ بِهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَحْلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى سَبِيلِ التَّكْمِيلِ لِلتَّرْجَمَةِ، وَذَلِكَ مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ثَانِيَ حَدِيثَيِ الْبَابِ حَيْثُ قَالَ: مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ.

أَحَدُهُمَا: حَدِيثُ طَلْحَةَ فِي قِصَّةِ الرَّجُلِ الَّذِي سَأَلَ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ فَإِنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَلِفِ بِاللَّهِ دُونَ زِيَادَةٍ.

ثَانِيهِمَا: حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ مُسْتَوْفًى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٢٧ - بَاب مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْيَمِينِ، وَقَالَ النَّبِيُّ : لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَقَالَ طَاوُسٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَشُرَيْحٌ: الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَحَقُّ مِنْ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ

٢٦٨٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا بِقَوْلِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ فَلَا يَأْخُذْهَا.

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ الْيَمِينِ) أَيْ يَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ رَضِيَ الْمُدَّعِي بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَقَدْ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى قَبُولِ الْبَيِّنَةِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إِنِ اسْتَحْلَفَهُ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ عَلِمَهَا قُبِلَتْ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا، وَإِنْ عَلِمَهَا فَتَرَكَهَا فَلَا حَقَّ لَهُ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ الرِّضَا بِالْيَمِينِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ إِذَا حَلَفَ فَقَدْ بَرِئَ وَإِذَا بَرِئَ فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَبْرَأُ فِي الصُّورَةِ الظَّاهِرَةِ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ النَّبِيُّ : لَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ) هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ الْمَوْصُولِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى الرَّدِّ عَلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَأَنَّ الْحُكْمَ الظَّاهِرَ لَا يُصَيِّرُ الْحَقَّ بَاطِلًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا الْبَاطِلَ حَقًّا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ طَاوُسٌ، وَإِبْرَاهِيمُ) أَيِ النَّخَعِيُّ (وَشُرَيْحٌ: الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَحَقُّ مِنَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ) أَمَّا قَوْلُ طَاوُسٍ، وَإِبْرَاهِيمَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِمَا مَوْصُولَيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُ شُرَيْحٍ فَوَصَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: مَنِ ادَّعَى قَضَائِي فَهُوَ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ، الْحَقُّ أَحَقُّ مِنْ قَضَائِي، الْحَقُّ أَحَقُّ مِنْ يَمِينٍ فَاجِرَةٍ. وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ بِإِسْنَادٍ لَهُ عَنْ عُمَرَ قَالَ: الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ خَيْرٌ مِنَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّمَا قَيَّدَ الْيَمِينَ بِالْفَاجِرَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا إِذَا شَهِدَ عَلَى الْحَالِفِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ، بِخِلَافِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ يَمِينَهُ حِينَئِذٍ فَاجِرَةٌ، وَإِلَّا فَقَدْ يُوَفِّي الرَّجُلُ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ صَادِقٌ ثُمَّ تَقُومُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ الَّتِي شَهِدَتْ بِأَصْلِ الْحَقِّ وَلَمْ يَحْضُرِ الْوَفَاءَ فَلَا تَكُونُ الْيَمِينُ حِينَئِذٍ فَاجِرَةً.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ أُمِّ سَلَمَةَ