للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرُّوَاةُ عَلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ يَأْتُونَا مِنَ الْإِتْيَانِ إِلَّا ابْنَ السَّكَنِ فَعِنْدَهُ فَإِنْ بَاتُّونَا بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ مُشَدَّدَةٍ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ أَحْمَدَ بِلَفْظِ الْمَجِيءِ، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ وَبَلَغَ الْمُشْرِكِينَ خُرُوجَهُ فَأَجْمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى صَدِّهِ عَنْ مَكَّةَ وَعَسْكَرُوا بِبَلْدَحَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا لَامٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ مَوْضِعٌ خَارِجَ مَكَّةَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ النَّبِيُّ : إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةً) فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِيِّ فَقَالَ لَهُ عَيْنُهُ: هَذَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ وَالْغَمِيمُ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَحَكَى عِيَاضٌ فِيهَا التَّصْغِيرَ، قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ كُرَاعُ الْغَمِيمِ وَهُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ اهـ، وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ كَانَ قَرِيبًا مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فَهُوَ غَيْرُ كُرَاعِ الْغَمِيمِ الَّذِي وَقَعَ ذِكْرُهُ فِي الصِّيَامِ وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَأَمَّا الْغَمِيمُ هَذَا فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هُوَ قَرِيبٌ مِنْ مَكَانٍ بَيْنَ رَابِغٍ وَالْجُحْفَةِ، وَقَدْ وَقَعَ فِي شِعْرِ جَرِيرٍ، وَالشَّمَّاخِ بِصِيغَةِ التَّصْغِيرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَبَيَّنَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّ خَالِدًا كَانَ فِي مِائَتَيْ فَارِسٍ فِيهِمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ. وَالطَّلِيعَةُ مُقَدِّمَةُ الْجَيْشِ.

قَوْلُهُ: (فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ) أَيِ الطَّرِيقَ الَّتِي فِيهَا خَالِدٌ وَأَصْحَابُهُ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ الْجَيْشِ فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا) الْقَتَرَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُثَنَّاةِ الْغُبَارُ الْأَسْوَدُ.

قَوْلُهُ: (وَسَارَ النَّبِيُّ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ فَقَالَ : مَنْ يُخْرِجُنَا عَلَى طَرِيقٍ غَيْرِ طَرِيقِهِمُ الَّتِي هُمْ بِهَا؟ قَالَ: فَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ قَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَسَلَكَ بِهِمْ طَرِيقًا وَعْرًا فَأُخْرِجُوا مِنْهَا بَعْدَ أَنْ شَقَّ عَلَيْهِمْ، وَأَفْضَوْا إِلَى أَرْضٍ سَهْلَةٍ، فَقَالَ لَهُمْ: اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ، فَفَعَلُوا. فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لَلْحِطَّةُ الَّتِي عُرِضَتْ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فَامْتَنَعُوا قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِهِ فَقَالَ: اسْلُكُوا ذَاتَ الْيَمِينِ بَيْنَ ظَهْرَيِ الْحَمْضِ فِي طَرِيقٍ تُخْرِجُهُ عَلَى ثَنِيَّةِ الْمِرَارِ مَهْبِطِ الْحُدَيْبِيَةِ اهـ. وَثَنِيَّةُ الْمِرَارِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ هِيَ طَرِيقٌ فِي الْجَبَلِ تُشْرِفُ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ. وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ الشَّارِحُ أَنَّهَا الثَّنِيَّةُ الَّتِي أَسْفَلَ مَكَّةَ، وَهُوَ وَهَمٌ، وَسَمَّى ابْنُ سَعْدٍ الَّذِي سَلَكَ بِهِمْ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ فَقَالَ: مَنْ رَجُلٌ يَأْخُذُ بِنَا عَنْ يَمينِ الْمَحَجَّةِ نَحْوَ سَيْفِ الْبَحْرِ لَعَلَّنَا نَطْوِي مَسْلَحَةَ الْقَوْمِ، وَذَلِكَ مِنَ اللَّيْلِ، فَنَزَلَ رَجُلٌ عَنْ دَابَّتِهِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ.

قَوْلُهُ: (بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ. كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلنَّاقَةِ إِذَا تَرَكَتِ السَّيْرَ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِنْ قُلْتَ: حَلْ. وَاحِدَةً فَالسُّكُونُ، وَإِنْ أَعَدْتَهَا نَوَّنْتَ فِي الْأُولَى وَسَكَّنْتَ فِي الثَّانِيَةِ، وَحَكَى غَيْرُهُ السُّكُونَ فِيهِمَا وَالتَّنْوِينَ كَنَظِيرِهِ فِي بَخٍ بَخٍ، يُقَالُ: حَلْحَلْتُ فُلَانًا إِذَا أَزْعَجْتَهُ عَنْ مَوْضِعِهِ.

قَوْلُهُ: (فَأَلَحَّتْ) بِتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ تَمَادَتْ عَلَى عَدَمِ الْقِيَامِ وَهُوَ مِنَ الْإِلْحَاحِ.

قَوْلُهُ: (خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ) الْخَلَاءُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ لِلْإِبِلِ كَالْحِرَانِ لِلْخَيْلِ، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: لَا يَكُونُ الْخَلَاءُ إِلَّا لِلنُّوقِ خَاصَّةً. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: لَا يُقَالُ لِلْجَمَلِ خَلَأَ لَكِنْ أَلَحَّ. وَالْقَصْوَاءُ بِفَتْحِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَمَدٌّ: اسْمُ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ، وَقِيلَ: كَانَ طَرَفُ أُذُنِهَا مَقْطُوعًا، وَالْقَصْوُ قَطْعُ طَرَفِ الْأُذُنِ يُقَالُ: بَعِيرٌ أَقْصَى وَنَاقَةٌ قُصْوَى، وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ بِالْقَصْرِ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ نُسَخِ أَبِي ذَرٍّ، وَزَعَمَ الدَّاوُدِيُّ أَنَّهَا كَانَتْ لَا تُسْبَقُ فَقِيلَ لَهَا الْقَصْوَاءُ لِأَنَّهَا بَلَغَتْ مِنَ السَّبْقِ أَقْصَاهُ.

قَوْلُهُ: (وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ) أَيْ بِعَادَةٍ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ: فِي هَذَا الْفَصْلِ جَوَازُ الِاسْتِتَارِ عَنْ طَلَائِعِ الْمُشْرِكِينَ وَمُفَاجَأَتِهِمْ بِالْجَيْشِ طَلَبًا لِغِرَّتِهِمْ، وَجَوَازُ السَّفَرِ وَحْدَهُ لِلْحَاجَةِ، وَجَوَازُ التَّنْكِيبِ عَنِ الطَّرِيقِ السَّهْلَةِ إِلَى الْوَعْرَةِ لِلْمَصْلَحَةِ، وَجَوَازُ الْحُكْمِ عَلَى الشَّيْءِ بِمَا عُرِفَ مِنْ عَادَتِهِ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَطْرَأَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، فَإِذَا وَقَعَ مِنْ شَخْصٍ هَفْوَةٌ لَا يُعْهَدُ مِنْهُ مِثْلُهَا لَا يُنْسَبُ إِلَيْهَا وَيُرَدُّ عَلَى مَنْ نَسَبَهُ إِلَيْهَا، وَمَعْذِرَةُ مَنْ نَسَبَهُ إِلَيْهَا مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ صُورَةَ حَالِهِ، لِأَنَّ خَلَاءَ الْقَصْوَاءِ لَوْلَا خَارِقُ الْعَادَةِ لَكَانَ مَا ظَنَّهُ الصَّحَابَةُ صَحِيحًا وَلَمْ يُعَاتِبْهُمُ