للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَجَزَمَ ابْنُ الصَّلَاحِ بِالصِّحَّةِ حَتَّى يَحْرُمَ عَلَى الْجُنُبِ الْمُكْثُ فِيهِ، وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ، قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: لَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ خَصَّ جَوَازَ الْوَقْفِ بِالْمَسْجِدِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: قَدْ نَفَذَ وَقْفُ الْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ مَسْجِدًا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ صِحَّةَ الْوَقْفِ لَا تَخْتَصُّ بِالْمَسْجِدِ، وَوَجْهُ أَخْذِهِ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ الَّذِينَ قَالُوا: لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهَا إِلَّا إِلَى اللَّهِ كَأَنَّهُمْ تَصَدَّقُوا بِالْأَرْضِ الْمَذْكُورَةِ، فَتَمَّ انْعِقَادُ الْوَقْفِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ وَقَفَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَبْنِيَهَا مَسْجِدًا انْعَقَدَ الْوَقْفُ قَبْلَ الْبِنَاءِ. قُلْتُ: وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ) كَذَا لِلْجَمِيعِ إِلَّا الْأَصِيلِيَّ فَنَسَبَهُ فَقَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَبَّوَيْهِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ هُوَ ابْنُ مَنْصُورٍ، وَأَمَّا عَبْدُ الصَّمَدِ فَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (بِالْمَسْجِدِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ، وَسَتَأْتِي بَقِيَّةُ مَبَاحِثِ الْحَدِيثِ فِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٣١ - بَاب وَقْفِ الدَّوَابِّ وَالْكُرَاعِ وَالْعُرُوضِ وَالصَّامِتِ.

وَقَالَ الزُّهْرِيُّ فِيمَنْ جَعَلَ أَلْفَ دِينَارٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدَفَعَهَا إِلَى غُلَامٍ لَهُ تَاجِرٍ يَتْجِرُ بِهَا، وَجَعَلَ رِبْحَهُ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ وَالْأَقْرَبِينَ، هَلْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ رِبْحِ تِلكَ الْأَلْفِ شَيْئًا؟ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَعَلَ رِبْحَهَا صَدَقَةً فِي الْمَسَاكِينِ؟ قَالَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا

٢٧٧٥ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ : أَنَّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَعْطَاهَا رَسُولَ اللَّهِ لَهُ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا رَجُلًا، فَأُخْبِرَ عُمَرُ أَنَّهُ قَدْ وَقَفَهَا يَبِيعُهَا، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَبْتَاعَهَا فَقَالَ: لَا تَبْتَاعُهَا، وَلَا تَرْجِعَنَّ فِي صَدَقَتِكَ.

قَوْلُهُ: (بَابُ وَقْفِ الدَّوَابِّ وَالْكُرَاعِ وَالْعُرُوضِ وَالصَّامِتِ) هَذِهِ التَّرْجَمَةُ مَعْقُودَةٌ لِبَيَانِ وَقْفِ الْمَنْقُولَاتِ، وَالْكُرَاعُ بِضَمِّ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ اسْمٌ لِجَمِيعِ الْخَيْلِ، فَهُوَ بَعْدَ الدَّوَابِّ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. وَالْعُرُوضُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ عَرْضٍ بِالسُّكُونِ، وَهُوَ جَمِيعُ مَا عَدَا النَّقْدَ مِنَ الْمَالِ. وَالصَّامِتُ بِالْمُهْمَلَةِ بِلَفْظِ ضِدِّ النَّاطِقِ، وَالْمُرَادُ مِنَ النَّقْدِ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ. وَوَجْهُ أَخْذِ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى قِصَّةِ فَرَسِ عُمَرَ أَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى صِحَّةِ وَقْفِ الْمَنْقُولَاتِ، فَيَلْحَقُ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنَ الْمَنْقُولَاتِ إِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ تَحْبِيسُ الْعَيْنِ، فَلَا تُبَاعُ وَلَا تُوهَبُ، بَلْ يُنْتَفَعُ بِهَا، وَالِانْتِفَاعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الزُّهْرِيُّ … إِلَخْ) هُوَ ذَهَابٌ مِنَ الزُّهْرِيِّ إِلَى جَوَازِ مِثْلِ ذَلِكَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَنْهُ هَكَذَا ابْنُ وَهْبٍ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي قِصَّةِ عُمَرَ فِي حَمْلِهِ عَلَى الْفَرَسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ وَجَدَهُ يُبَاعُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْهِبَةِ، وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ: لَمْ يَذْكُرْ فِي الْبَابِ إِلَّا الْأَثَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَالْحَدِيثَ فِي قِصَّةِ الْفَرَسِ الَّتِي حَمَلَ عَلَيْهَا عُمَرُ فَقَطْ، وَأَثَرُ الزُّهْرِيِّ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْوَقْفِ الَّذِي أَذِنَ فِيهِ النَّبِيُّ لِعُمَرَ بِأَنْ يَحْبِسَ أَصْلَهُ وَيَنْتَفِعَ بِثَمَرَتِهِ، وَالصَّامِتُ إِنَّمَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِأَنْ يَخْرُجَ بِعَيْنِهِ إِلَى شَيْءٍ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ هَذَا بِتَحْبِيسِ الْأَصْلِ وَالِانْتِفَاعِ بِالثَّمَرَةِ بَلِ الْمَأْذُونُ فِيهِ مَا عَادَ مِنْهُ نَفْعٌ بِفَضْلٍ كَالثَّمَرَةِ وَالْغَلَّةِ وَالِارْتِفَاقِ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ، فَأَمَّا مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إِلَّا بِإِفَاتَةِ عَيْنِهِ فَلَا. اهـ مُلَخَّصًا. وَجَوَابُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ