للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خَمْسُمِائَةِ عَامٍ، فَإِنْ كَانَتَا مَحْفُوظَتَيْنِ كَانَ اخْتِلَافُ الْعَدَدِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اخْتِلَافِ السَّيْرِ، زَادَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ لَوْ أَنَّ الْعَالَمِينَ اجْتَمَعُوا فِي إِحْدَاهُنَّ لَوَسِعَتْهُمْ.

قَوْلُهُ: (أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ) الْمُرَادُ بِالْأَوْسَطِ هُنَا الْأَعْدَلُ وَالْأَفْضَلُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ فَعَلَى هَذَا فَعَطَفَ الْأَعْلَى عَلَيْهِ لِلتَّأْكِيدِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ بِأَحَدِهما الْعُلُوُّ الْحِسِّيُّ وَبِالْآخَرِ الْعُلُوُّ الْمَعْنَوِيُّ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: الْمُرَادُ بِالْأَوْسَطِ السَّعَةُ، وَبِالْأَعْلَى الْفَوْقِيَّةُ.

قَوْلُهُ: (وأُرَى) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَهُوَ شَكٌّ مِنْ يَحْيَى بْنِ صَالِحٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُهُ عَنْ فُلَيْحٍ فَلَمْ يَشُكَّ مِنْهُمْ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ) أَيْ مِنَ الْفِرْدَوْسِ، وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْعَرْشِ، فَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَالْفِرْدَوْسُ أَعْلَاهَا دَرَجَةً وَمِنْهَا - أَيْ مِنَ الدَّرَجَةِ الَّتِي فِيهَا الْفِرْدَوْسُ - تُفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ الْأَرْبَعَةُ وَمِنْ فَوْقِهَا يَكُونُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَرَوَى إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْهُ قَالَ الْفِرْدَوْسُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَفْضَلُهَا وَهُوَ يُؤَيِّدُ التَّفْسِيرَ الْأَوَّلَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ: وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ) يَعْنِي أَنَّ مُحَمَّدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِيهِ بِإِسْنَادِهِ هَذَا فَلَمْ يَشُكَّ كَمَا شَكَّ يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ بَلْ جَزَمَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَسَنِ الْقَابِسِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ وَهُوَ وَهْمٌ لِأَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يُدْرِكْهُ. قُلْتُ: وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ فُلَيْحٍ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ عَنْهُ بِتَمَامِهِ، وَيَأْتِي بَقِيَّةُ شَرْحِهِ هُنَاكَ وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ كُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ. وَالْفِرْدَوْسُ هُوَ الْبُسْتَانُ الَّذِي يَجْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ، وَقِيلَ هُوَ الَّذِي فِيهِ الْعِنَبُ، وَقِيلَ هُوَ بِالرُّومِيَّةِ وَقِيلَ بِالْقِبْطِيَّةِ وَقِيلَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَبِهِ جَزَمَ أَبُو إِسْحَاقَ الزَّجَّاجُ، وَفِي الْحَدِيثِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لَلْمُجَاهِدِينَ، وَفِيهِ عِظَمُ الْجَنَّةِ وَعِظَمُ الْفِرْدَوْسِ مِنْهَا، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ دَرَجَةَ الْمُجَاهِدِ قَدْ يَنَالُهَا غَيْرُ الْمُجَاهِدِ إِمَّا بِالنِّيَّةِ الْخَالِصَةِ أَوْ بِمَا يُوَازِيهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ لِأَنَّهُ ﷺ أَمَرَ الْجَمِيعَ بِالدُّعَاءِ بِالْفِرْدَوْسِ بَعْدَ أَنْ أَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ أَعَدَّ لِلْمُجَاهِدِينَ، وَقِيلَ فِيهِ جَوَازُ الدُّعَاءِ بِمَا لَا يَحْصُلُ لِلدَّاعِي لِمَا ذَكَرْتُهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُوسَى) هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ وَجَرِيرٌ هُوَ ابْنُ حَازِمٍ، وَحَدِيثُ سَمُرَةَ تَقَدَّمَ بِطُولِهِ فِي الْجَنَائِزِ، وَهَذِهِ الْقِطْعَةُ شَاهِدَةٌ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ وَمُفَسِّرَةٌ، لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوْسَطِ الْأَفْضَلُ لِوَصْفِهِ دَارَ الشُّهَدَاءِ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ بِأَنَّهَا أَحْسَنُ وَأَفْضَلُ.

٥ - بَاب الْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَقَابِ قَوْسِ أَحَدِكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ

٢٧٩٢ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.

[الحديث ٢٧٩٢ - طرفاه في: ٢٧٩٦، ٦٥٦٨]

٢٧٩٣ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ هِلَالِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: "لَقَابُ قَوْسٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ وَقَالَ لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ".

[الحديث ٢٧٩٣ - طرفه في: ٣٢٥٣]