للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ النَّبِيُّ ﷺ، قُلْنَا يُوحَى إِلَيْهِ، وَسَكَتَ النَّاسُ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمْ الطَّيْرَ، ثُمَّ إِنَّهُ مَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ الرُّحَضَاءَ، فَقَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ آنِفًا؟ أَوَخَيْرٌ هُوَ - ثَلَاثًا - إِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيْرِ، وَإِنَّهُ كُلّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ مَا يَقْتُلُ حَبَطًا أَوْ يُلِمُّ أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَلَأَتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ الشَّمْسَ فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ ثُمَّ رَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ لِمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ فَجَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَمَنْ لَمْ يَأْخُذْها بِحَقِّهِ فَهُوَ كَالْآكِلِ الَّذِي لَا يَشْبَعُ، وَيَكُونُ عَلَيْهِ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.

قَوْلُهُ: (بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ

أَحَدُهُمَا: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الصَّوْمِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِهِ أَيْ قُلْ فِي فَضْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَنَّ الْخَطَّابِيَّ جَزَمَ أَنَّهُ تَرْخِيمٌ مِنْ فُلَانٍ، وَجَزَمَ غَيْرُهُ بِأَنَّهُ لُغَةٌ فِيهِ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَرَ الْوُضُوءَ إِلَّا مِنَ الْمَخْرَجَيْنِ التَّنْبِيهُ عَلَى وَهْمِ الْقَابِسِيِّ فِي قَوْلِهِ سَعِيدُ بْنُ حَفْصٍ وَقَوْلُهُ: زَوْجَيْنِ أَيْ شَيْئَيْنِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِمَّا يُنْفَقُ، وَالزَّوْجُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ وَعَلَى الِاثْنَيْنِ وَهُوَ هُنَا عَلَى الْوَاحِدِ جَزْمًا.

وَقَوْلُهُ كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ كَأَنَّهُ مِنَ الْمَقْلُوبِ لِأَنَّ الْمُرَادَ خَزَنَةُ كُلِّ بَابٍ، قَالَ الْمُهَلَّبُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّ الْجِهَادَ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ لِأَنَّ الْمُجَاهِدَ يُعْطَى أَجْرَ الْمُصَلِّي وَالصَّائِمِ وَالْمُتَصَدِّقِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، لِأَنَّ بَابَ الرَّيَّانِ لِلصَّائِمِينَ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُجَاهِدَ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا بِإِنْفَاقِ قَلِيلِ الْمَالِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ انْتَهَى. وَمَا جَرَى فِيهِ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ يَرُدُّهُ مَا قَدَّمْتُهُ فِي الصِّيَامِ مِنْ زِيَادَةٍ فِي الْحَدِيثِ لِأَحْمَدَ حَيْثُ قَالَ فِيهِ لِكُلِّ أَهْلِ عَمَلٍ بَابٌ يُدْعَوْنَ بِذَلِكَ الْعَمَلِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِسَبِيلِ اللَّهِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنَ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.

وَقَوْلُهُ لَا تَوًى عَلَيْهِ بِالْمُثَنَّاةِ وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ مَقْصُورٌ، وَحَكَى ابْنُ فَارِسٍ الْمَدَّ.

ثَانِيهِمَا: حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا قَوْلُهُ فَجَعَلَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّهُ مُطَابِقٌ لِمَا تَرْجَمَ لَهُ، وَقَدْ رَوَى النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ خُرَيْمٍ بِالرَّاءِ مُصَغَّرٌ، ابْنِ فَاتِكٍ بِفَاءٍ وَمُثَنَّاةٍ مَكْسُورَةٍ رَفَعَهُ مَنْ أَنْفَقَ نَفَقَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كُتِبَ لَهُ سَبْعُمِائَةِ ضِعْفٍ. قُلْتُ: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ﴾ الْآيَةَ.

وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَإِنَّهُ كُلُّ مَا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ يُقَرِّبُ مِنَ الْقَتْلِ.

وَقَوْلُهُ أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ وَقَعَ فِي السِّيَاقِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ إِلَّا آكِلَةَ الْخَضِرِ أَكَلَتْ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَكَذَا أَثْبَتَهُ الْأَصِيلِيُّ هُنَا وَسَقَطَ لِلْبَاقِينَ، وَكَذَا سَقَطَ قَوْلُهُ حَبَطًا وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ انْتِفَاخُ الْبَطْنِ مِنْ كَثْرَةِ الْأَكْلِ.

٣٨ - بَاب فَضْلِ مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا أَوْ خَلَفَهُ بِخَيْرٍ

٢٨٤٣ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي بُسْرُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ ﵁ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَدْ غَزَا وَمَنْ خَلَفَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا.