للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ: اصْبِرُوا عَلَى الطَّاعَةِ وَصَابِرُوا لِانْتِظَارِ الْوَعْدِ وَرَابِطُوا الْعَدُوَّ وَاتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا بَيْنَكُمْ. وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: اصْبِرُوا عَلَى الْجِهَادِ وَصَابِرُوا الْعَدُوَّ وَرَابِطُوا الْخَيْلَ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَصْلُ الرِّبَاطِ أَنْ يَرْبِطَ هَؤُلَاءِ خَيْلَهُمْ وَهَؤُلَاءِ خَيْلَهُمِ اسْتِعْدَادًا لِلْقِتَالِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ﴾ وَأَخْرَجَ ذَلِكَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُمَا، وَتَفْسِيرُهُ بِرِبَاطِ الْخَيْلِ يَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ. وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ وَهُوَ فِي السُّنَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ غَزْوٌ فِيهِ رِبَاطٌ انْتَهَى. وَحَمْلُ الْآيَةِ عَلَى الْأَوَّلِ أَظْهَرُ، وَمَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو سَلَمَةَ لَا حُجَّةَ فِيهِ وَلَا سِيَّمَا مَعَ ثُبُوتِ حَدِيثِ الْبَابِ، فَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رِبَاطٌ، فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنَ بِهِ وَالتَّرْغِيبِ فِيهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كُلًّا مِنَ الْأَمْرَيْنِ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِالْيَوْمِ فِي التَّرْجَمَةِ وَإِطْلَاقُهُ فِي الْآيَةِ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ مُطْلَقَهَا يُقَيَّدُ بِالْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ أَقَلَّ الرِّبَاطِ يَوْمٌ لِسِيَاقِهِ فِي مَقَامِ الْمُبَالِغَةِ، وَذِكْرُهُ مَعَ مَوْضِعِ سَوْطٍ يُشِيرُ إِلَى ذَلِكَ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (سَمِعَ أَبَا النَّضْرِ) هُوَ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ سَمِعَ، وَهِيَ تُحْذَفُ مِنَ الْخَطِّ كَثِيرًا.

قَوْلُهُ: (خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا) تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْجِهَادِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ هَذَا مُخْتَصَرًا بِلَفْظِ: وَمَا فِيهَا وَالتَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ: وَمَا عَلَيْهَا أَبْلَغُ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ هُنَاكَ على حَدِيثِ الرَّوْحَةِ وَالْغَدْوَةِ وَكَذَا عَلَى حَدِيثِ: مَوْضِعِ سَوْطِ أَحَدِكُمْ لَكِنْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَسَيَأْتِي مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَيْضًا فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ، وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ رِبَاطُ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ خَيْرٌ م نْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ وَلِأَحْمَدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ، عَنْ عُثْمَانَ: رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ يَوْمٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ قَالَ ابْنُ بَزِيزَةَ: وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْإِعْلَامِ بِالزِّيَادَةِ فِي الثَّوَابِ عَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ بِاخْتِلَافِ الْعَامِلِينَ.

قُلْتُ: أَوْ بِاخْتِلَافِ الْعَمَلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ، وَلَا يُعَارِضَانِ حَدِيثَ الْبَابِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ صِيَامَ شَهْرٍ وَقِيَامَهُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا.

٧٤ - بَاب مَنْ غَزَا بِصَبِيٍّ لِلْخِدْمَةِ

٢٨٩٣ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ: الْتَمِسْ غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيْبَرَ فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِي وَأَنَا غُلَامٌ رَاهَقْتُ الْحُلُمَ فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إِذَا نَزَلَ فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ثُمَّ قَدِمْنَا خَيْبَرَ فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْحِصْنَ ذُكِرَ لَهُ جَمَالُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَقَدْ قُتِلَ زَوْجُهَا وَكَانَتْ عَرُوسًا فَاصْطَفَاهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِنَفْسِهِ فَخَرَجَ بِهَا حَتَّى بَلَغْنَا سَدَّ الصَّهْبَاءِ حَلَّتْ فَبَنَى بِهَا ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًا فِي نِطَعٍ صَغِيرٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ فَكَانَتْ تِلْكَ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَلَى صَفِيَّةَ ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ فَتَضَعُ صَفِيَّةُ