للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

﵁ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُفَدِّي رَجُلًا بَعْدَ سَعْدٍ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي.

[الحديث ٢٩٠٥ - أطرافه في: ٤٠٥٨، ٤٠٥٩، ٦١٨٤]

قَوْلُهُ: (بَابُ الْمِجَنِّ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ شَبُّوَيْهِ: التِّرَسَةِ جَمْعُ تُرْسٍ، وَالْمِجَنُّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَتَثْقِيلِ النُّونِ أَيِ الدَّرَقَةُ، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَجْهُ هَذِهِ التَّرَاجِمِ دَفْعُ مَنْ يَتَخَيَّلُ أَنَّ اتِّخَاذَهُ هَذِهِ الْآلَاتِ يُنَافِي التَّوَكُّلَ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْحَذَرَ لَا يَرُدُّ الْقَدَرَ، وَلَكِنْ يُضَيِّقُ مَسَالِكَ الْوَسْوَسَةِ لِمَا طُبِعَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ يَتَّرِسُ بِتُرْسِ صَاحِبِهِ) أَيْ فَلَا بَأْسَ بِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ:

الْأَوَّلُ: حَدِيثُ أَنَسٍ كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَتَرِّسُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِتُرْسٍ وَاحِدٍ الْحَدِيثَ، أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَسَيَأْتِي بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فِي الْمَنَاقِبِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ، قِيلَ: إِنَّ الرَّامِيَ يَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يَسْتُرُهُ لِشَغْلِهِ يَدَيْهِ جَمِيعًا بِالرَّمْيِ، فَلِذَلِكَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتْرُسُهُ بِتُرْسِهِ.

ثَانِيهَا: حَدِيثُ سَهْلٍ وَهُوَ ابْنُ سَعْدٍ "لَمَّا كُسِرَتْ بَيْضَةُ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى رَأْسِهِ الْحَدِيثَ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ: وَكَانَ عَلِيٌّ يَخْتَلِفُ بِالْمَاءِ فِي الْمِجَنِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ لَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى قَرِيبًا، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

ثَالِثُهَا: حَدِيثُ عُمَرَ كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ الْحَدِيثَ، ذَكَرَ مِنْهُ طَرَفًا، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ فَرْضِ الْخُمُسِ وَفِي الْفَرَائِضِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ قَوْلُهُ هُنَا: ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ عُدَّةً، لِأَنَّ الْمِجَنَّ مِنْ جُمْلَةِ آلَاتِ السِّلَاحِ كَمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَتْ عِنْدَهُ دَرَقَةٌ فَقَالَ: لَوْلَا أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِي: احْبِسْ سِلَاحَكَ لَأَعْطَيْتُ هَذِهِ الدَّرَقَةَ لِبَعْضِ أَوْلَادِي.

رابعها: حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ ﷺ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: ارْمِ فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي الْمَنَاقِبِ وَفِي غَزْوَةِ أُحُدٍ وَقَوْلُهُ فِيهِ: حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ، وَسُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ وَزَعَمَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ أَنَّ لَفْظَ قَبِيصَةَ هُنَا تَصْحِيفٌ مِمَّنْ دُونَ الْبُخَارِيِّ وَأَنَّ الصَّوَابَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَعَلَى هَذَا فَسُفْيَانُ هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ؛ لِأَنَّ قُتَيْبَةَ لَمْ يَسْمَعْ مِنَ الثَّوْرِيِّ، لَكِنْ لَا أَعْرِفُ لِإِنْكَارِهِ مَعْنًى إِذْ لَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ السُّفْيَانَيْنِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ هُنَا عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيَى أَيْضًا، وَدُخُولُ هَذَا الْحَدِيثِ هُنَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْ رُكْنَيِ التَّرْجَمَةِ، وَقَدْ أَثْبَتَ ابْنُ شَبُّوَيْهِ فِي رِوَايَتِهِ قَبْلَهُ لَفْظَ: بَابٌ بِغَيْرِ تَرْجَمَةٍ، وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ بِالتَّرْجَمَةِ الَّتِي قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الرَّامِيَ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ شَيْءٍ يَقِي بِهِ عَنْ نَفْسِهِ سِهَامَ مَنْ يُرَامِيهِ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ جَوَازُ التَّفْدِيَةِ، وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ بِأَدِلَّتِهِ وَبَيَانُ مَا يُعَارِضُهُ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

٨١ - بَاب الدَّرَقِ

٢٩٠٦ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ عَمْرٌو:، حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ ﵂، دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ: مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: دَعْهُمَا فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا.

٢٩٠٧ - قَالَتْ: وَكَانَ يَوْمُ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَإِمَّا