للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَذْكُرْ أُبَيًّا، وَهُوَ مِمَّا يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ، أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، أَحَدُهُمَا هَكَذَا، وَالْآخَرُ قَالَ فِيهِ: عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقَدْ رَوَاهُ مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِلَا وَاسِطَةٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ كَمَا تَرَى، وَقَدْ عَابَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ إِخْرَاجَهُ رِوَايَةَ أَيُّوبَ لِاضْطِرَابِهَا، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ اعْتِمَادَ الْبُخَارِيِّ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ إِنَّمَا هُوَ عَلَى رِوَايَةِ مَعْمَرٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَإِنْ كَانَ أَخْرَجَهُ مَقْرُونًا بِأَيُّوبَ فَرِوَايَةُ أَيُّوبَ إِمَّا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِلَا وَاسِطَةٍ أَوْ بِوَاسِطَةِ وَلَدِهِ عَبْدِ اللَّهِ. وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ قَدْحًا لِثِقَةِ الْجَمِيعِ، فَظَهَرَ أَنَّهُ اخْتِلَافٌ لَا يَضُرُّ لِأَنَّهُ يَدُورُ عَلَى ثِقَاتٍ حُفَّاظٍ: إِنْ كَانَ بِإِثْبَاتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأُبَيِّ بْنَ كَعْبٍ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ بِإِسْقَاطِهِمَا فَأَيُّوبُ قَدْ سَمِعَ مِنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ فَهُوَ مِنْ مُرْسَلِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَعْتَمِدِ الْبُخَارِيُّ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ الْخَالِصِ كَمَا تَرَى. وَقَدْ سَبَقَ إِلَى الِاعْتِذَارِ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَرَدَّ كَلَامَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِنَحْوِ هَذَا الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ فِي تَقْيِيدِ الْمُهْمَلِ.

الطريقة الثانية: قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ:، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَمَّا كَثِيرُ بْنُ كَثِيرٍ فَحَدَّثَنِي قَالَ: إِنِّي وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ جُلُوسٌ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ: مَا هَكَذَا حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: أَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ ﵈ وَهِيَ تُرْضِعُهُ مَعَهَا شَنَّةٌ، لَمْ يَرْفَعْهُ) انْتَهَى، هَكَذَا سَاقَهُ مُخْتَصَرًا مُعَلَّقًا، وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَنْ فَارُوقٍ الْخَطَّابِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَنْصَارِيِّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، لَكِنَّهُ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا أَيْضًا، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ مَكَّةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، وَزَادَ فِي رِوَايَتِهِ أبي وَعُثْمَانُ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعُثْمَانُ بْنُ حَبَشِيٍّ جُلُوسٌ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَكَأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْأَنْصَارِيِّ كَذَلِكَ.

وَقَدْ رَوَاهُ الْأَزْرَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ الزِّنْجِيِّ، وَالْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ جُعْشُمٍ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ كَثِيرٍ قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ فِي أُنَاسٍ مَعَ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بِأَعْلَى الْمَسْجِدِ لَيْلًا فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: سَلُونِي قَبْلَ أَلَّا تَرَوْنِي، فَسَأَلَهُ الْقَوْمُ فَأَكْثَرُوا، فَكَانَ مِمَّا سُئِلَ عَنْهُ أَنْ قَالَ رَجُلٌ: أَحَقُّ مَا سَمِعْنَا فِي الْمَقَامِ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حِينَ جَاءَ مِنَ الشَّامِ حَلَفَ لِامْرَأَتِهِ أَنْ لَا يَنْزِلَ بِمَكَّةَ حَتَّى يَرْجِعَ، فَقَرَّبَتْ (١) إِلَيْهِ امْرَأَةُ إِسْمَاعِيلَ الْمَقَامَ فَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَيْهِ لَا يَنْزِلُ، فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: لَيْسَ هَكَذَا حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَكِنْ فَسَاقَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ. وَأَخْرَجَهُ الْفَاكِهِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ سَلُونِي، فَإِنِّي قَدْ أَوْشَكْتُ أَنْ أَذْهَبَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِكُمْ. فَأَكْثَرَ النَّاسُ مَسْأَلَتَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَصْلَحَكَ اللَّهُ، أَرَأَيْتَ هَذَا الْمَقَامَ هُوَ كَمَا كُنَّا نَتَحَدَّثُ؟ قَالَ: وَمَا كُنْتَ تَتَحَدَّثُ؟ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حِينَ جَاءَ عَرَضَتْ عَلَيْهِ امْرَأَةُ إِسْمَاعِيلَ النُّزُولَ فَأَبَى أَنْ يَنْزِلَ، فَجَاءَتْهُ بِذَا الْحَجَرِ فَوَضَعَتْهُ لَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ كَذَلِكَ وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَعْمَرٍ.

قَوْلُهُ: (أَوَّلُ مَا اتَّخَذَ النِّسَاءُ الْمِنْطَقَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الطَّاءِ هُوَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ النُّطُقُ بِضَمِّ النُّونِ وَالطَّاءِ وَهُوَ جَمْعُ مِنْطَقٍ، وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سَارَةَ كَانَتْ وَهَبَتْ هَاجَرَ لِإِبْرَاهِيمَ فَحَمَلَتْ مِنْهُ بِإِسْمَاعِيلَ، فَلَمَّا وَلَدَتْهُ غَارَتْ مِنْهَا فَحَلَفَتْ لَتَقْطَعَنَّ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَعْضَاءٍ فَاتَّخَذَتْ هَاجَرُ مِنْطَقًا فَشَدَّتْ بِهِ وَسَطَهَا وَهَرَبَتْ وَجَرَّتْ ذَيْلَهَا لِتُخْفِيَ أَثَرَهَا عَلَى سَارَةَ، وَيُقَالُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ شَفَعَ


(١) في هامش طبعة بولاق: في نسخة "فقدمت".