للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خَيْرَ النَّاسِ فَأَحْبَلْتَ هَذِهِ، اذْهَبُوا بِهِ فَاصْلُبُوهُ. وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ: فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَهُ وَيَقُولُونَ: مُرَاءٍ تُخَادِعُ النَّاسَ بِعَمَلِكَ. وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ: فَلَمَّا مَرُّوا بِهِ نَحْوَ بَيْتِ الزَّوَانِي خَرَجْنَ يَنْظُرْنَ فَتَبَسَّمَ، فَقَالُوا: لِمَ يَضْحَكُ؟ حَتَّى مَرَّ بِالزَّوَانِي.

قَوْلُهُ: (فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى) وَفِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ فَقَامَ وَصَلَّى وَدَعَا وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ قَالَ فَتَوَلَّوْا عَنِّي، فَتَوَلَّوْا عَنْهُ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ فَقَالَ: الرَّاعِي) زَادَ فِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ فَطَعَنَهُ بِأُصْبَعِهِ فَقَالَ: بِاللَّهِ يَا غُلَامُ مَنْ أَبُوكَ؟ فَقَالَ: أَنَا ابْنُ الرَّاعِي. وَفِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ عِنْدَ ابْنِ الْمُبَارَكِ فِي الْبِرِّ وَالصِّلَةِ أَنَّهُ سَأَلَهُمْ أَنْ يُنْظِرُوهُ فَأَنْظَرُوهُ، فَرَأَى فِي الْمَنَامِ مَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَطْعَنَ فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ فَيَقُولُ: أَيَّتُهَا السَّخْلَةُ مَنْ أَبُوكَ؟ فَفَعَلَ، فَقَالَ: رَاعِي الْغَنَمِ. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ: ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَ الصَّبِيِّ فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ رَاعِي الضَّأْنِ. وَفِي رِوَايَتِهِ عِنْدَ أَحْمَدَ: فَوَضَعَ أُصْبَعَهُ عَلَى بَطْنِهَا. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ فَأُتِيَ بِالْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَفَمُهُ فِي ثَدْيِهَا، فَقَالَ لَهُ جُرَيْجٌ: يَا غُلَامُ مَنْ أَبُوكَ؟ فَنَزَعَ الْغُلَامُ فَاهُ مِنَ الثَّدْيِ وَقَالَ: أَبِي رَاعِي الضَّأْنِ. وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ: فَلَمَّا أُدْخِلَ عَلَى مَلِكِهِمْ قَالَ جُرَيْجٌ: أَيْنَ الصَّبِيُّ الَّذِي وَلَدَتْهُ فَأُتِيَ بِهِ، فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: فُلَانٌ، سَمَّى أَبَاهُ.

قُلْتُ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ الرَّاعِي، وَيُقَالُ: إِنَّ اسْمَهُ صُهَيْبٌ، وَأَمَّا الِابْنُ فَتَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ بِلَفْظٍ فَقَالَ: يَا أَبَا بَوْسٍ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ أَوَاخِرَ الصَّلَاةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ اسْمُهُ كَمَا زَعَمَ الدَّاوُدِيُّ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الصَّغِيرُ، وَفِي حَدِيثِ عِمْرَانَ: ثُمَّ انْتَهَى إِلَى شَجَرَةٍ فَأَخَذَ مِنْهَا غُصْنًا ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ وَهُوَ فِي مَهْدِهِ فَضَرَبَهُ بِذَلِكَ الْغُصْنِ فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ؟ وَوَقَعَ فِي التَّنْبِيهِ لِأَبِي اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيِّ بِغَيْرِ إِسْنَادٍ أَنَّهُ قَالَ لِلْمَرْأَةِ: أَيْنَ أَصَبْتُكِ؟ قَالَتْ: تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَأَتَى تِلْكَ الشَّجَرَةَ فَقَالَ: يَا شَجَرَةُ أَسْأَلُكِ بِالَّذِي خَلَقَكِ مَنْ زَنَى بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ؟ فَقَالَ كُلُّ غُصْنِ مِنْهَا: رَاعِي الْغَنَمِ وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا الِاخْتِلَافِ بِوُقُوعِ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ بِأَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَ الصَّبِيِّ، وَوَضَعَ إِصْبَعَهُ عَلَى بَطْنِ أُمِّهِ، وَطَعَنَهُ بِأصْبَعِهِ، وَضَرَبَهُ بِطَرَفِ الْعَصَا الَّتِي كَانَتْ مَعَهُ. وَأَبْعَدَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهَا بِتَعَدُّدِ الْقِصَّةِ وَأَنَّهُ اسْتَنْطَقَهُ وَهُوَ فِي بَطْنِهَا مَرَّةً قَبْلَ أَنْ تَلِدَ ثُمَّ اسْتَنْطَقَهُ بَعْدَ أَنْ وُلِدَ، زَادَ فِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ فَوَثَبُوا إِلَى جُرَيْجٍ فَجَعَلُوا يُقَبِّلُونَهُ وَزَادَ الْأَعْرَجُ فِي رِوَايَتِهِ فَأَبْرَأَ اللَّهُ جُرَيْجًا وَأَعْظَمَ النَّاسُ أَمْرَ جُرَيْجٍ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ فَسَبَّحَ النَّاسُ وَعَجِبُوا.

قَوْلُهُ: (قَالُوا نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ) وَفِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ جَرِيرٍ: ابْنُوهَا مِنْ طِينٍ كَمَا كَانَتْ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي رَافِعٍ: فَقَالُوا نَبْنِي مَا هَدَمْنَا مِنْ دَيْرِكَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، قَالَ: لَا وَلَكِنْ أَعِيدُوهُ كَمَا كَانَ، فَفَعَلُوا وَفِي نَقْلِ أَبِي اللَّيْثِ: فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ نَبْنِيهَا مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: لَا. قَالَ مِنْ فِضَّةٍ. قَالَ: لَا إِلَّا مِنْ طِينٍ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ: فَرَدُّوهَا فَرَجَعَ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَقَالُوا لَهُ: بِاللَّهِ مِمَّ ضَحِكْتَ؟ فَقَالَ: مَا ضَحِكْتُ إِلَّا مِنْ دَعْوَةٍ دَعَتْهَا عَلَيَّ أُمِّي وَفِي الْحَدِيثِ إِيثَارُ إِجَابَةِ الْأُمِّ عَلَى صَلَاةِ التَّطَوُّعِ لِأَنَّ الِاسْتِمْرَارَ فِيهَا نَافِلَةٌ وَإِجَابَةُ الْأُمِّ وَبِرُّهَا وَاجِبٌ.

قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: إِنَّمَا دَعَتْ عَلَيْهِ فَأُجِيبَتْ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُخَفِّفَ وَيُجِيبَهَا، لَكِنْ لَعَلَّهُ خَشِيَ أَنْ تَدْعُوَهُ إِلَى مُفَارَقَةِ صَوْمَعَتِهِ وَالْعَوْدِ إِلَى الدُّنْيَا وَتَعَلُّقَاتِهَا، كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا كَانَتْ تَأْتِيهِ فَيُكَلِّمُهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ تَشْتَاقُ إِلَيْهِ فَتَزُورُهُ وَتَقْتَنِعُ بِرُؤْيَتِهِ وَتَكْلِيمِهِ، وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يُخَفِّفْ ثُمَّ يُجِيبُهَا لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَنْقَطِعَ خُشُوعُهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: لَوْ كَانَ جُرَيْجٌ فَقِيهًا لَعَلِمَ أَنَّ إِجَابَةَ أُمِّهِ أَوْلَى مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ. أَخْرَجَهُ الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، وَهَذَا إِذَا حُمِلَ عَلَى إِطْلَاقِهِ اسْتُفِيدَ مِنْهُ جَوَازُ قَطْعِ الصَّلَاةِ مُطْلَقًا لِإِجَابَةِ نِدَاءِ الْأُمِّ نَفْلًا كَانَتْ أَوْ فَرْضًا، وَهُوَ وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى