للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ أَخَذَ مَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ، أَوْ مَا أَذِنَ لَهُ صَاحِبُهُ فِي أَخْذِهِ، أَوْ أَخَذَهُ لِيُقَلِّبَهُ وَيَنْظُرَ فِيهِ وَلَمْ يَقْصِدَ الْغَصْبَ وَالِاسْتِيلَاءَ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عِيسَى كَانَ غَيْرَ جَازِمٍ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ اسْتِفْهَامَهُ بِقَوْلِهِ سَرَقْتَ؟ وَتَكُونُ أَدَاةُ الِاسْتِفْهَامِ مَحْذُوفَةً وَهُوَ سَائِغٌ كَثِيرٌ انْتَهَى.

وَاحْتِمَالُ الِاسْتِفْهَامِ بَعِيدٌ مَعَ جَزْمِهِ Object بِأَنَّ عِيسَى رَأَى رَجُلًا يَسْرِقُ، وَاحْتِمَالُ كَوْنِهِ يَحِلُّ لَهُ الْأَخْذُ بَعِيدٌ أَيْضًا بِهَذَا الْجَزْمِ بِعَيْنِهِ، وَالْأَوَّلُ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي عِيَاضٍ، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ إِغَاثَةُ اللَّهْفَانِ فَقَالَ: هَذَا تَأْوِيلٌ مُتَكَلَّفٌ، وَالْحَقُّ أَنَّ اللَّهَ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَجَلَّ مِنْ أَنْ يَحْلِفَ بِهِ أَحَدٌ كَاذِبًا، فَدَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ تُهْمَةِ الْحَالِفِ وَتُهْمَةِ بَصَرِهِ فَرَدَّ التُّهْمَةَ إِلَى بَصَرِهِ، كَمَا ظَنَّ آدَمُ صِدْقَ إِبْلِيسَ لَمَّا حَلَفَ لَهُ أَنَّهُ لَهُ نَاصِحٌ. قُلْتُ: وَلَيْسَ بِدُونِ تَأْوِيلِ الْقَاضِي فِي التَّكَلُّفِ، وَالتَّشْبِيهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى دَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ، وَعَلَى مَنْعِ الْقَضَاءِ بِالْعِلْمِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مَنْعُهُ مُطْلَقًا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ جَوَازُهُ إِلَّا فِي الْحُدُودِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدَيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، هُوَ مِنْ رِوَايَةِ الصَّحَابِيِّ عَنِ الصَّحَابِيِّ.

قَوْلُهُ: (لَا تُطْرُونِي) بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَالْإِطْرَاءُ الْمَدْحُ بِالْبَاطِلِ تَقُولُ: أَطْرَيْتُ فُلَانًا مَدَحْتُهُ فَأَفْرَطْتُ فِي مَدْحِهِ.

قَوْلُهُ: (كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ) أَيْ فِي دَعْوَاهُمْ فِيهِ الْإِلَهِيَّةَ وَغَيْرَ ذَلِكَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِ السَّقِيفَةِ، وَقَدْ سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ مُطَوَّلًا فِي كِتَابِ الْمُحَارِبِينَ، وَذَكَرَ مِنْهُ قِطَعًا مُتَفَرِّقَةً فِيمَا مَضَى وَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا فِي مَكَانِهَا.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ.

قَوْلُهُ: (إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ قَالَ لِلشَّعْبِيِّ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ) حَذَفَ السُّؤَالَ وَقَدْ بَيَّنَهُ فِي رِوَايَةِ حِبَّانَ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ قَالَ لِلشَّعْبِيِّ: إِنَّا نَقُولُ عِنْدَنَا إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَهُوَ كَالرَّاكِبِ بَدَنَتَهُ، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ فَذَكَرَهُ، أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (إِذَا أَدَّبَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ) يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا آمَنَ الرَّجُلُ بِعِيسَى ثُمَّ آمَنَ بِي فَلَهُ أَجْرَانِ) تَقَدَّمَ مَبَاحِثُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ مُسْتَوْفَاةٌ، وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ عِيسَى وَبَيْنَ نَبِيِّنَا Object نَبِيٌّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَالْعَبْدُ إِذَا اتَّقَى رَبَّهُ إِلَخْ) تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفَرَبْرِيُّ: ذُكِرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قَبِيصَةَ قَالَ: هُمْ الْمُرْتَدُّونَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَاتَلَهُمْ أَبُو بَكْرٍ Object.

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ حَدَيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً (١). الْحَدِيثَ. وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي أَوَاخِرِ الرِّقَاقِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذِكْرُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ﴾.

قَوْلُهُ: (قَالَ الْفَرَبْرِيُّ ذُكِرَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ الْبُخَارِيُّ (عَنْ قَبِيصَةَ) هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ أَحَدِ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، أَيْ إِنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ: مِنْ أَصْحَابِي أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ قَبْلَ الرِّدَّةِ لَا أَنَّهُمْ مَاتُوا عَلَى ذَلِكَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنِ ارْتَدَّ سُلِبَ اسْمَ الصُّحْبَةِ لِأَنَّهَا نِسْبَةٌ شَرِيفَةٌ إِسْلَامِيَّةٌ فَلَا يَسْتَحِقُّهَا مَنِ ارْتَدَّ بَعْدَ أَنِ اتَّصَفَ بِهَا، وَقَدْ أَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُوسَى، عَنْ إِسْحَاقَ، عَنْ قَبِيصَةَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ بِهِ.

٤٩ - بَاب نُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ Object

٣٤٤٨ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ Object قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ Object: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ


(١) لفظ الحديث المشروح هنا "إنكم تحشرون حفاة".