للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: "تُقَاتِلُكُمْ الْيَهُودُ فَتُسَلَّطُونَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَقُولُ الْحَجَرُ يَا مُسْلِمُ هَذَا يَهُودِيٌّ وَرَائِي فَاقْتُلْهُ".

الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ حَدِيثُ حُذَيْفَةَ فِي ذِكْرِ الْفِتْنَةِ:

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ) هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ غُنْدَرٌ.

قَوْلُهُ: (عَنْ سُلَيْمَانَ) هُوَ الْأَعْمَشُ، وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى رِوَايَةِ أَصْلِ الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ - وَهُوَ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ - جَامِعُ بْنِ شَدَّادٍ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّوْمِ، وَوَافَقَ شَقِيقًا عَلَى رِوَايَتِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ.

قَوْلُهُ: (إنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: أَيُّكُمْ يَحْفَظُ؟) فِي رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنِ الْأَعْمَشِ فِي الصَّلَاةِ كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ الصَّحَابَةُ، فَفِي رِوَايَةِ رِبْعِيٍّ، عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ فَقَالَ: سَأَلَ عُمَرُ أَمْسَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ أَيُّكُمْ سَمِعَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْفِتْنَةِ؟ قَالَ: أَنَا أَحْفَظُ كَمَا قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الزَّكَاةِ أَنَا أَحْفَظُهُ كَمَا قَالَهُ.

قَوْلُهُ: (قَالَ هَاتِ إِنَّكَ لَجَرِيءٌ) فِي الزَّكَاةِ إِنَّكَ عَلَيْهِ لَجَرِيءٌ، فَكَيْفَ (١).

قَوْلُهُ: (فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ) زَادَ فِي الصَّلَاةِ وَوَلَدِهِ.

قَوْلُهُ: (تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ) زَادَ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمُ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الصَّلَاةِ وَمَا مَعَهَا مُكَفِّرَةً لِلْمَذْكُورَاتِ كُلِّهَا لَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ مَثَلًا مُكَفِّرَةٌ لِلْفِتْنَةِ فِي الْأَهْلِ وَالصَّوْمِ فِي الْوَلَدِ إِلَخْ، وَالْمُرَادُ بِالْفِتْنَةِ مَا يَعْرِضُ لِلْإِنْسَانِ مَعَ مَنْ ذُكِرَ مِنَ الْبَشَرِ ; أَوْ الِالْتِهَاءُ بِهِمْ أَوْ أَنْ يَأْتِيَ لِأَجْلِهِمْ بِمَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَوْ يُخِلَّ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ. وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ وُقُوعَ التَّكْفِيرِ بِالْمَذْكُورَاتِ لِلْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ وَالْإِخْلَالِ بِالْوَاجِبِ ; لِأَنَّ الطَّاعَاتِ لَا تُسْقِطُ ذَلِكَ، فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْوُقُوعِ فِي الْمَكْرُوهِ وَالْإِخْلَالِ بِالْمُسْتَحَبِّ لَمْ يُنَاسِبْ إِطْلَاقَ التَّكْفِيرِ، وَالْجَوَابُ الْتِزَامُ الْأَوَّلِ وَأَنَّ الْمُمْتَنِعَ مِنْ تَكْفِيرِ الْحَرَامِ. وَالْوَاجِبِ مَا كَانَ كَبِيرَةً فَهِيَ الَّتِي فِيهَا النِّزَاعُ.

وَأَمَّا الصَّغَائِرُ فَلَا نِزَاعَ أَنَّهَا تُكَفَّرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ الْآيَةَ، وَقَدْ مَضَى شَيْءٌ مِنَ الْبَحْثِ فِي هَذَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ. وَقَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ: الْفِتْنَةُ بِالْأَهْلِ تَقَعُ بِالْمَيْلِ إِلَيْهِنَّ أَوْ عَلَيْهِنَّ فِي الْقِسْمَةِ وَالْإِيثَارِ حَتَّى فِي أَوْلَادِهِنَّ، وَمِنْ جِهَةِ التَّفْرِيطِ فِي الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ لَهُنَّ، وَبِالْمَالِ يَقَعُ الِاشْتِغَالُ بِهِ عَنِ الْعِبَادَةِ أَوْ بِحَبْسِهِ عَنْ إِخْرَاجِ حَقِّ اللَّهِ، وَالْفِتْنَةُ بِالْأَوْلَادِ تَقَعُ بِالْمَيْلِ الطَّبِيعِيِّ إِلَى الْوَلَدِ وَإِيثَارِهِ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، وَالْفِتْنَةُ بِالْجَارِ تَقَعُ بِالْحَسَدِ وَالْمُفَاخَرَةِ وَالْمُزَاحَمَةِ فِي الْحُقُوقِ وَإِهْمَالِ التَّعَاقُدِ، ثُمَّ قَالَ: وَأَسْبَابُ الْفِتْنَةِ بِمَنْ ذُكِرَ غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ فِيمَا ذَكَرْتُ مِنَ الْأَمْثِلَةِ، وَأَمَّا تَخْصِيصُ الصَّلَاةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا بِالتَّكْفِيرِ دُونَ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ فَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى تَعْظِيمِ قَدْرِهَا لَا نَفْيَ أَنَّ غَيْرَهَا مِنَ الْحَسَنَاتِ لَيْسَ فِيهَا صَلَاحِيَةُ التَّكْفِيرِ، ثُمَّ إِنَّ التَّكْفِيرَ الْمَذْكُورَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ بِنَفْسِ فِعْلِ الْحَسَنَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَقَعَ بِالْمُوَازَنَةِ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ: خُصَّ الرَّجُلُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ صَاحِبُ الْحُكْمِ فِي دَارِهِ وَأَهْلِهِ، وَإِلَّا فَالنِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ فِي الْحُكْمِ. ثُمَّ أَشَارَ إِلَى أَنَّ التَّكْفِيرَ لَا يَخْتَصُّ بِالْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَاتِ، بَلْ نَبَّهَ بِهَا عَلَى مَا عَدَاهَا، وَالضَّابِطُ أَنَّ كُلَّ مَا يَشْغَلُ صَاحِبَهُ عَنِ اللَّهِ فَهُوَ فِتْنَةٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ الْمُكَفِّرَاتُ لَا تَخْتَصُّ بِمَا ذُكِرَ بَلْ نَبَّهَ بِهِ عَلَى مَا عَدَاهَا، فَذَكَرَ مِنْ عِبَادَةِ الْأَفْعَالِ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ، وَمِنْ عِبَادَةِ الْمَالِ


(١) هو في كتاب الزكاة برقم ١٤٣٥، وقبله في كتاب الصلاة برقم ٥٢٥، وانظر رقم ١٨٩٥ ورقم ٧٠٩٦