للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللَّهُ ثَالِثُهُمَا"

[الحديث ٣٦٥٣ - طرفاه في: ٣٩٢٢، ٤٦٦٣]

قَوْلُهُ: (بَابُ مَنَاقِبِ الْمُهَاجِرِينَ وَفَضْلِهِمْ) سَقَطَ لَفْظُ بَابُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، وَالْمُرَادُ بِالْمُهَاجِرِينَ مَنْ عَدَا الْأَنْصَارِ وَمَنْ أَسْلَمَ يَوْمُ الْفَتْحِ وَهَلُمَّ جَرًّا، فَالصَّحَابَةُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ، وَالْأَنْصَارُ هُمُ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ وَحُلَفَاؤُهُمْ وَمَوَالِيهِمْ.

قَوْلُهُ: (مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي قُحَافَةَ التَّيْمِيُّ) هَكَذَا جَزَمَ بِأَنَّ اسْمَ أَبِي بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَيُقَالُ: كَانَ اسْمُهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ عَبْدَ الْكَعْبَةِ وَكَانَ يُسَمَّى أَيْضًا عَتِيقًا، وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ اسْمٌ لَهُ أَصْلِيٌّ، أَوْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي نَسَبِهِ مَا يُعَابُ بِهِ، أَوْ لِقِدَمِهِ فِي الْخَيْرِ وَسَبْقِهِ إِلَى الْإِسْلَامِ، أَوْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ لِحُسْنِهِ، أَوْ لِأَنَّ أُمَّهُ كَانَ لَا يَعِيشُ لَهَا وَلَدٌ فَلَمَّا وُلِدَ اسْتَقْبَلَتْ بِهِ الْبَيْتَ فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ هَذَا عَتِيقُكَ مِنَ الْمَوْتِ، أَوْ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَشَّرَهُ بِأَنَّ اللَّهَ أَعْتَقَهُ مِنَ النَّارِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي هَذَا الْأَخِيرِ حَدِيثٌ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَآخَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَزَادَ فِيهِ وَكَانَ اسْمُهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُثْمَانَ وَعُثْمَانُ اسْمُ أَبِي قُحَافَةَ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي ذَلِكَ كَمَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِي كُنْيَةِ الصِّدِّيقِ.

وَلُقِّبَ الصِّدِّيقَ لِسَبْقِهِ إِلَى تَصْدِيقِ النَّبِيِّ ﷺ، وَقِيلَ: كَانَ ابْتِدَاءُ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ صَبِيحَةَ الْإِسْرَاءِ. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَحْلِفُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ اسْمَ أَبِي بَكْرٍ مِنَ السَّمَاءِ الصِّدِّيقُ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَأَمَّا نَسَبُهُ فَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبٍ، يَجْتَمِعُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ، وَعَدَدُ آبَائِهِمَا إِلَى مُرَّةَ سَوَاءٌ، وَأُمُّ أَبِي بَكْرٍ سَلْمَى وَتُكَنَّى أُمَّ الْخَيْرِ بِنْتَ صَخْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَمْرٍو الْمَذْكُورِ، أَسْلَمَتْ وَهَاجَرَتْ، وَذَلِكَ مَعْدُودٌ مِنْ مَنَاقِبِهِ ; لِأَنَّهُ انْتَظَمَ إِسْلَامُ أَبَوَيْهِ وَجَمِيعِ أَوْلَادِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَوْلِ اللَّهِ ﷿: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ﴾ الْآيَةَ) سَاقَهَا الْأَصِيلِيُّ وَكَرِيمَةُ إِلَى قَوْلِهِ: هُمُ الصَّادِقُونَ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذِهِ الْآيَةِ إِلَى ثُبُوتِ فَضْلِ الْمُهَاجِرِينَ لِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ أَوْصَافِهِمُ الْجَمِيلَةِ وَشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ بِالصِّدْقِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ الْآيَةَ) سَاقَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَا إِلَى ثُبُوتِ فَضْلِ الْأَنْصَارِ فَإِنَّهُمُ امْتَثَلُوا الْأَمْرَ فِي نَصْرِهِ، وَكَانَ نَصْرُ اللَّهِ لَهُ فِي حَالِ التَّوَجُّهِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِحِفْظِهِ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ لِيَرُدُّوهُ عَنْ مَقْصِدِهِ.

وَفِي الْآيَةِ أَيْضًا فَضْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ لِأَنَّهُ انْفَرَدَ بِهَذِهِ الْمَنْقَبَةِ حَيْثُ صَاحَبَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ وَوَقَاهُ بِنَفْسِهِ كَمَا سَيَأْتِي، وَشَهِدَ اللَّهُ لَهُ فِيهَا بِأَنَّهُ صَاحِبُ نَبِيِّهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَأَبُو سَعِيدٍ، وَابْنُ عَبَّاسٍ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الْغَارِ) أَيْ لَمَّا خَرَجَا مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، حَدِيثُ عَائِشَةَ سَيَأْتِي مُطَوَّلًا فِي بَابِ الْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَفِيهِ ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ الْحَدِيثَ. وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ فِي قِصَّةِ بَعْثِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى الْحَجِّ، وَفِيهِ: فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَنْتَ أَخِي وَصَاحِبِي فِي الْغَارِ الْحَدِيثَ.

وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَفْسِيرِ بَرَاءَةٍ فِي قِصَّةِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَفِيهَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَمَّا جَدُّهُ فَصَاحِبُ الْغَارِ يُرِيدُ أَبَا بَكْرٍ، وَلِابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ آخَرُ لَعَلَّهُ أَمَسُّ بِالْمُرَادِ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْهُ قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَرْمُونَ عَلِيًّا وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ النَّبِيُّ ﷺ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّهُ انْطَلَقَ نَحْوَ بِئْرِ مَيْمُونٍ فَأَدْرِكْهُ، قَالَ: فَانْطَلَقَ أَبُو بَكْرٍ فَدَخَلَ مَعَهُ الْغَارَ الْحَدِيثَ. وَأَصْلُهُ فِي التِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ دُونَ الْمَقْصُودِ مِنْهُ هُنَا. وَرَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ