للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَمَا نَشُكُّ أَنَّهُ قَدْ سَمِعَ مَا لَمْ نَسْمَعْ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي مَدْخَلِهِ مِنْ طَرِيقِ أَشْعَثَ عَنْ مَوْلًى لِطَلْحَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسًا، فَمَرَّ رَجُلٌ بِطَلْحَةَ فَقَالَ لَهُ: لَقَدْ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ طَلْحَةُ: قَدْ سَمِعْنَا كَمَا سَمِعَ، وَلَكِنَّهُ حَفِظَ وَنَسِينَا، وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ فِي بَابِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفَتْوَى مِنَ الصَّحَابَةِ فِي طَبَقَاتِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّكَ لَتُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ حَدِيثًا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، قَالَ: شَغَلَكِ عَنْهُ يَا أُمَّهْ الْمِرْآةُ وَالْمُكْحُلَةُ، وَمَا كَانَ يَشْغَلُنِي عَنْهُ شَيْءٌ.

قَوْلُهُ: (بِشَبَعِ بَطْنِي) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ شَبَعَ أَيْ لِأَجْلِ الشَّبَعِ.

قَوْلُهُ: (حِينَ لَا آكُلُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ حَتَّى وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَا أَلْبَسُ الْحَبِيرَ) بِالْمُوَحَّدَةِ قَبْلَهَا مُهْمَلَةٌ مَفْتُوحَةٌ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ الْحَرِيرَ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ، وَالْحَبِيرُ مِنَ الْبُرْدِ مَا كَانَ مُوَشًّى مُخَطَّطًا، يُقَالُ: بُرْدٌ حَبِيرٌ وَبُرْدٌ حِبَرَةٌ بِوَزْنِ عِنَبَةٍ عَلَى الْوَصْفِ وَالْإِضَافَةِ.

قَوْلُهُ: (لَأَسْتَقْرِي الرَّجُلَ) أَيْ أَطْلُبُ مِنْهُ الْقِرَى فَيَظُنُّ أَنِّي أَطْلُبُ مِنْهُ الْقِرَاءَةَ، وَوَقَعَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لِأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ وَجَدَ عُمَرَ فَقَالَ: أَقْرِينِي، فَظَنَّ أَنَّهُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فَأَخَذَ يُقْرِئُهُ الْقُرْآنَ وَلَمْ يُطْعِمْهُ، قَالَ: وَإِنَّمَا أَرَدْتُ مِنْهُ الطَّعَامَ.

قَوْلُهُ: (كَيْ يَنْقَلِبَ بِي) أَيْ يَرْجِعَ بِي إِلَى مَنْزِلِهِ، وَلِلتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنْ كُنْتُ لَأَسْأَلُ الرَّجُلَ عَنِ الْآيَةِ أَنَا أَعْلَمُ بِهَا مِنْهُ، مَا أَسْأَلُهُ إِلَّا لِيُطْعِمَنِي شَيْئًا، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ وَكُنْتُ إِذَا سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمْ يُجِبْنِي حَتَّى يَذْهَبَ بِي إِلَى مَنْزِلِهِ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ أَخْيَرَ) بِوَزْنِ أَفْضَلَ وَمَعْنَاهُ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ خَيْرَ.

قَوْلُهُ: (لِلْمَسَاكِينِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِالْإِفْرَادِ وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمُطْلَقُ الَّذِي جَاءَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَقَالَ: مَا احْتَذَى النِّعَالَ وَلَا رَكِبَ الْمَطَايَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

قَوْلُهُ: (الْعُكَّةَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ: ظَرْفُ السَّمْنِ، وَقَوْلُهُ: (لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ) مَعَ قَوْلِهِ: (فَنَلْعَقُ مَا فِيهَا) لَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِالنَّفْيِ أَيْ لَا شَيْءَ فِيهَا يُمْكِنُ إِخْرَاجُهُ مِنْهَا بِغَيْرِ قَطْعِهَا، وَبِالْإِثْبَاتِ مَا يَبْقَى فِي جَوَانِبِهَا. وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: لَيَقُولُ لِامْرَأَتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ: أَطْعِمِينَا. فَإِذَا أَطْعَمَتْنَا أَجَابَنِي، وَكَانَ جَعْفَرٌ يُحِبُّ الْمَسَاكِينَ وَيَسْكُنُ إِلَيْهِمْ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُكَنِّيهِ بِأَبِي الْمَسَاكِينِ انْتَهَى. وَإِنَّمَا كَانَ يُجِيبُهُ عَنْ سُؤَالِهِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ بِأَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَهُ لِيُطْعِمَهُ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ، وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ السُّؤَالُ الَّذِي وَقَعَ حِينَئِذٍ وَقَعَ مِنْهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ.

قَوْلُهُ: (إِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى ابْنِ جَعْفَرٍ) يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ هُشَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ: قُلْنَا لِلشَّعْبِيِّ: كَانَ ابْنُ جَعْفَرٍ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ ذِي الْجَنَاحَيْنِ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَتَاهُ يَوْمًا أَوْ لَقِيَهُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ.

(السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ ذِي الْجَنَاحَيْنِ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ : هَنِيئًا لَكَ أَبُوكَ يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: رَأَيْتُ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَفِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ، لَكِنْ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: مَرَّ بِي جَعْفَرٌ اللَّيْلَةَ فِي مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ مُخَضَّبُ الْجَنَاحَيْنِ بِالدَّمِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا هُوَ وَالطَّبَرَانِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: دَخَلْتُ الْبَارِحَةَ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ فِيهَا جَعْفَرًا يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ وَفِي طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْهُ أَنَّ جَعْفَرًا يَطِيرُ مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ لَهُ جَنَاحَانِ عَوَّضَهُ اللَّهُ مِنْ يَدَيْهِ وَإِسْنَادُ هَذِهِ جَيِّدٌ، وَطَرِيقُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الثَّانِيَةِ قَوِيٌّ إِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَقَدِ ادَّعَى السُّهَيْلِيُّ أَنَّ الَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْ ذِكْرِ