للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَالْبَزَّارِ أَنَّهُ، مَرَّ بِقَوْمٍ يَزْرَعُونَ وَيَحْصُدُونَ، كُلَّمَا حَصَدُوا عَادَ كَمَا كَانَ، قَالَ جِبْرِيلُ: هَؤُلَاءِ الْمُجَاهِدُونَ. وَمَرَّ بِقَوْمٍ تُرْضَخُ رُءُوسُهُمْ بِالصَّخْرِ كُلَّمَا رُضِخَتْ عَادَتْ، قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تَثَّاقَلُ رُءُوسُهُمْ عَنِ الصَّلَاةِ. وَمَرَّ عَلَى قَوْمٍ عَوْرَاتِهِمْ رِقَاعٌ يَسْرَحُونَ كَالْأَنْعَامِ، قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يُؤَدُّونَ الزَّكَاةَ.

وَمَرَّ بِقَوْمٍ يَأْكُلُونَ لَحْمًا نَيْئًا خَبِيثًا وَيَدَعُونَ لَحْمًا نَضِيجًا طَيِّبًا قَالَ: هَؤُلَاءِ الزُّنَاةُ. وَمَرَّ بِرَجُلٍ جَمَعَ حُزْمَةَ حَطَبٍ لَا يَسْتَطِيعُ حَمْلَهَا ثُمَّ هُوَ يَضُمُّ إِلَيْهَا غَيْرَهَا، قَالَ: هَذَا الَّذِي عِنْدَهُ الْأَمَانَةُ لَا يُؤَدِّيهَا وَهُوَ يَطْلُبُ أُخْرَى. وَمَرَّ بِقَوْمٍ تُقْرَضُ أَلْسِنَتُهُمْ وَشِفَاهُهُمْ، كُلَّمَا قُرِضَتْ عَادَتْ قَالَ: هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ الْفِتْنَةِ. وَمَرَّ بِثَوْرٍ عَظِيمٍ يَخْرُجُ مِنْ ثَقْبٍ صَغِيرٍ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ فَلَا يَسْتَطِيعُ، قَالَ: هَذَا الرَّجُلُ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ فَيَنْدَمُ فَيُرِيدُ أَنْ يَرُدَّهَا فَلَا يَسْتَطِيعُ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَالْحَاكِمِ أَنَّهُ صَلَّى بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ مَعَ الْمَلَائِكَةِ وَأَنَّهُ أُتِيَ هُنَاكَ بِأَرْوَاحِ الْأَنْبِيَاءِ، فَأَثْنَوْا عَلَى اللَّهِ، وَفِيهِ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ: لَقَدْ فَضَلَكُمْ مُحَمَّدٌ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هَاشِمٍ، عَنْ أَنَسٍ: ثُمَّ بُعِثَ لَهُ آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ فَأَمَّهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ.

وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: ثُمَّ حَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ: ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَتَدَافَعُوا حَتَّى قَدَّمُوا مُحَمَّدًا، وَفِيهِ: ثُمَّ مَرَّ بِقَوْمٍ بُطُونُهُمْ أَمْثَالُ الْبُيُوتِ، كُلَّمَا نَهَضَ أَحَدُهُمْ خَرَّ، وَأَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ: هُمْ آكِلُو الرِّبَا. وَأَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ مَشَافِرُهُمْ كَالْإِبِلِ يَلْتَقِمُونَ حَجَرًا فَيَخْرُجُ مِنْ أَسَافِلِهِمْ، وَأَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ: هَؤُلَاءِ أَكَلَةُ أَمْوَالِ الْيَتَامَى.

قَوْلُهُ: (فَجَلَّى اللَّهُ لِيَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ) قِيلَ: مَعْنَاهُ كَشَفَ الْحُجُبَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى رَأَيْتُهُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ الْمُشَارِ إِلَيْهَا قَالَ: فَسَأَلُونِي عَنْ أَشْيَاءَ لَمْ أُثْبِتْهَا، فَكَرَبْتُ كَرْبًا لَمْ أَكَرُبْ مِثْلَهُ قَطُّ، فَرَفَعَ اللَّهُ لِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ أَنْظُرُ إِلَيْهِ، مَا يَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا نَبَّأْتُهُمْ بِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ حُمِلَ إِلَى أَنْ وُضِعَ بِحَيْثُ يَرَاهُ ثُمَّ أُعِيدَ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ: فَجِيءَ بِالْمَسْجِدِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ حَتَّى وُضِعَ عِنْدَ دَارِ عَقِيلٍ فَنَعَتُّهُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِ وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزَةِ، وَلَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ، فَقَدْ أُحْضِرَ عَرْشُ بِلْقِيسَ فِي طَرْفَةِ عَيْنٍ لِسُلَيْمَانَ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ أُزِيلَ مِنْ مَكَانِهِ حَتَّى أُحْضِرَ إِلَيْهِ، وَمَا ذَاكَ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ بِعَزِيزٍ. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ: فَخُيِّلَ لِي بَيْتُ الْمَقْدِسِ، فَطَفِقْتُ أُخْبِرُهُمْ عَنْ آيَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُغَيَّرًا مِنْ قَوْلِهِ: فَجَلَّى وَكَانَ ثَابِتًا احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّهُ مُثِّلَ قَرِيبًا مِنْهُ، كَمَا تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي حَدِيثِ: أُرِيتُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَتَأَوَّلَ قَوْلَهُ جِيءَ بِالْمَسْجِدِ أَيْ جِيءَ بِمِثَالِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَالطَّبَرَانِيِّ مَا يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ فَفِيهِ: ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيرٍ لِقُرَيْشٍ - فَذَكَرَ الْقِصَّةَ - ثُمَّ أَتَيْتُ أَصْحَابِي بِمَكَّةَ قَبْلَ الصُّبْحِ، فَأَتَانِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ اللَّيْلَةَ؟ فَقَالَ: إِنِّي أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ. فَقَالَ: إِنَّهُ مَسِيرَةُ شَهْرٍ فَصِفْهُ لِي. قَالَ: فَفُتِحَ لِي شِرَاكٌ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ لَا يَسْأَلُنِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْبَأْتُهُ عَنْهُ، وَفِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ أَيْضًا أَنَّهُمْ قَالُوا لَهُ: كَمْ لِلْمَسْجِدِ بَابٌ؟ قَالَ: وَلَمْ أَكُنْ عَدَدْتُهَا، فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَيْهَا وَأَعُدُّهَا بَابًا بَابًا، وَفِيهِ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى: أَنَّ الَّذِي سَأَلَهُ عَنْ صِفَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ هُوَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَالِدُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَلْ مَرَرْتَ بِإِبِلٍ لَنَا فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ، قَدْ وَجَدْتُهُمْ قَدْ أَضَلُّوا بَعِيرًا لَهُمْ فَهُمْ فِي طَلَبِهِ، وَمَرَرْتُ بِإِبِلِ بَنِي فُلَانٍ انْكَسَرَتْ لَهُمْ نَاقَةٌ حَمْرَاءُ، قَالُوا: فَأَخْبِرْنَا عَنْ عِدَّتِهَا وَمَا فِيهَا مِنَ الرِّعَاةِ. قَالَ: كُنْتُ عَنْ عِدَّتِهَا مَشْغُولًا، فَقَامَ فَأَتَى الْإِبِلَ فَعَدَّهَا وَعَلِمَ مَا فِيهَا مِنَ الرِّعَاءِ ثُمَّ أَتَى قُرَيْشًا فَقَالَ: هِيَ كَذَا وَكَذَا، وَفِيهَا مِنَ الرِّعَاءِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَكَانَ كَمَا قَالَ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي