للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَنْ أَنَسٍ رَفَعَهُ بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ فِي الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِنَهَرٍ حَافَّتَاهُ قِبَابُ الدُّرِّ الْمُجَوَّفِ، وَإِذَا طِينُهُ مِسْكٌ أَذْفَرُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: هَذَا الْكَوْثَرُ. وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ شَيْبَانَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ لَمَّا عُرِجَ بِالنَّبِيِّ .. فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

وَعِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنِ عَائِذٍ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى انْتَهَى بِي إِلَى الشَّجَرَةِ، فَغَشِيَنِي مِنْ كُلِّ سَحَابَةٍ فِيهَا مِنْ كُلِّ لَوْنٍ، فَتَأَخَّرَ جِبْرِيلُ، وَخَرَرْتُ سَاجِدًا. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأُعْطِيَ رَسُولُ اللَّهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَخَوَاتِمَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَغُفِرَ لِمَنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ مِنْ أُمَّتِهِ الْمُقْحِمَاتِ، يَعْنِي الْكَبَائِرَ.

وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ مِنَ الزِّيَادَةِ ثُمَّ انْجَلَتْ عَنِّي السَّحَابَةُ وَأَخَذَ بِيَدِي جِبْرِيلُ، فَانْصَرَفْتُ سَرِيعًا فَأَتَيْتُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ أَتَيْتُ عَلَى مُوسَى فَقَالَ: مَا صنعت .. الْحَدِيثَ.

وَفِيهِ أَيْضًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِجِبْرِيلَ: مَا لِي لَمْ آتِ أَهْلَ سَمَاءٍ إِلَّا رَحَّبُوا وَضَحِكُوا إِلَيَّ، غَيْرَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلِيَّ السَّلَامَ وَرَحَّبَ بِي وَلَمْ يَضْحَكْ إِلَيَّ؟ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ ذَاكَ مَالِكٌ خَازِنُ جَهَنَّمَ، لَمْ يَضْحَكْ مُنْذُ خُلِقَ، وَلَوْ ضَحِكَ إِلَى أَحَدٍ لَضَحِكَ إِلَيْكَ.

وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ حَتَّى فُتِحَتْ لَهُمَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ فَرَأَيَا الْجَنَّةَ وَالنَّارِ، وَوَعْدَ الْآخِرَةِ أَجْمَعَ.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ عُرِضَ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ، وَإِن رُمَّانُهَا كَأَنَّهُ الدِّلَاءُ ; وَإِذَا طَيْرُهَا كَأَنَّهَا الْبُخْتُ، وَأَنَّهُ عُرِضَتْ عَلَيْهِ النَّارُ، فَإِذَا هِيَ لَوْ طُرِحَ فِيهَا الْحِجَارَةُ وَالْحَدِيدُ لَأَكَلَتْهَا. وَفِي حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ فَإِذَا جَهَنَّمُ تَكْشِفُ عَنْ مِثْلِ الزَّرَابِيِّ، وَوَجَدْتُهَا مِثْلَ الْحُمَّةِ السُّخْنَةِ. وَزَادَ فِيهِ: أَنَّهُ رَآهَا فِي وَادِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ.

وَفِي رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ، عَنْ أَنَسٍ عِنْدَ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَلْ سَأَلْتَ رَبَّكَ أَنْ يُرِيَكَ الْحُورَ الْعِينَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَانْطَلِقْ إِلَى أُولَئِكَ النِّسْوَةِ فَسَلِّمْ عَلَيْهِنَّ. قَالَ: فَأَتَيْتُ إِلَيْهِنَّ فَسَلَّمْتُ، فَرَدَدْنَ فَقُلْن: مَنْ أَنْتُنَّ؟ فَقُلْنَ: خَيِّرَاتٌ حِسَانٌ .. الْحَدِيثَ.

وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ قَالَ لِلنَّبِيِّ : يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَاقٍ رَبَّكَ اللَّيْلَةَ، وَإِنَّ أُمَّتَكَ آخِرُ الْأُمَمِ وَأَضْعَفُهَا، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ حَاجَتُكَ أَوْ جُلَّهَا فِي أُمَّتِكَ فَافْعَلْ. وَفِي رِوَايَةِ الْوَاقِدِيِّ بِأَسَانِيدِهِ فِي أَوَّلِ حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ كَانَ النَّبِيُّ يَسْأَلُ رَبَّهُ أَنْ يُرِيَهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ السَّبْتِ لِسَبْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَهُوَ نَائِمٌ فِي بَيْتِهِ ظُهْرًا أَتَاهُ جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ فَقَالَا: انْطَلِقْ إِلَى مَا سَأَلْتَ. فَانْطَلَقَا بِهِ إِلَى مَا بَيْنَ الْمَقَامِ وَزَمْزَمَ، فَأُتِيَ بِالْمِعْرَاجِ، فَإِذَا هُوَ أَحْسَنُ شَيْءٍ مَنْظَرًا، فَعَرَجَا بِهِ إِلَى السَّمَاوَاتِ، فَلَقِيَ الْأَنْبِيَاءَ، وَانْتَهَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَرَأَى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ في المعراج، وَفُرِضَ عَلَيْهِ الْخَمْسُ.

فَلَوْ ثَبَتَ هَذَا لَكَانَ ظَاهِرًا فِي أَنَّهُ مِعْرَاجٌ آخَرُ لِقَوْلِهِ: إِنَّهُ كَانَ ظُهْرًا، وَأَنَّ الْمِعْرَاجَ كَانَ مِنْ مَكَّةَ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرِّوَايَاتِ الصَّحِيحَةِ فِي الْأَمْرَيْنِ مَعًا. وَيُعَكِّرُ عَلَى التَّعَدُّدِ قَوْلُهُ: إِنَّ الصَّلَوَاتِ فُرِضَتْ حِينَئِذٍ، إِلَّا إِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أُعِيدُ ذِكْرُهُ تَأْكِيدًا، أَوْ فُرِّعَ عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ مَنَامًا وَهَذَا يَقْظَةً أَوْ بِالْعَكْسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ لِلسَّمَاءِ أَبْوَابًا حَقِيقَةً وَحَفَظَةً مُوَكَّلِينَ بِهَا، وَفِيهِ إِثْبَاتُ الِاسْتِئْذَانِ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ يَسْتَأْذِنُ أَنْ يَقُولَ: أَنَا فُلَانٌ. وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى أَنَا لِأَنَّهُ يُنَافِي مَطْلُوبَ الِاسْتِفْهَامِ، وَأَنَّ الْمَارَّ يُسَلِّمُ عَلَى الْقَاعِدِ وَإِنْ كَانَ الْمَارُّ أَفْضَلَ مِنَ الْقَاعِدِ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَلَقِّي أَهْلِ الْفَضْلِ بِالْبَشَرِ وَالتَّرْحِيبِ وَالثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ، وَجَوَازُ مَدْحِ الْإِنْسَانِ الْمَأْمُونِ عَلَيْهِ الِافْتِتَانُ فِي وَجْهِهِ، وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِنَادِ إِلَى الْقِبْلَةِ بِالظَّهْرِ وَغَيْرِهِ مَأْخُوذٌ مِنِ اسْتِنَادِ إِبْرَاهِيمَ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَهُوَ كَالْكَعْبَةِ فِي أَنَّهُ قِبْلَةٌ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، وَفِيهِ جَوَازُ نَسْخِ الْحُكْمِ قَبْلَ وُقُوعِ الْفِعْلِ، وَقَدْ سَبَقَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ، وَفِيهِ فَضْلُ السَّيْرِ بِاللَّيْلِ عَلَى السَّيْرِ بِالنَّهَارِ لِمَا وَقَعَ مِنَ الْإِسْرَاءِ بِاللَّيْلِ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ أَكْثَرُ عِبَادَتِهِ بِاللَّيْلِ، وَكَانَ أَكْثَرُ سَفَرِهِ بِاللَّيْلِ، وَقَالَ : عَلَيْكُمْ بِالدُّلْجَةِ فَإِنَّ الْأَرْضَ