للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ بِمُنْفِقٍ وَهُوَ الصَّوَابُ.

قَوْلُهُ: (أَنْ مَاتَ (١) بِمَكَّةَ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لِلتَّعْلِيلِ، وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَتَرَدَّدَ فِيهِ فَقَالَ: إِنْ كَانَ بِالْفَتْحِ فَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْدَ الصَّدَرِ مِنْ حَجَّتِهِ ثُمَّ مَاتَ، وَإِنْ كَانَ بِالْكَسْرِ فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قِيلَ لَهُ: إِنَّهُ يُرِيدُ التَّخَلُّفَ بَعْدَ الصَّدَرِ فَخَشِيَ عَلَيْهِ أَنْ يُدْرِكَهُ أَجَلُهُ بِمَكَّةَ. قُلْتُ: وَالْمَضْبُوطُ الْمَحْفُوظُ بِالْفَتْحِ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ أَقَامَ بَعْدَ حَجِّهِ؛ لِأَنَّ السِّيَاقَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْحَجِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ وَمُوسَى، عَنْ إِبْرَاهِيمَ) يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ (أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ) أَمَّا رِوَايَةُ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ فَأَخْرَجَهَا الْمُصَنِّفُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي آخِرِ الْمَغَازِي، وَأَمَّا رِوَايَةُ مُوسَى وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ فَأَخْرَجَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الدَّعَوَاتِ.

٥٠ - بَاب كَيْفَ آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ أَصْحَابِهِ

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ لَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ.

وَقَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ: آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ سَلْمَانَ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ.

٣٩٣٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ ﵁ قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَآخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَاصِفَهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلَّنِي عَلَى السُّوقِ. فَرَبِحَ شَيْئًا مِنْ أَقِطٍ وَسَمْنٍ، فَرَآهُ النَّبِيُّ ﷺ بَعْدَ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَهْيَمْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ، قَالَ: فَمَا سُقْتَ فِيهَا؟ فَقَالَ: وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ.

قَوْلُهُ: (بَابُ كَيْفَ آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ أَصْحَابِهِ) تَقَدَّمَ فِي مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ بَابُ آخَى النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَانَتِ الْمُؤَاخَاةُ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ خَاصَّةً وَذَلِكَ بِمَكَّةَ، وَمَرَّةً بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فَهِيَ الْمَقْصُودَةُ هُنَا. وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ بِأَسَانِيدِ الْوَاقِدِيِّ إِلَى جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ قَالُوا: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَآخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ عَلَى الْمُوَاسَاةِ، وَكَانُوا يَتَوَارَثُونَ، وَكَانُوا تِسْعِينَ نَفْسًا بَعْضُهُمْ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَبَعْضُهُمْ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَقِيلَ: كَانُوا مِائَةً، فَلَمَّا نَزَلَ: ﴿وَأُولُو الأَرْحَامِ﴾ بَطَلَتِ الْمَوَارِيثُ بَيْنَهُمْ بِتِلْكَ الْمُؤَاخَاةِ.

قُلْتُ: وَسَيَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ كَانَ يَرِثُ الْمُهَاجِرِيُّ الْأَنْصَارِيَّ دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ بِالْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَهُم، فَنَزَلَتْ.

وَعِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ نَحْوَهُ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ: آخَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ لِيُذْهِبَ عَنْهُمْ وَحْشَةَ الْغُرْبَةِ وَيَتَأَنَّسُوا مِنْ مُفَارَقَةِ الْأَهْلِ وَالْعَشِيرَةِ وَيَشُدُّ بَعْضُهُمْ أَزْرَ بَعْضٍ، فَلَمَّا عَزَّ الْإِسْلَامُ وَاجْتَمَعَ الشَّمْلُ وَذَهَبَتِ الْوَحْشَةُ أَبْطَلَ الْمَوَارِيثَ وَجَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ كُلَّهُمْ إِخْوَةً وَأُنْزِلَ ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ يَعْنِي فِي التَّوَادُدِ وَشُمُولِ الدَّعْوَةِ.

وَاخْتَلَفُوا فِي ابْتِدَائِهَا: فَقِيلَ: بَعْدَ الْهِجْرَةِ بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ: بِتِسْعَةٍ، وَقِيلَ: وَهُوَ يَبْنِي الْمَسْجِدَ. وَقِيلَ: قَبْلَ بِنَائِهِ. وَقِيلَ: بِسَنَةٍ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ قَبْلَ


(١) في نسخ المتن "أن توفي" وذكر لابي ذر "أن يتوفى" بالمضارع