للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثُمَّ فَرَقَ النَّبِيُّ ﷺ رَأْسَهُ"

٣٩٤٥ - حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ قَالَ هُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ جَزَّءُوهُ أَجْزَاءً فَآمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ"

[الحديث ٣٩٤٥ - طرفاه في: ٤٧٠٦، ٤٧٠٥]

قَوْلُهُ: (بَابُ إِتْيَانِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ ﷺ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ) وَذَكَرَ ابْنُ عَائِذٍ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَتَاهُ مِنْهُمْ أَبُو يَاسِرِ بْنِ أَخْطَبَ أَخُو حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ فَسَمِعَ مِنْهُ فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ لِقَوْمِهِ: أَطِيعُونِي فَإِنَّ هَذَا النَّبِيُّ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُ. فَعَصَاهُ أَخُوهُ وَكَانَ مُطَاعًا فِيهِمْ، فَاسْتَحْوَذَ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ فَأَطَاعُوهُ عَلَى مَا قَالَ. وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ جَاءَ مَيْمُونُ بْنُ يَامِينَ وَكَانَ رَأْسَ الْيَهُودِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْعَثْ إِلَيْهِمْ فَاجْعَلْنِي حَكَمًا فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَيَّ، فَأَدْخَلَهُ دَاخِلًا، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَأَتَوْهُ فَخَاطَبُوهُ فَقَالَ: اخْتَارُوا رَجُلًا يَكُونُ حَكَمًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ. قَالُوا: قَدْ رَضِينَا مَيْمُونٍ بْنَ يَامِينَ. فَقَالَ: اخْرُجْ إِلَيْهِمْ. فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ، فَأَبَوْا أَنْ يُصَدِّقُوهُ.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَادَعَ الْيَهُودَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَامْتَنَعُوا مِنِ اتِّبَاعِهِ، فَكَتَبَ بَيْنَهُمْ كِتَابًا، وَكَانُوا ثَلَاثَ قَبَائِلَ: قَيْنُقَاعَ وَالنَّضِيرَ وَقُرَيْظَةَ، فَنَقَضَ الثَّلَاثَةُ الْعَهْدَ طَائِفَةٌ بَعْدَ طَائِفَةٍ، فَمَنَّ عَلَى بَنِي قَيْنُقَاعَ وَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ وَاسْتَأْصَلَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ كُلُّهُ مُفَصَّلًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَيْضًا عَنِ الزُّهْرِيِّ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ مُزَيْنَةَ يُحَدِّثُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ أَحْبَارَ يَهُودٍ اجْتَمَعُوا فِي بَيْتِ الْمِدْرَاسِ حِينَ قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ الْمَدِينَةَ فَقَالُوا: غَدًا انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَاسْأَلُوهُ عَنْ حَدِّ الزَّانِي فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (هَادُوا: صَارُوا يَهُودًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ: هُدْنَا: تُبْنَا، هَائِدٌ: تَائِبٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾: هُوَ هُنَا مِنَ الَّذِينَ تَهَوَّدُوا فَصَارُوا يَهُودًا. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ﴾: أَيْ تُبْنَا إِلَيْكَ. ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ: الْأَوَّلُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا قُرَّةُ) هُوَ ابْنُ خَالِدٍ، وَمُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ.

قَوْلُهُ: (لَوْ آمَنَ بِي عَشَرَةٌ مِنَ الْيَهُودِ لَآمَنَ بِيَ الْيَهُودُ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ لَمْ يَبْقَ يَهُودِيٌّ إِلَّا أَسْلَمَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو سَعِيدٍ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى وَزَادَ فِي آخِرِهِ قَالَ: قَالَ كَعْبٌ: هُمُ الَّذِينَ سَمَّاهُمُ اللَّهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ فَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ عَشَرَةٌ مُخْتَصَّةٌ وَإِلَّا فَقَدْ آمَنَ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ، وَقِيلَ: الْمَعْنَى لَوْ آمَنَ بِي فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي كَالزَّمَنِ الَّذِي قَبْلَ قُدُومِ النَّبِيِّ ﷺ الْمَدِينَةَ أَوْ حَالَ قُدُومِهِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمُ الَّذِينَ كَانُوا حِينَئِذٍ رُؤَسَاءَ فِي الْيَهُودِ وَمَنْ عَدَاهُمْ كَانَ تَبَعًا لَهُمْ، فَلَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَكَانَ مِنَ الْمَشْهُورِينَ بِالرِّيَاسَةِ فِي الْيَهُودِ عِنْدَ قُدُومِ النَّبِيِّ ﷺ وَمِنْ بَنِي النَّضِيرِ أَبُو يَاسِرِ بْنِ أَخْطَبَ وَأَخُوهُ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَكَعْبُ بْنُ الْأَشْرَفِ، وَرَافِعُ بْنُ أَبِي الْحَقِيقِ، وَمِنْ بَنِي قَيْنُقَاعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنِيفٍ، وَفِنْحَاصُ، وَرِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَمِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَيَا، وَكَعْبُ بْنُ أَسَدٍ، وَشَمْوِيلُ بْنُ زَيْدٍ، فَهَؤُلَاءِ لَمْ يَثْبُتْ إِسْلَامُ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ رَئِيسًا فِي الْيَهُودِ وَلَوْ أَسْلَمَ لَاتَّبَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونُوا الْمُرَادَ. وَقَدْ رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ الْحَدِيثَ بِلَفْظِ لَوْ آمَنَ بِي الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَيَا وَذَوُوهُ مِنْ رُؤَسَاءِ يَهُودٍ لَأَسْلَمُوا كُلُّهُمْ.

وَأَغْرَبَ السُّهَيْلِيُّ فَقَالَ: لَمْ يُسْلِمْ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ إِلَّا اثْنَانِ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ صُورِيَّا، كَذَا قَالَ، وَلَمْ أَرَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ صُورِيَّا إِسْلَامًا مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ، وَإِنَّمَا نَسَبَهُ السُّهَيْلِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لِتَفْسِيرِ