للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْقَتْلِ أَوِ الْفِدَاءِ عَلَى أَنْ يُقْتَلَ مِنْ قَابِلٍ مِثْلُهُمْ، قَالُوا: الْفِدَاءُ وَيُقْتَلُ مِنَّا. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ. وَرَوَاهُ ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عُبَيْدَةَ مُرْسَلًا. قُلْتُ: وَرَوَاهُ ابْنُ عَوْنٍ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ، وَوَصَلَهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، قَالَ الْيَعْمُرِيُّ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ السَّبْعِينَ مِنَ الْأَنْصَارِ خَاصَّةً، وَبِذَلِكَ جَزَمَ ابْنُ سَعْدٍ. قُلْتُ: وَكَأَنَّ الْخِطَابَ بِقَوْلِهِ: ﴿أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ﴾ لِلْأَنْصَارِ خَاصَّةً، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَنَسٍ: أُصِيبَ مِنَّا يَوْمَ أُحُدٍ سَبْعُونَ وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ بِمَعْنَاهُ.

قَوْلُهُ: (وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ) أَيِ ابْنُ حَرْبٍ، وَكَانَ رَئِيسَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ) زَادَ زُهَيْرٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: لَا تُجِيبُوهُ) وَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَيْنَ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ، أَيْنَ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ، أَيْنَ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ عُمَرُ: أَلَا أُجِيبُهُ؟ قَالَ: بَلَى وَكَأَنَّهُ نَهَى عَنْ إِجَابَتِهِ فِي الْأُولَى وَأَذِنَ فِيهَا فِي الثَّالِثَةِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ قُتِلُوا) فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ: ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ قُتِلُوا.

قَوْلُهُ: (أَبْقَى اللَّهُ عَلَيْكَ مَا يُخْزِيكَ) زَادَ زُهَيْرٌ: إِنَّ الَّذِي عَدَدْتَ لَأَحْيَاءٌ كُلُّهُمْ.

قَوْلُهُ: (اعْلُ هُبَلْ). فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ: ثُمَّ أَخَذَ يَرْتَجِزُ: اعْلُ هُبَلْ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: اعْلُ هُبَلْ، أَيْ: ظَهَرَ دِينُكَ. وَقَالَ السُّهَيْلِيُّ. مَعْنَاهُ زَادَ عُلُوًّا. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: فَإِنْ قُلْتَ: مَا مَعْنَى اعْلُ وَلَا عُلُوَّ فِي هُبَلٍ؟ فَالْجَوَابُ هُوَ بِمَعْنَى الْعُلَا، أَوِ الْمُرَادُ أَعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ اهـ. وَزَادَ زُهَيْرٌ: قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ، وَالْحَرْبُ سِجَالٌ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْأَيَّامُ دُوَلٌ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ: أَنْعَمَتَ فَعَالٌ أنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ اهـ. وَفَعَالً بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْمُهْمَلَةِ، قَالُوا: مَعْنَاهُ أَنْعَمْتِ الْأَزْلَامُ، وَكَانَ اسْتَقْسَمَ بِهَا حِينَ خَرَجَ إِلَى أُحُدٍ. وَوَقَعَ فِي خَبَرِ السُّدِّيِّ عندَ الطَّبَرَانِيِّ: اعْلُ هُبَلُ، حَنْظَلَةُ بِحَنْظَلَةٍ، وَيَوْمَ أُحُدٍ بِيَوْمِ بَدْرٍ. وَقَدِ اسْتَمَرَّ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى اعْتِقَادِ ذَلِكَ حَتَّى قَالَ لِهِرَقْلَ لَمَّا سَأَلَهُ كَيْفَ كَانَ حَرْبُكُمْ مَعَهُ - أَيِ النَّبِيِّ ﷺ كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ، وَقَدْ أَقَرَّ النَّبِيُّ ﷺ أَبَا سُفْيَانَ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ نَطَقَ النَّبِيُّ ﷺ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَأَصْلُهُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: الْحَرْبُ سِجَالٌ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ﴾ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ بِالِاتِّفَاقِ. وَالْقَرْحُ الْجُرْحُ.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ مُرْسَلِ عِكْرِمَةَ قَالَ: لَمَّا صَعِدَ النَّبِيُّ ﷺ الْجَبَلَ جَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: الْحَرْبُ سِجَالٌ - فَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾ وَزَادَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ عُمَرُ: لَا سَوَاءَ، قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتَلَاكُمْ فِي النَّارِ. قَالَ: إِنَّكُمْ لَتَزْعُمُونَ ذَلِكَ، لَقَدْ خِبْنَا إِذًا وَخَسِرْنَا.

قَوْلُهُ: (وَتَجِدُونَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَسَتَجِدُونَ.

قَوْلُهُ: (مُثْلَةً) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ، وَيَجُوزُ فَتْحُ أَوَّلِهِ. وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ، قَالَ ابْنُ فَارِسٍ: مَثَّلَ بِالْقَتِيلِ إِذَا جَدَعَهُ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ: خَرَجَتْ هِنْدُ وَالنِّسْوَةُ مَعَهَا يُمَثِّلْنَ بِالْقَتْلَى، يَجْدَعْنَ الْآذَانَ وَالْأُنُفَ، حَتَّى اتَّخَذَتْ هِنْدُ مِنْ ذَلِكَ حُزَمًا وَقَلَائِدَ، وَأَعْطَتْ حُزَمَهَا وَقَلَائِدَهَا - أَيِ اللَّائِي كُنَّ عَلَيْهَا - لِوَحْشِيٍّ جَزَاءً لَهُ عَلَى قَتْلِ حَمْزَةَ، وَبَقَرَتْ عَنْ كَبِدِ حَمْزَةَ فَلَاكَتْهَا فَلَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تُسِيغَهَا فَلَفَظَتْهَا.

قَوْلُهُ: (لَمْ آمُرْ بِهَا، وَلَمْ تَسُؤْنِي) أَيْ لَمْ أَكْرَهْهَا وَإِنْ كَانَ وُقُوعُهَا بِغَيْرِ أَمْرِي. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَنْ رَأْيِ سَرَاتِنَا، أَدْرَكَتْهُ حَمِيَّةُ الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ: أَمَّا إِنَّهُ كَانَ لَمْ يَكْرَهْهُ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ: وَاللَّهِ مَا رَضِيتُ وَمَا سَخِطْتُ، وَمَا نَهَيْتُ وَمَا أَمَرْتُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ مَنْزِلَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ وَخُصُوصِيَّتُهُمَا بِهِ بِحَيْثُ كَانَ أَعْدَاؤُهُ لَا يَعْرِفُونَ بِذَلِكَ غَيْرَهُمَا، إِذْ لَمْ يَسْأَلْ أَبُو سُفْيَانَ عَنْ