للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَقْصِدُونَا مُحَارَبِينَ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الْمَاضِي قَرِيبًا فِي أَوَاخِرِ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ: إِلَّا أَنْ نَغْزُوَهُمْ وَلَا يَغْزُونَنَا.

قَوْلُهُ: (فَأَبْقِنِي لَهُ) أَيْ لِلْحَرْبِ، فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَأَبْقِنِي لَهُمْ.

قَوْلُهُ: (فَافْجُرْهَا) أَيِ الْجِرَاحَةَ.

قَوْلُهُ: (فَانْفَجَرَتْ مِنْ لَبَّتِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ هِيَ مَوْضِعُ الْقِلَادَةِ مِنَ الصَّدْرِ، وَهِيَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ، وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ لَيْلَتِهِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ. فَقَدْ رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامٍ فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ فَإِذَا لَبَتُّهُ قَدِ انْفَجَرَتْ مِنْ كَلْمِهِ أَيْ مِنْ جُرْحِهِ، أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ. وَكَانَ مَوْضِعُ الْجُرْحِ وَرِمَ حَتَّى اتَّصَلَ الْوَرَمُ إِلَى صَدْرِهِ فَانْفَجَرَ مِنْ ثَمَّ.

قَوْلُهُ: (فَانْفَجَرَتْ) بَيَّنَ سَبَبَ ذَلِكَ فِي مُرْسَلِ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ وَلَفْظُهُ أَنَّهُ مَرَّتْ بِهِ عَنْزٌ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ فَأَصَابَ ظِلْفُهَا مَوْضِعَ الْجُرْحِ فَانْفَجَرَ حَتَّى مَاتَ.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَرُعْهُمْ) بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، أَيْ لَمْ يَفْزَعْهُمْ.

قَوْلُهُ: (وَفِي الْمَسْجِدِ خَيْمَةٌ) هِيَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (خَيْمَةٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ) تَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ ذَكَرَ أَنَّ الْخَيْمَةَ كَانَتْ لِرَفِيدَةَ الْأَسْلَمِيَّةِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ كَانَ لَهَا زَوْجٌ مِنْ بَنِي غِفَارٍ.

قَوْلُهُ: (يَغْذُو) بِغَيْنٍ وَذَالٍ مُعْجَمَتَيْنِ أَيْ يَسِيلُ.

قَوْلُهُ: (فَمَاتَ مِنْهَا) فِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ فِي آخِرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ فَإِذَا الدَّمُ لَهُ هَدِيرٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ وَكَانَ قَدْ بَرِئَ إِلَّا مِثْلَ الْخُرْصِ وَهُوَ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ، وَهُوَ مِنْ حُلِيِّ الْأُذُنِ. وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ فَمَا زَالَ الدَّمُ يَسِيلُ حَتَّى مَاتَ. قَالَ فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ الشَّاعِرُ:

أَلَا يَا سَعْدُ سَعْدَ بَنِي مُعَاذِ … لِمَا فَعَلَتْ قُرَيْظَةُ وَالنَّضِيرُ

لَعَمْرُكَ إِنَّ سَعْدَ بَنِي مُعَاذٍ … غَدَاةَ تَحَمَّلُوا لَهُمُ الصَّبُورُ

تَرَكْتُمْ قِدْرَكُمْ لَا شَيْءَ فِيهَا … وَقِدْرُ الْقَوْمِ حَامِيَةٌ تَفُورُ

وَقَدْ قَالَ الْكَرِيمُ أَبُو حُبَاثٍ … أَقِيمُوا قَيْنُقَاعَ وَلَا تَسِيرُوا

وَقَدْ كَانُوا بِبَلْدَتِهِمْ ثِفَالًا … كَمَا ثَفَلَتْ بِمِيطَانَ الصُّخُورُ

وَقَوْلُهُ: أَبُو حُبَاثٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهَا مُثَلَّثَةٌ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ رَئِيسُ الْخَزْرَجِ، وَكَانَ شَفَعَ فِي بَنِي قَيْنُقَاعَ فَوَهَبَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ لَهُ وَكَانُوا حُلَفَاءَهُ، وَكَانَتْ قُرَيْظَةُ حُلَفَاءَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فَحَكَمَ بِقَتْلِهِمْ فَقَالَ هَذَا الشَّاعِرُ يُوَبِّخُهُ بِذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: تَرَكْتُمْ قِدْرَكُمْ أَرَادَ بِهِ ضَرْبَ الْمَثَلِ، وَمِيطَانُ مَوْضِعٌ فِي بِلَادِ مُزَيْنَةَ مِنَ الْحِجَازِ كَثِيرُ الْأَوْعَارِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ بَنِي قُرَيْظَةَ كَانُوا فِي بِلَادِهِمْ رَاسِخِينَ مِنْ كَثْرَةِ مَا لَهُمْ مِنَ الْقُوَّةِ وَالنَّجْدَةِ وَالْمَالِ، كَمَا رَسَخَتِ الصُّخُورُ بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ لِجَبَلِ بْنِ جَوَّالٍ الثَّعْلَبِيِّ وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَأَبُوهُ بِالْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَالثَّعْلَبِيُّ وَمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ، وَوَقَعَ عِنْدَهُ بَدَلَ قَوْلِهِ: وَقَدْ قَالَ الْكَرِيمُ الْبَيْتَ:

وَأَمَّا الْخَزْرَجِيُّ أَبُو حُبَاثٍ … فَقَالَ لِقَيْنُقَاعٍ لَا تَسِيرُوا

وَزَادَ فِيهَا أَبْيَاتًا مِنْهَا:

وأَقِيمُوا يَا سَرَاةَ الْأَوْسِ فِيهَا … كَأَنَّكُمُ مِنَ الْمَخْزَاةِ غُورُ

وَأَرَادَ بِذَلِكَ تَوْبِيخَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ؛ لِأَنَّهُ رَئِيسُ الْأَوْسِ، وَكَانَ جَبَلُ بْنُ جَوَّالٍ حِينَئِذٍ كَافِرًا. وَلَعَلَّ قَصِيدَةَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الَّتِي قَدَّمْنَاهَا فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ كَانَتْ جَوَابًا لِجَبَلٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ، لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ قَصِيدَةً