للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عُمَّالًا بِالْأَرْضِ لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا مِلْكٌ، وَلِذَلِكَ أَجَلَاهُمْ عُمَرُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُزَارَعَةِ، فَلَوْ كَانُوا صُولِحُوا عَلَى أَرْضِهِمْ لَمْ يُجْلَوْا مِنْهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَرْضِ الْخُمُسِ احْتِجَاجُ الطَّحَاوِيِّ عَلَى أَنَّ بَعْضَهَا فُتِحَ صُلْحًا بِمَا أَخْرَجَهُ هُوَ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ بَشِيرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا قَسَمَ خَيْبَرَ عَزَلَ نِصْفَهَا لِنَوَائِبِهِ وَقَسَمَ نِصْفَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ حَدِيثٌ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ بَعْضَهَا فُتِحَ صُلْحًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ: (فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ) هُوَ بِحَذْفِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا)؛ أَيْ حَتَّى يُسْلِمُوا.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: انْفُذْ) بِضَمِّ الْفَاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ.

قَوْلُهُ: (عَلَى رِسْلِكَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ؛ أَيْ عَلَى هَيْنَتِكَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ) وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلَامَ أُقَاتِلُ النَّاسَ؟ قَالَ: قَاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَاسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ: ادْعُهُمْ أَنَّ الدَّعْوَةَ شَرْطٌ فِي جَوَازِ الْقِتَالِ. وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورٌ، فَقِيلَ: يُشْتَرَطُ مُطْلَقًا، وَهُوَ عَنْ مَالِكٍ سَوَاءٌ مَنْ بَلَغَتْهُمُ الدَّعْوَةُ أَوْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ، قَالَ: إِلَّا أَنْ يُعْجِلُوا الْمُسْلِمِينَ. وَقِيلَ: لَا مُطْلَقًا، وَعَنِ الشَّافِعِيِّ مِثْلُهُ. وَعَنْهُ: لَا يُقَاتَلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ حَتَّى يَدْعُوَهُمْ، وَأَمَّا مَنْ بَلَغَتْهُ فَتَجُوزُ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِ دُعَاءٍ، وَهُوَ مُقْتَضَى الْأَحَادِيثِ. وَيُحْمَلُ مَا فِي حَدِيثِ سَهْلٍ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، بِدَلِيلِ أَنَّ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ ﷺ أَغَارَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ لَمَّا لَمْ يَسْمَعِ النِّدَاءَ. وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا طَرَقَهُمْ، وَكَانَتْ قِصَّةُ عَلِيٍّ بَعْدَ ذَلِكَ. وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ: تَجُوزُ الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا، وَتُسْتَحَبُّ الدَّعْوَةُ.

قَوْلُهُ: (فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا. . . إِلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ تَأَلُّفَ الْكَافِرِ حَتَّى يُسْلِمَ أَوْلَى مِنَ الْمُبَادَرَةِ إِلَى قَتْلِهِ.

قَوْلُهُ: (حُمْرِ النَّعَمِ) بِسُكُونِ الْمِيمِ مِنْ حُمْرِ وَبِفَتْحِ النُّونِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُوَ مِنْ أَلْوَانِ الْإِبِلِ الْمَحْمُودَةِ، قِيلَ: الْمُرَادُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ فَتَتَصَدَّقَ بِهَا، وَقِيلَ: تَقْتَنِيَهَا وَتَمْلِكُهَا، وَكَانَتْ مِمَّا تَتَفَاخَرُ الْعَرَبُ بِهَا. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِرَايَتِهِ فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ فَطَرَحَ تُرْسَتهُ، فَتَنَاوَلَ عَلِيٌّ بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ فَتَتَرَّسَ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَنَا فِي سَبْعَةٍ أَنَا ثَامِنُهُمْ نَجْهَدُ عَلَى أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ فَمَا نَقْلِبُهُ. وَلِلْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ ع لِيًّا حَمَلَ الْبَابَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَأَنَّهُ جُرِّبَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يَحْمِلْهُ أَرْبَعُونَ رَجُلًا، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السَّبْعَةَ عَالَجُوا قَلْبَهُ، وَالْأَرْبَعِينَ عَالَجُوا حَمْلَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ ظَاهِرٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا بِاخْتِلَافِ حَالِ الْأَبْطَالِ. وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ: وَخَرَجَ مَرْحَبٌ فَقَالَ:

قَدْ عَلِمَتْ خَيْبَرُ أَنِّي مَرْحَبُ، الْأَبْيَاتَ. فَقَالَ عَلِيٌّ:

أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ

الْأَبْيَاتَ. فَضَرَبَ رَأْسَ مَرْحَبٍ فَقَتَلَهُ، فَكَانَ الْفَتْحُ عَلَى يَدَيْهِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ الَّذِي أَشَرْتُ إِلَيْهِ قَبْلُ، وَخَالَفَ ذَلِكَ أَهْلُ السِّيَرِ فَجَزَمَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَالْوَاقِدِيُّ بِأَنَّ الَّذِي قَتَلَ مَرْحَبًا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ سْلَمَةَ، وَكَذَا رَوَى أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ جَابِرٍ، وَقِيلَ: إِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ كَانَ بَارَزَهُ فَقَطَعَ رِجْلَيْهِ فَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ، وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي قَتَلَهُ هُوَ الْحَارِثُ أَخُو مَرْحَبٍ فَاشْتَبَهُوا عَلَى بَعْضِ الرُّوَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَمَا فِي الصَّحِيحِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا سِوَاهُ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَيْضًا، وَكَانَ اسْمُ الْحِصْنِ الَّذِي فَتَحَهُ عَلِيٌّ الْقَمُوصَ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ حُصُونِهِمْ، وَمِنْهُ سُبِيَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الثَّانِيَ عَشَرَ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ صَفِيَّةَ، أَخْرَجَهُ مِنْ طُرُقٍ؛ الطَّرِيقُ الْأُولَى:

٤٢١١ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. (ح)

حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بن عيسى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ،