للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زَيْدًا) أَيْ أَخْبَرَهُمْ بِقَتْلِهِ، وَذَكَرَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي الْمَغَازِي أَنَّ يَعْلَى بْنَ أُمَيَّةَ قَدِمَ بِخَبَرِ أَهْلِ مُؤْتَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنْ شِئْتَ فَأَخْبِرْنِي وَإِنْ شِئْتَ أُخْبِرْكَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِي. فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُمْ. فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا تَرَكْتَ مِنْ حَدِيثِهِمْ حَرْفًا لَمْ تَذْكُرْهُ وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْيَسَرِ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ أَبَا عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّ هُوَ الَّذِي أَخْبَرَ النَّبِيَّ ﷺ بِمُصَابِهِمْ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَخَذَ جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ) كَذَا هُنَا بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ، وَالْمُرَادُ الرَّايَةُ. وَوَقَعَ فِي عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ عِنْدَ أَبي ذَرٍّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ ثُمَّ أَخَذَهَا.

قَوْلُهُ: (وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ مَكْسُورَةٍ أَيْ تَدْفَعَانِ الدُّمُوعَ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى أَخَذَهَا سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ، حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ) فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَهُوَ أَمِيرُ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ فَأَنْتَ تَنْصُرُهُ فَمِنْ يَوْمِئِذٍ سُمِّيَ سَيْفُ اللَّهِ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ثُمَّ أَخَذَهَا سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ الْبَابِ فِي الْجِهَادِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَيُّوبَ فَأَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ وَالْمُرَادُ نَفْيُ كَوْنِهِ كَانَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَزَادَ فِيهِ وَمَا يَسُرُّهُمْ أَنَّهُمْ عِنْدَنَا أَيْ لِمَا رَأَوْا مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ. وَزَادَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ثُمَّ أَمْهَلَ آلَ جَعْفَرٍ ثَلَاثًا ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَالَ: لَا تَبْكُوا عَلَى أَخِي بَعْدَ الْيَوْمِ، ثُمَّ قَالَ: ائْتُونِي بِبَنِي أَخِي. فَجِيءَ بِنَا كَأَنَّنَا أَفْرَاخٌ، فَدَعَا الْحَلَّاقَ فَحَلَقَ رُؤوسَنَا ثُمَّ قَالَ: أَمَّا مُحَمَّدٌ فَشَبِيهُ عَمِّنَا أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَشَبِيهُ خَلْقِي وَخُلُقِي. ثُمَّ دَعَا لَهُمْ.

وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ الْإِعْلَامِ بِمَوْتِ الْمَيِّتِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ النَّعْيِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ فِي الْجَنَائِزِ. تَعْلِيقُ الْإِمَارَةِ بِشَرْطٍ، وَتَوْلِيَةُ عِدَّةِ أُمَرَاءَ بِالتَّرْتِيبِ. وَقَدِ اخْتُلِفَ هَلْ تَنْعَقِدُ الْوِلَايَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْحَالِ أَوْ لَا؟ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا فِي الْحَالِ تَنْعَقِدُ، وَلَكِنْ بِشَرْطِ التَّرْتِيبِ. وَقِيلَ: تَنْعَقِدُ لِوَاحِدٍ لَا بِعَيْنِهِ، وَتَتَعَيَّنُ لِمَنْ عَيَّنَهَا الْإِمَامُ عَلَى التَّرْتِيبِ. وَقِيلَ: تَنْعَقِدُ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ، وَأَمَّا الثَّانِي فَبِطَرِيقِ الِاخْتِيَارِ. وَاخْتِيَارُ الْإِمَامِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِالْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ. وَفِيهِ جَوَازُ التَّأَمُّرِ فِي الْحَرْبِ بِغَيْرِ تَأْمِيرٍ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: هَذَا أَصْلٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَدِّمُوا رَجُلًا إِذَا غَابَ الْإِمَامُ يَقُومُ مَقَامَهُ إِلَى أَنْ يَحْضُرَ. وَفِيهِ جَوَازُ الِاجْتِهَادِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ، وَفِيهِ عَلَمٌ ظَاهِرٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ، وَفَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَلِمَنْ ذُكِرَ مِنَ الصَّحَابَةِ.

وَاخْتَلَفَ أَهْلُ النَّقْلِ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ: حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ هَلْ كَانَ هُنَاكَ قِتَالٌ فِيهِ هَزِيمَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ، أَوِ الْمُرَادُ بِالْفَتْحِ انْحِيَازُهُ بِالْمُسْلِمِينَ حَتَّى رَجَعُوا سَالِمِينَ؟ فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ فَحَاشَ خَالِدٌ النَّاسَ وَدَافَعَ وَانْحَازَ وَانْحِيزَ عَنْهُ، ثُمَّ انْصَرَفَ بِالنَّاسِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَلَاغِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ. وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي عَامِرٍ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ انْهَزَمُوا لَمَّا قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ حَتَّى لَمْ أَرَ اثْنَيْنِ جَمِيعًا، ثُمَّ اجْتَمَعُوا عَلَى خَالِدٍ وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا أَصْبَحَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ جَعَلَ مُقَدِّمَتَهُ سَاقَةً، وَمَيْمَنَتَهُ مَيْسَرَةً، فَأَنْكَرَ الْعَدُوُّ حَالَهُمْ وَقَالُوا: جَاءَهُمْ مَدَدٌ، فَرَعَبُوا وَانْكَشَفُوا مُنْهَزِمِينَ. وَعِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: أُصِيبَ بِمُوتَةَ نَاسٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ بَعْضَ أَمْتِعَةِ الْمُشْرِكِينَ وَفِي مَغَازِي أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ فَحَمَلَ خَالِدٌ عَلَى الرُّومِ فَهَزَمُوهُمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى الثَّانِي. أَوْ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَكُونُوا هَزَمُوا جَانِبًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَخَشِيَ خَالِدٌ أَنْ يَتَكَاثَرَ الْكُفَّارُ عَلَيْهِمْ، فَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ، فَانْحَازَ بِهِمْ حَتَّى رَجَعَ بِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ.

وَهَذَا السَّنَدُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا مِنْ جِهَةِ الِانْقِطَاعِ، وَالْآخَرُ مِنْ جِهَةِ ابْنِ لَهِيعَةَ الرَّاوِي عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، وَكَذَلِكَ الْوَاقِدِيِّ، فَقَدْ وَقَعَ فِي الْمَغَازِي لِمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ - وَهِيَ