للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ أَنْ يَقْبِضَ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وَقَالَ عُتْبَةُ: إِنَّهُ ابْنِي، فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ مَكَّةَ فِي الْفَتْحِ أَخَذَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ، وَأَقْبَلَ مَعَهُ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ: هَذَا ابْنُ أَخِي، عَهِدَ إِلَيَّ أَنَّهُ ابْنُهُ، قَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا أَخِي، هَذَا ابْنُ زَمْعَةَ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَنَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ فَإِذَا أَشْبَهُ النَّاسِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : هُوَ لَكَ، هُوَ أَخُوكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : احْتَجِبِي مِنْهُ يَا سَوْدَةُ؛ لِمَا رَأَى مِنْ شَبَهِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: قَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَصِيحُ بِذَلِكَ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ والْخَامِسُ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ ابْنِ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْفَرَائِضِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي آخِرِهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ فِي فَتْحِ مَكَّةَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يُونُسُ) وَصَلَهُ الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ وَسَاقَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى لَفْظِ يُونُسَ، وَأَوْرَدَهُ مَقْرُونًا بِطَرِيقِ مَالِكٍ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ شَدِيدَةٌ لَهُ، وَسَأُبَيِّنُ ذَلِكَ عِنْدَ شَرْحِهِ، وَقَدْ عَابَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَقَالَ: قَرَنَ بَيْنَ رِوَايَتَيْ مَالِكٍ، وَيُونُسَ مَعَ شِدَّةِ اخْتِلَافِهِمَا، وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ شِهَابٍ قَالَتْ عَائِشَةُ) كَذَا هُنَا، وَهَذَا الْقَدْرُ مَوْصُولٌ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ بِذِكْرِ عُرْوَةَ فِيهِ، وَفِي قَوْلِهِ: هُوَ أَخُوكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ رَدٌّ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ قَوْلَهُ: هُوَ لَكَ يَا عَبْدُ بْنَ زَمْعَةَ أَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلْمِلْكِ فَقَالَ: أَيْ هُوَ لَكَ عَبْدٌ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَصِيحُ بِذَلِكَ) أَيْ يُعْلِنُ بِهَذَا الْحَدِيثِ (١)، وَهَذَا مَوْصُولٌ إِلَى ابْنِ شِهَابٍ وَمُنْقَطِعٌ بَيْنَ ابْنِ شِهَابٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُسْتَقِلٌّ أَغْفَلَ الْمِزِّيُّ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ فِي الْأَطْرَافِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَمُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، زَادَ مَعْمَرٌ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ سَعِيدٍ، وَأَبِي سَلَمَةَ مَعًا ; وَفِي أُخْرَى عَنْ سَعِيدٍ أَوْ أَبِي سَلِمَةَ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلُ: هُوَ مَحْفُوظٌ لِابْنِ شِهَابٍ عَنْهُمَا. قُلْتُ: وَسَيَأْتِي فِي الْفَرَائِضِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِاخْتِصَارٍ، لَكِنْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ، فَلَعَلَّ هَذَا الِاخْتِلَافُ هُوَ السَّبَبُ فِي تَرْكِ إِخْرَاجِ الْبُخَارِيِّ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ.

الْحَدِيثُ السَّادِسُ.

٤٣٠٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ امْرَأَةً سَرَقَتْ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ، فَفَزِعَ قَوْمُهَا إِلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ يَسْتَشْفِعُونَهُ. قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا كَلَّمَهُ أُسَامَةُ فِيهَا تَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ ؛ فَقَالَ: أَتُكَلِّمُنِي فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ، قَالَ أُسَامَةُ: اسْتَغْفِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَلَمَّا كَانَ الْعَشِيُّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ خَطِيبًا، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ:


(١) في هامش طبعة بولاق: في نسخة "بهذا الحكم"