للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ فَأَدَّاهُ إِلَيَّ فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الإِسْلَام".

قَوْلُهُ: (عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَعُمَرُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ مَدَنِيٌّ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ، وَلَكِنَّ ابْنَ حِبَّانَ ذَكَرَهُ فِي أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، لَكِنْ ذَكَرَهُ فِي مَوَاضِعَ: فَتَقَدَّمَ فِي الْبُيُوعِ مُخْتَصَرًا، وَفِي فَرْضِ الْخُمُسِ تَامًّا، وَسَيَأْتِي فِي الْأَحْكَامِ. وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي الْبُيُوعِ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيَّ حَرَّفَهُ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ: عَنْ عَمْرِو بْنِ كَثِيرٍ وَالصَّوَابُ: عُمَرُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ) هُوَ نَافِعُ بْنُ عَبَّاسٍ مَعْرُوفٌ بِاسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا الْتَقَيْنَا كَانَتْ لِلْمُسْلِمِينَ جَوْلَةٌ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ حَرَكَةٌ فِيهَا اخْتِلَافٌ، وَقَدْ أَطْلَقَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ الْآتِيَةِ بَعْدَهَا أَنَّهُمُ انْهَزَمُوا، لَكِنْ بَعْدَ الْقِصَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا أَبُو قَتَادَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَنَّ الْجَمِيعَ لَمْ يَنْهَزِمُوا.

قَوْلُهُ: (فَرَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَدْ عَلَا رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِمَا.

(وَقَوْلُهُ: عَلَا) أَيْ ظَهَرَ، وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ الَّتِي بَعْدَهَا نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَآخَرُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَهُ عَلَى غِرَّةٍ، وَتَبَيَّنَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ فِي الْأُولَى: فَضَرَبْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ لِهَذَا الثَّانِي الَّذِي كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَخْتِلَ الْمُسْلِمَ.

قَوْلُهُ: (عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ) حَبْلُ الْعَاتِقِ عَصَبُهُ، وَالْعَاتِقُ مَوْضِعُ الرِّدَاءِ مِنَ الْمَنْكِبِ، وَعُرِفَ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: فَأَضْرِبُ يَدَهُ فَقَطَعْتُهَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْيَدِ الذِّرَاعُ وَالْعَضُدُ إِلَى الْكَتِفِ.

وَقَوْلُهُ: فَقَطَعْتُ الدِّرْعَ أَيِ الَّتِي كَانَ لَابِسَهَا وَخَلَصَتِ الضَّرْبَةُ إِلَى يَدِهِ فَقَطَعَتْهَا.

قَوْلُهُ: (وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ) أَيْ مِنْ شِدَّتِهَا، وَأَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا الْمُشْرِكَ كَانَ شَدِيدَ الْقُوَّةِ جِدًّا.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي) أَيْ أَطْلَقَنِي.

قَوْلُهُ: (فَلَحِقْتُ عُمَرَ) فِي السِّيَاقِ حَذْفٌ بَيَّنَتْهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ حَيْثُ قَالَ: فَتَحَلَّلَ وَدَفَعْتُهُ ثُمَّ قَتَلْتُهُ، وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

قَوْلُهُ: (أَمْرُ اللَّهِ) أَيْ حُكْمُ اللَّهِ وَمَا قَضَى بِهِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَجَعُوا) فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ تَرَاجَعُوا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ كَيْفِيَّةُ رُجُوعِهِمْ وَهَزِيمَةُ الْمُشْرِكِينَ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَة.

قَوْلُهُ: (مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ) تَقَدَّمَ شَرْحُ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي فَرْضِ الْخُمُسِ.

قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي) زَادَ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِي وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ شَهِدَ لَهُ، فَإِنْ كَانَ ضَبَطَهُ احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ وَجَدَهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَجَلَسْتُ ثُمَّ بَدَا لِي فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ رَجُلٌ) فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ جُلَسَائِهِ وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ اسْمَهُ أَسْوَدُ بْنُ خُزَاعِيٍّ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِي الرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ الَّذِي أَخَذَ السَّلَبَ قُرَشِيٌّ.

قَوْلُهُ: (صَدَقَ، وَسَلَبُهُ عِنْدِي فَأَرْضِهِ مِنْهُ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَأَرْضِهِ مِنِّي.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: لَاهَا اللَّهِ، إِذًا لَا يَعْمِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أُسْدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَيُعْطِيكَ سَلَبَهُ) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بِهَذِهِ الْأَحْرُفِ لَاهَا اللَّهِ إِذًا فَأَمَّا لَاهَا اللَّهِ فَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَا لِلتَّنْبِيهِ، وَقَدْ يُقْسَمُ بِهَا يُقَالُ: لَاهَا اللَّهِ مَا فَعَلْتُ كَذَا، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ. فِيهِ شَاهِدٌ عَلَى جَوَازِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ وَاوِ الْقَسَمِ بِحَرْفِ التَّنْبِيهِ، قَالَ: وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا مَعَ اللَّهِ أَيْ لَمْ يُسْمَعْ لَاهَا الرَّحْمَنِ كَمَا سُمِعَ لَا وَالرَّحْمَنِ، قَالَ: وَفِي النُّطْقِ بِهَا أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا هَا اللَّهِ بِاللَّامِ بعد الْهَاءِ بِغَيْرِ إِظْهَارِ شَيْءٍ مِنَ الْأَلِفَيْنِ، ثَانِيهَا: مِثْلُهُ لَكِنْ بِإِظْهَارِ أَلِفٍ