للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: حَجَّ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ ثَلَاثَ حِجَجٍ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ، قُلْتُ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَدِ وُفُودِ الْأَنْصَارِ إِلَى الْعَقَبَةِ بِمِنًى بَعْدَ الْحَجِّ، فَإِنَّهُمْ قَدِمُوا أَوَّلًا فَتَوَاعَدُوا، ثُمَّ قَدِمُوا ثَانِيًا فَبَايَعُوا الْبَيْعَةَ الْأُولَى، ثُمَّ قَدِمُوا ثَالِثًا فَبَايَعُوا الْبَيْعَةَ الثَّانِيَةَ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَوَّلَ الْهِجْرَةِ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي نَفْيَ الْحَجِّ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى الثَّوْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ Object حَجَّ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ حِجَجًا وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: حَجَّ حِجَجًا لَا يُعْرَفُ عَدَدُهَا. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: كَانَ يَحُجُّ كُلَّ سَنَةٍ قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ.

وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ خُرُوجَهُ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْحَجِّ، وَأَخْرَجَهُ هُوَ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مِثْلَهُ، وَجَزَمَ ابْنُ حَزْمٍ بِأَنْ خُرُوجَهُ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ كَانَ يَوْمَ الْخَمِيسِ قَطْعًا لِمَا ثَبَتَ وَتَوَاتَرَ أَنَّ وُقُوفَهُ بِعَرَفَةَ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَتَعَيَّنَ أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ يَوْمُ الْخَمِيسِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ، بَلْ ظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، لَكِنْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ صَلَّيْنَا الظُّهْرَ مَعَ النَّبِيِّ Object بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ خُرُوجَهُمْ لَمْ يَكُنْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَمَا بَقِيَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُمْ يَوْمَ السَّبْتِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: لِخَمْسٍ بَقِينَ أَيْ إِنْ كَانَ الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ فَاتَّفَقَ أَنْ جَاءَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ فَيَكُونُ يَوْمُ الْخَمِيسِ أَوَّلَ ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعِ لَيَالٍ لَا خَمْسٍ، وَبِهَذَا تَتَّفِقُ الْأَخْبَارُ، هَكَذَا جَمَعَ الْحَافِظُ عِمَادُ الدِّينِ بْنُ كَثِيرٍ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ، وَقَوِيَ هَذَا الْجَمْعُ بِقَوْلِ جَابِرٍ: إِنَّهُ خَرَجَ لِخَمْسٍ بَقَيْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ أَرْبَعٍ وَكَانَ دُخُولُهُ Object مَكَّةَ صُبْحَ رَابِعِهِ كَمَا ثَبَتَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ أَنَّ خُرُوجَهُ مِنَ الْمَدِينَة كَانَ يَوْمَ السَّبْتِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَيَكُونُ مَكَثه فِي الطَّرِيقِ ثَمَانِ لَيَالٍ، وَهِيَ الْمَسَافَةُ الْوُسْطَى.

ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ سَبْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا تَقَدَّمَ غَالِبُهَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ مَشْرُوحَةً، وَسَأُبَيِّنُ ذَلِكَ مَعَ مَزِيدِ فَائِدَةٍ.

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ.

٤٣٩٦ - حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ قَالَ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ؟ قَالَ: مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ وَمِنْ أَمْرِ النَّبِيِّ Object أَصْحَابَهُ أَنْ يَحِلُّوا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قُلْتُ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْمُعَرَّفِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَرَاهُ قَبْلُ وَبَعْدُ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي، قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ فَقَدْ حَلَّ فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ قَالَ هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ؟) الْقَائِلُ هُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَالْمَقُولُ لَهُ عَطَاءٌ، وَذَلِكَ صَرِيحٌ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، وَالْمُرَادُ بِالْمُعَرَّفِ وَهُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مَنِ اعْتَمَرَ مُطْلَقًا سَوَاءَ كَانَ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا، وَهُوَ مَذْهَبٌ مَشْهُورٌ لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ فِي أَبْوَابِ الطَّوَافِ فِي بَابِ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ إِذَا قَدِمَ مِنْ كِتَابِ الْحَجِّ.

٤٣٩٧ - حَدَّثَنِي بَيَانٌ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ طَارِقًا، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ Object قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ Object بِالْبَطْحَاءِ فَقَالَ: أَحَجَجْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: كَيْفَ أَهْلَلْتَ؟