للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَفِيهِ: أَنَّ الْمَرْءَ إِذَا لَاحَتْ لَهُ فُرْصَةٌ فِي الطَّاعَةِ فَحَقُّهُ أَنْ يُبَادِرَ إِلَيْهَا وَلَا يُسَوِّفُ بِهَا لِئَلَّا يُحْرَمَهَا كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ﴾ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ وَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُلْهِمَنَا الْمُبَادَرَةَ إِلَى طَاعَتِهِ، وَأَنْ لَا يَسْلُبَنَا مَا خَوَّلَنَا مِنْ نِعْمَتِهِ.

وَفِيهَا: جَوَازُ تَمَنِّي مَا فَاتَ مِنَ الْخَيْرِ، وَأَنَّ الْإِمَامَ لَا يُهْمِلُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ بَلْ يَذْكُرُهُ لِيُرَاجِعَ التَّوْبَةَ. وَجَوَازُ الطَّعْنِ فِي الرَّجُلِ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى اجْتِهَادِ الطَّاعِنِ عَنْ حَمِيَّةٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. وَفِيهَا جَوَازُ الرَّدِّ عَلَى الطَّاعِنِ إِذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّ الرَّادِّ وَهْمُ الطَّاعِنِ أَوْ غَلَطُهُ. وَفِيهَا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لِلْقَادِمِ أَنْ يَكُونَ عَلَى وُضُوءٍ، وَأَنْ يَبْدَأَ بِالْمَسْجِدِ قَبْلَ بَيْتِهِ فَيُصَلِّي ثُمَّ يَجْلِسُ لِمَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَمَشْرُوعِيَّةُ السَّلَامِ عَلَى الْقَادِمِ وَتَلَقِّيهِ، وَالْحُكْمُ بِالظَّاهِرِ، وَقَبُولُ الْمَعَاذِيرِ، وَاسْتِحْبَابُ بُكَاءِ الْعَاصِي أَسَفًا عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الْخَيْرِ. وَفِيهَا إِجْرَاءُ الْأَحْكَامِ عَلَى الظَّاهِرِ وَوُكُولُ السَّرَائِرِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَفِيهَا تَرْكُ السَّلَامِ عَلَى مَنْ أَذْنَبَ، وَجَوَازُ هَجْرِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ. وَأَمَّا النَّهْيُ عَنِ الْهَجْرِ فَوْقَ الثَّلَاثِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ هِجْرَانُهُ شَرْعِيًّا، وَأَنَّ التَّبَسُّمَ قَدْ يَكُونُ عَنْ غَضَبٍ كَمَا يَكُونُ عَنْ تَعَجُّبٍ وَلَا يَخْتَصُّ بِالسُّرُورِ. وَمُعَاتَبَةُ الْكَبِيرِ أَصْحَابَهُ وَمَنْ يَعِزُّ عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ.

وَفِيهَا: فَائِدَةُ الصِّدْقِ وَشُؤْمُ عَاقِبَةِ الْكَذِبِ.

وَفِيهَا: الْعَمَلُ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ إِذَا حَفَّتْهُ قَرِينَةٌ، لِقَوْلِهِ لَمَّا حَدَّثَهُ كَعْبٌ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ صَدَقَ فَإِنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ مَنْ سِوَاهُ كَذَبَ، لَكِنْ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ سِوَاهُ؛ لِأَنَّ مُرَارَةَ، وَهِلَالًا أَيْضًا قَدْ صَدَقَا، فَيَخْتَصُّ الْكَذِبُ بِمَنْ حَلَفَ وَاعْتَذَرَ، لَا بِمَنِ اعْتَرَفَ، وَلِهَذَا عَاقَبَ مَنْ صَدَقَ بِالتَّأْدِيبِ الَّذِي ظَهَرَتْ فَائِدَتُهُ عَنْ قُرْبٍ، وَأَخَّرَ مَنْ كَذَبَ لِلْعِقَابِ الطَّوِيلِ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَجَّلَ لَهُ عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِذَا أَرَادَ بِهِ شَرًّا أَمْسَكَ عَنْهُ عُقُوبَتَهُ فَيَرِدُ الْقِيَامَةَ بِذُنُوبِهِ قِيلَ: وَإِنَّمَا غُلِّظَ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُمْ تَرَكُوا الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾ وَقَوْلُ الْأَنْصَارِ:

نَحْنُ الَّذِينَ بَايَعُوا مُحَمَّدًا … عَلَى الْجِهَادِ مَا بَقِينَا أَبَدًا

وَفِيهَا: تَبْرِيدُ حَرِّ الْمُصِيبَةِ بِالتَّأَسِّي بِالنَّظِيرِ، وَفِيهَا: عِظَمُ مِقْدَارِ الصِّدْقِ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ، وَتَعْلِيقُ سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالنَّجَاةِ مِنْ شَرِّهِمَا بِهِ، وَأَنَّ مِنْ عُوقِبَ بِالْهَجْرِ يُعْذَرُ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ مُرَارَةَ، وَهِلَالًا لَمْ يَخْرُجَا مِنْ بُيُوتِهِمَا تِلْكَ الْمُدَّةَ. وَفِيهَا: سُقُوطُ رَدِّ السَّلَامِ عَلَى الْمَهْجُورِ عَمَّنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ إِذْ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يَقُلْ كَعْبٌ: هَلْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ بِرَدِّ السَّلَامِ. وَفِيهَا جَوَازُ دُخُولِ الْمَرْءِ دَارَ جَارِهِ وَصَدِيقِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَمِنْ غَيْرِ الْبَابِ إِذَا عَلِمَ رِضَاهُ. وَفِيهَا: أَنَّ قَوْلَ الْمَرْءِ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ لَيْسَ بِخِطَابٍ وَلَا كَلَامٍ وَلَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ الْآخَرَ إِذَا لَمْ يَنْوِ بِهِ مُكَالَمَتُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ أَبُو قَتَادَةَ ذَلِكَ لَمَّا أَلَحَّ عَلَيْهِ كَعْبٌ، وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ رَسُولَ مَلِكِ غَسَّانَ لَمَّا سَأَلَ عَنْ كَعْبٍ جَعَلَ النَّاسُ يُشِيرُونَ لَهُ إِلَى كَعْبٍ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ بِقَوْلِهِمْ مَثَلًا هَذَا كَعْبٌ مُبَالَغَةً فِي هَجْرِهِ وَالْإِعْرَاضِ عَنْهُ، وَفِيهَا: أَنَّ مُسَارَقَةَ النَّظَرِ فِي الصَّلَاةِ لَا تَقْدَحُ فِي صِحَّتِهَا، وَإِيثَارُ طَاعَةِ الرَّسُولِ عَلَى مَوَدَّةِ الْقَرِيبِ، وَخِدْمَةُ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا، وَالِاحْتِيَاطُ لِمُجَانَبَةِ مَا يُخْشَى الْوُقُوعُ فِيهِ، وَجَوَازُ تَحْرِيقِ مَا فِيهِ اسْمُ اللَّهِ لِلْمَصْلَحَةِ.

وَفِيهَا: مَشْرُوعِيَّةُ سُجُودِ الشُّكْرِ، وَالِاسْتِبَاقُ إِلَى الْبِشَارَةِ بِالْخَيْرِ، وَإِعْطَاءُ الْبَشِيرِ أَنْفَسَ مَا يَحْضُرُ الَّذِي يَأْتِيهِ بِالْبِشَارَةِ، وَتَهْنِئَةُ مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ، وَالْقِيَامُ إِلَيْهِ إِذَا أَقْبَلَ، وَاجْتِمَاعُ النَّاسِ عِنْدَ الْإِمَامِ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ، وَسُرُورُهُ بِمَا يَسُرُّ أَتْبَاعَهُ، وَمَشْرُوعِيَّةُ الْعَارِيَةِ، وَمُصَافَحَةُ الْقَادِمِ وَالْقِيَامُ لَهُ، وَالْتِزَامُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْخَيْرِ الَّذِي يُنْتَفَعُ بِهِ، وَاسْتِحْبَابُ الصَّدَقَةِ عِنْدَ التَّوْبَةِ، وَأَنَّ مَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ