للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤٥٠٣ - حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَشْعَثُ وَهْوَ يَطْعَمُ فَقَالَ: الْيَوْمُ عَاشُورَاءُ، فَقَالَ: كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ فَادْنُ فَكُلْ.

٤٥٠٤ - حَدَّثَنِا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ النَّبِيُّ يَصُومُهُ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ رَمَضَانُ الْفَرِيضَةَ وَتُرِكَ عَاشُورَاءُ، فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ.

قَوْلُهُ: (بَابُ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ أَمَّا قَوْلُهُ: (كُتِبَ) فَمَعْنَاهُ فُرِضَ، وَالْمُرَادُ بِالْمَكْتُوبِ فِيهِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: كَمَا فَاخْتُلِفَ فِي التَّشْبِيهِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْكَافُ هَلْ هُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَيَكُونُ صِيَامُ رَمَضَانَ قَدْ كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا؟ أَوِ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الصِّيَامِ دُونَ وَقْتِهِ وَقَدْرِهِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ.

وَوَرَدَ فِي أَوَّلِ حَدِيثٍ مَرْفُوعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَوْرَدَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ فِيهِ مَجْهُولٌ وَلَفْظُهُ: صِيَامُ رَمَضَانَ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ. وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالسُّدِّيُّ، وَلَهُ شَاهِدٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ من طَرِيقِ مَعْقِلٍ النَّسَّابَةِ وَهُوَ مِنَ الْمُخَضْرَمِينَ وَلَمْ تثْبُتْ لَهُ صُحْبَةٌ، وَنَحْوُهُ عَنِ الشَّعْبِيِّ، وَقَتَادَةَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ التَّشْبِيهَ وَاقِعٌ عَلَى نَفْسِ الصَّوْمِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَأَسْنَدَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرِيُّ، عَنْ مُعَاذٍ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِمَا من الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَزَادَ الضَّحَّاكُ: وَلَمْ يَزَلِ الصَّوْمُ مَشْرُوعًا مِنْ زَمَنِ نُوحٍ.

وَفِي قَوْلِهِ: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَنْ قَبْلَنَا كَانَ فَرْضُ الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبِيلِ الْآصَارِ وَالْأَثْقَالِ الَّتِي كُلِّفُوا بِهَا، وَأَمَّا هَذِهِ الْأُمَّةُ فَتَكْلِيفُهَا بِالصَّوْمِ لِيَكُونَ سَبَبًا لِاتِّقَاءِ الْمَعَاصِي وَحَائِلًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا، فَعَلَى هَذَا الْمَفْعُولُ الْمَحْذُوفُ يُقَدَّرُ بِالْمَعَاصِي أَوْ بِالْمَنْهِيَّاتِ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ في الباب ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ: أَحَدُهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وقد تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَعَ شَرْحِهِ.

ثَانِيهَا حَدِيثُ عَائِشَةَ أَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ كَذَلِكَ.

ثَالِثُهَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنِي مَحْمُودٌ) هو ابْنُ غَيْلَانَ وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ كَذَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ، وَقَدْ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الْأَصِيلِيِّ، عَنْ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ بَدَلَ مَحْمُودٍ وَقَدْ ذَكَرَ الْكَلَابَاذِيُّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ رَوَى عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - وَهُوَ ابْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ -، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: لَكِنْ هُنَا الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا قَالَ الْجَمَاعَةُ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ الْمَرْوَزِيِّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَشْعَثُ وَهُوَ يَطْعَمُ) أَيْ: يَأْكُلُ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِسْرَائِيلَ بِسَنَدِهِ الْمَذْكُورِ إِلَى عَلْقَمَةَ قَالَ: دَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَأْكُلُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ عَلْقَمَةَ حَضَرَ الْقِصَّةَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَحْضُرْهَا وَحَمَلَهَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ رِوَايَةِ الْبَابِ. وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: دَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ يَتَغَذَّى.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: الْيَوْمُ عَاشُورَاءُ) كَذَا وَقَعَ مُخْتَصَرًا، وَتَمَامُهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ فَقَالَ - أَيِ الْأَشْعَثُ -: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهِيَ كُنْيَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَوْضَحُ من ذَلِكَ رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْمَذْكُورَةُ فَقَالَ - أَيِ ابْنُ مَسْعُودٍ - يَا أَبَا مُحَمَّدٍ وَهِيَ كُنْيَةُ الْأَشْعَثِ ادْنُ إِلَى الْغَدَاءِ فَقَالَ: أَوَلَيْسَ الْيَوْمُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ.

قَوْلُهُ: (كَانَ يُصَامُ