للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ ضَعَّفَ ذَلِكَ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ.

قَوْلُهُ: (حُوبًا: إِثْمًا) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا﴾ قَالَ: إِثْمًا عَظِيمًا. وَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وَالسُّدِّيِّ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ مِثْلَهُ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى ضَمِّ الْحَاءِ، وَعَنِ الْحَسَنِ بِفَتْحِهَا.

قَوْلُهُ: (تَعُولُوا: تَمِيلُوا) وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلا تَعُولُوا﴾ قَالَ: أَنْ لَا تَمِيلُوا. وَرُوِّينَاهُ فِي فَوَائِدِ أَبِي بَكْرٍ الْآجُرِّيِّ بِإِسْنَادٍ آخَرَ صَحِيحٍ إِلَى الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَوَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ، وَمُجَاهِدٍ، وَعِكْرِمَةَ، وَالنَّخَعِيِّ، وَالسُّدِّيِّ، وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمْ مِثْلَهُ، وَأَنْشَدَ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ، لِأَبِي طَالِبٍ مِنْ أَبْيَاتٍ:

بِمِيزَانِ صِدْقٍ وَزْنُهُ غَيْرُ عَائِلِ

وَجَاءَ مِثْلُهُ مَرْفُوعًا، صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ: أَنْ لَا تَعُولُوا: أَنْ لَا يَكْثُرَ عِيَالُكُمْ، وَأَنْكَرَهُ الْمُبَرِّدُ، وَابْنُ دَاوُدَ، وَالثَّعْلَبِيُّ وَغَيْرُهُمْ، لَكِنْ قَدْ جَاءَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ نَحْوُ مَا قَالَ الشَّافِعِيُّ أَسْنَدَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَشْهَرَ، وَاحْتَجَّ مَنْ رَدَّهُ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِأَنَّهُ أَحَلَّ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ مَا شَاءَ الرَّجُلُ بِلَا عَدَدٍ، وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ كَثْرَةُ الْعِيَالِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ النِّسَاءَ وَمَا يَحِلُّ مِنْهُنَّ، فَالْجَوْرُ وَالْعَدْلُ يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ كَثْرَةَ الْعِيَالِ لَكَانَ أَعَالَ يُعِيلُ مِنَ الرُّبَاعِيِّ. وَأَمَّا تَعُولُوا فَمِنَ الثُّلَاثِيِّ، لَكِنْ نَقَلَ الثَّعْلَبِيُّ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الدُّورِيِّ - قَالَ: وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ - قَالَ: هِيَ لُغَةُ حِمْيَرَ. وَنُقِلَ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ أَنَّهُ قَرَأَ: أَنْ لَا تُعِيلُوا.

قَوْلُهُ: (نِحْلَةً فَالنِّحْلَةُ الْمَهْرُ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَلِغَيْرِهِ بِغَيْرِ فَاءٍ، قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ تَفْسِيرِ الْبُخَارِيِّ فَفِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ قِيلَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، وَأَقْرَبُ الْوُجُوِهِ أَنَّ النِّحْلَةَ مَا يُعْطُونَهُ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ نِحْلَةٌ يَنْتَحِلُونَهَا، أَيْ: يَتَدَيَّنُونَ بِهَا وَيَعْتَقِدُونَ ذَلِكَ. قُلْتُ: وَالتَّفْسِيرُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ قَدْ وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) قَالَ: النِّحْلَةُ: الْمَهْرُ.

وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: نِحْلَةً أَيْ: فَرِيضَةً. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: النِّحْلَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْوَاجِبُ، قَالَ: لَيْسَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَنْكِحَ إِلَّا بِصَدَاقٍ. كَذَا قَالَ. وَالنِّحْلَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْعَطِيَّةُ، لَا كَمَا قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، ثُمَّ قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَقِيلَ: إِنَّ الْمُخَاطَبَ بِذَلِكَ أَوْلِيَاءُ النِّسَاءِ، كَانَ الرَّجُلُ إِذَا زَوَّجَ امْرَأَةً أَخَذَ صَدَاقَهَا دُونَهَا، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ، ثُمَّ أَسْنَدَهُ إِلَى سَيَّارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ بِذَلِكَ، وَاخْتَارَ الطَّبَرِيُّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَاسْتَدَلَّ لَهُ.

(تَنْبِيهٌ): مَحَلُّ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ مِنْ قَوْلِهِ: (حُوبًا) إِلَى آخِرِهَا فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، وَكَأَنَّهُ مِنْ بَعْضِ نُسَّاخِ الْكِتَابِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَلَيْسَ هَذَا خَاصًّا بِهَذَا الْمَوْضِعِ، فَفِي التَّفْسِيرِ فِي غَالِبِ السُّوَرِ أَشْبَاهُ هَذَا.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ، كُوفِيٌّ ثِقَةٌ، لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ. وَأَوْرَدَهُ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْهُ أَيْضًا. وَقَدْ قَالَ الدُّورِيُّ، عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: كَانَ يُخْطِئُ عَنْ سُفْيَانَ، فَذَكَرَهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ، لَكِنْ قَالَ: كَانَ ثَبْتًا فِيمَا يَرْوِي عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، وَمُطَرِّفٍ. وَذَكَرَهُ الْعُقَيْلِيُّ وَقَالَ: رُبَّمَا وَهِمَ فِي الشَّيْءِ، وَقَدْ أَدْرَكَهُ الْبُخَارِيُّ بِالسِّنِّ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ فِي أَوَّلِ سَنَةِ مِائَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ الشَّيْبَانِيُّ) سَمَّاهُ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ سُلَيْمَانَ بْنَ فَيْرُوزٍ.

قَوْلُهُ: (وَذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ السُّوَائِيُّ، وَلَا أَظُنُّهُ ذَكَرَهُ إِلَّا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ لِلشَّيْبَانِيِّ فِيهِ طَرِيقَيْنِ إِحْدَاهُمَا: مَوْصُولَةٌ، وَهِيَ عِكْرِمَةُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْأُخْرَى: مَشْكُوكٌ فِي وَصْلِهَا، وَهِيَ أَبُو الْحَسَنِ السُّوَائِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالشَّيْبَانِيُّ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَالسُّوَائِيُّ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ ثُمَّ أَلِفٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ وَاسْمُهُ عَطَاءٌ، وَلَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى ذِكْرٍ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (كَانُوا إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ) فِي رِوَايَةِ السُّدِّيِّ تَقْيِيدُ