للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَشْرَبُونَ، حَتَّى أَمَّ رَجُلٌ أَصْحَابَهُ فِي الْمَغْرِبِ فَخَلَطَ فِي قِرَاءَتِهِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ الَّتِي فِي النِّسَاءِ، فَكَانُوا يَشْرَبُونَ وَلَا يَقْرَبُ الرَّجُلُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُفِيقَ، ثُمَّ نَزَلَتْ آيَةُ الْمَائِدَةِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَاسٌ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ وَكَانُوا يَشْرَبُونَهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ﴾ الْآيَةَ.

فَقَالَ النَّبِيُّ Object: لَوْ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ لَتَرَكُوهُ كَمَا تَرَكْتُمُوهُ، وَفِي مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوَهُ، وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى قِيلَ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، فَقَالُوا: دَعْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَنْتَفِعْ بِهَا، وَفِي الثَّانِيَةِ فَقِيلَ: حُرِّمَتِ الْخَمْرُ، فَقَالُوا: لَا، إِنَّا لَا نَشْرَبُهَا قُرْبَ الصَّلَاةِ، وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ حُرِّمَتِ الْخَمْرُ قَالَ ابْنُ التِّينِ وَغَيْرُهُ: فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وُجُوبِ قَبُولِ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْعَمَلِ بِهِ فِي النَّسْخِ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ عَدَمُ مَشْرُوعِيَّةِ تَخْلِيلِ الْخَمْرِ، لِأَنَّهُ لَوْ جَازَ لَمَا أَرَاقُوهَا، وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي الْأَشْرِبَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(تَنْبِيهٌ):

فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ أَنَّ رَجُلًا أَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ فَقَالُوا: أَرِقْ يَا أَنَسُ وَفِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُمْ سَمِعُوا الْمُنَادِيَ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: اخْرُجْ يَا أَنَسُ فَانْظُرْ مَا هَذَا الصَّوْتُ وَظَاهِرُهُمَا التَّعَارُضُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُنَادِيَ بِذَلِكَ شَافَهَهُمْ، وَالثَّانِيَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الَّذِي نَقَلَ لَهُمْ ذَلِكَ غَيْرُ أَنَسٍ، فَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ، عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، لِأَنَّ الْآتِيَ أَخْبَرَ أَنَسًا، وَأَنَسٌ أَخْبَرَ الْقَوْمَ. وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ التِّينِ بِأَنَّ نَصَّ الرِّوَايَةِ الْأُولَى أَنَّ الْآتِيَ أَخْبَرَ الْقَوْمَ مُشَافَهَةً بِذَلِكَ. قُلْتُ: فَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُنَادِيَ غَيْرُ الَّذِي أَخْبَرَهُمْ، أَوْ أَنَّ أَنَسًا لَمَّا أَخْبَرَهُمْ عَنِ الْمُنَادِي جَاءَ الْمُنَادِي أَيْضًا فِي أَثَرِهِ فَشَافَهَهُمْ.

١٢ - بَاب: ﴿لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾

٤٦٢١ - حَدَّثَنَا مُنْذِرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَارُودِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَنَسٍ Object قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ Object خُطْبَةً مَا سَمِعْتُ مِثْلَهَا قَطُّ، قَالَ: لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، قَالَ: فَغَطَّى أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ Object وُجُوهَهُمْ لَهُمْ حنِينٌ، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ أَبِي؟ قَالَ: أبوك فُلَانٌ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ رَوَاهُ النَّضْرُ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ شُعْبَةَ.

٤٦٢٢ - حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ سَهْلٍ حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْجُوَيْرِيَةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ Object قَالَ كَانَ قَوْمٌ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ Object اسْتِهْزَاءً فَيَقُولُ الرَّجُلُ مَنْ أَبِي وَيَقُولُ الرَّجُلُ تَضِلُّ نَاقَتُهُ أَيْنَ نَاقَتِي فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الآيَةَ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ حَتَّى فَرَغَ مِنْ الآيَةِ كُلِّهَا"

قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِهِ: ﴿لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾ سَقَطَ بَابُ قَوْلِهِ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا النَّهْيِ مَنْ كَرِهَ السُّؤَالَ عَمَّا لَمْ يَقَعْ، وَقَدْ أَسْنَدَهُ الدَّارِمِيُّ فِي مُقَدَّمَةِ كِتَابِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: اعْتَقَدَ قَوْمٌ مِنَ الْغَافِلِينَ مَنْعَ أَسْئِلَةِ النَّوَازِلِ حَتَّى تَقَعَ تَعَلُّقًا بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّهَا مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ مَا تَقَعُ الْمَسَاءَةُ فِي جَوَابِهِ، وَمَسَائِلُ النَّوَازِلِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ. وَهُوَ كَمَا قَالَ، إِلَّا أَنَّهُ أَسَاءَ فِي قَوْلِهِ الْغَافِلِينَ عَلَى