للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْلِ مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ بِبَرَاءَةَ، وَأَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ، وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ.

قَوْلُهُ: (بَابُ: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿الْمُشْرِكِينَ﴾ أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ مِنْ وَجْهَيْنِ.

قَوْلُهُ: (بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ) فِي رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ الْحَجَّةِ الَّتِي أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَيْهَا قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَا بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُقِيمَ لِلنَّاسِ حَجَّهُمْ، فَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ.

قَوْلُهُ: (يُؤَذِّنُونَ بِمِنًى أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ فِي مُؤَذِّنِينَ أَيْ فِي جَمَاعَةِ مُؤَذِّنِينَ، وَالْمُرَادُ بِالتَّأْذِينِ الْإِعْلَامُ، وَهُوَ اقْتِبَاسٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ﴾ أَيْ إِعْلَامٌ. وَقَدْ وَقَفْتُ مِمَّنْ سُمِّيَ مِمَّنْ كَانَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ عَلَى أَسْمَاءِ جَمَاعَةٍ، مِنْهُمْ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِيمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحَكَمِ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى ضَجْنَانَ أَتْبَعَهُ عَلِيًّا. وَمِنْهُمْ جَابِرٌ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ عَلَى الْحَجِّ فَأَقْبَلْنَا مَعَهُ.

قَوْلُهُ: (أَنْ لَا يَحُجَّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَإِدْغَامِ النُّونِ فِي اللَّامِ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِ الْآثَارِ هَذَا مُشْكِلٌ، لِأَنَّ الْأَخْبَارَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ بِذَلِكَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ عَلِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَكَيْفَ يَبْعَثُ أَبُو بَكْرٍ، أَبَا هُرَيْرَةَ وَمَنْ مَعَهُ لِلتَّأْذِينِ مَعَ صَرْفِ الْأَمْرِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَعْلَى؟ ثُمَّ أَجَابَ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ الْأَمِيرَ عَلَى النَّاسِ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ بِلَا خِلَافٍ، وَكَانَ عَلِيٌّ هُوَ الْمَأْمُورُ بِالتَّأْذِينِ بِذَلِكَ، وَكَأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُطِقِ التَّأْذِينَ بِذَلِكَ وَحْدَهُ وَاحْتَاجَ إِلَى مَنْ يُعِينُهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَرْسَلَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، أَبَا هُرَيْرَةَ وَغَيْرَهُ لِيُسَاعِدُوهُ عَلَى ذَلِكَ. ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ الْمُحَرِّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ عَلِيٍّ حِينَ بَعَثَهُ النَّبِيُّ ﷺ بِبَرَاءَةٍ إِلَى أَهْلِ مَكَّةِ، فَكُنْتُ أُنَادِي مَعَهُ بِذَلِكَ حَتَّى يَصْحَلَ صَوْتِي، وَكَانَ هُوَ يُنَادِي قَبْلِي حَتَّى يُعْيِيَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ أَيْضًا وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَرِّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ مُبَاشَرَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ لِذَلِكَ كَانَتْ بِأَمْرِ أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ يُنَادِي بِمَا يُلْقِيهِ إِلَيْهِ عَلِيٌّ مِمَّا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ الْعَامِ) أَيْ بَعْدَ الزَّمَانِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْإِعْلَامُ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَطُوفَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ عَطْفًا عَلَى الْحَجِّ.

قَوْلُهُ: (قَالَ حُمَيْدٌ) هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ (ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِعَلِيٍّ وَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةٍ) هَذَا الْقَدرُ مِنَ الْحَدِيثِ مُرْسَلٌ، لِأَنَّ حُمَيْدًا لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ وَلَا صَرَّحَ بِسَمَاعِهِ لَهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ إِرْسَالُ عَلِيٍّ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ: فَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَا بَكْرٍ بِبَرَاءَةٍ إِلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَبَعَثَهُ عَلَى الْمَوْسِمِ، ثُمَّ بَعَثَنِي فِي أَثَرِهِ، فَأَدْرَكْتُهُ فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا لِي؟ قَالَ: خَيْرٌ، أَنْتَ صَاحِبِي فِي الْغَارِ وَصَاحِبِي عَلَى الْحَوْضِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُبَلِّغُ عَنِّي غَيْرِي، أَوْ رَجُلٌ مِنِّي، وَمِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ الْعُمَرِيِّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَذَلِكَ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلَهُ مُطَوَّلًا وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ نَحْوَهُ لَكِنْ قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: إِنَّهُ لَنْ يُؤَدِّيَهَا عَنْكَ إِلَّا أَنْتَ أَوْ رَجُلٌ مِنْكَ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَأَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ ﷺ بَرَاءَةً مَعَ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ دَعَا عَلِيًّا فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُبَلِّغَ هَذَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِي، وَهَذَا يُوَضِّحُ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا