للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَأَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى أَغْرَى يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ مُسْلِمَ بْنَ عقبة بِالْمَدِينَةِ فَكَانَتْ وَقْعَةُ الْحَرَّةِ، ثُمَّ تَوَجَّهَ الْجَيْشُ إِلَى مَكَّةَ فَمَاتَ أَمِيرُهُمْ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ وَقَامَ بِأَمْرِ الْجَيْشِ الشَّامِيِّ أَبَانُ بْنُ نُمَيْرٍ فَحَصَرَ ابْنَ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، وَرَمَوُا الْكَعْبَةَ بِالْمَنْجَنِيقِ حَتَّى احْتَرَقَتْ.

فَفَجَأَهُمُ الْخَبَرُ بِمَوْتِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَرَجَعُوا إِلَى الشَّامِ، وَقَامَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي بِنَاءِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ فَبُويِعَ بِالْخِلَافَةِ وَأَطَاعَهُ أَهْلُ الْحِجَازِ وَمِصْرَ وَالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، ثُمَّ غَلَبَ مَرْوَانُ عَلَى الشَّامِ وَقُتِلَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْأَمِيرُ مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَرْجِ رَاهِطٍ، وَمَضَى مَرْوَانُ إِلَى مِصْرَ وَغَلَبَ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَكَمَّلَ بِنَاءَ الْكَعْبَةِ فِي سَنَةِ خَمْسٍ، ثُمَّ مَاتَ مَرْوَانُ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَقَامَ عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنُهُ مَقَامَهُ، وَغَلَبَ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ عَلَى الْكُوفَةِ فَفَرَّ مِنْهُ مَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْحَنَفِيَّةِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ مُقِيمَيْنِ بِمَكَّةَ مُنْذُ قُتِلَ الْحُسَيْنُ، فَدَعَاهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى الْبَيْعَةِ لَهُ فَامْتَنَعَا وَقَالَا: لَا نُبَايِعُ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى خَلِيفَةٍ، وَتَبِعَهُمَا جَمَاعَةٌ عَلَى ذَلِكَ، فَشَدَّدَ عَلَيْهِمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَحَصَرَهُمْ، فَبَلَغَ الْمُخْتَارَ فَجَهَّزَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا فَأَخْرَجُوهُمَا وَاسْتَأْذَنُوهُمَا فِي قِتَالِ ابْنِ الزُّبَيْرِ فَامْتَنَعَا، وَخَرَجَا إِلَى الطَّائِفِ فَأَقَامَا بِهَا حَتَّى مَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ، وَرَحْلَ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بَعْدَهُ إِلَى جِهَةِ رَضْوَى جَبَلِ بِيَنْبُعَ فَأَقَامَ هُنَاكَ، ثُمَّ أَرَادَ دُخُولَ الشَّامِ فَتَوَجَّهَ إِلَى نَحْوِ أَيْلَةَ فَمَاتَ فِي آخِرِ سَنَةِ ثَلَاثٍ أَوْ أَوَّلِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَذَلِكَ عَقِبَ قَتْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ عَاشَ إِلَى سَنَةِ ثَمَانِينَ أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ، وَعِنْدَ الْوَاقِدِيِّ أَنَّهُ مَاتَ

بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ، وَزَعَمَتِ الْكَيْسَانِيَّةُ أَنَّهُ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ وَأَنَّهُ الْمَهْدِيُّ وَأَنَّهُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَمْلِكَ الْأَرْضَ، فِي خُرَافَاتٍ لَهُمْ كَثِيرَةٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا. وَإِنَّمَا لَخَّصْتُ مَا ذَكَرْتُهُ مِنْ طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ وَتَارِيخِ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ لِبَيَانِ الْمُرَادِ بِقَوْلِ ابْنِ أَبِ مُلَيْكَةَ حِينَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَلِقَوْلِهِ فِي الطَّرِيقِ الْأُخْرَى فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ؟ وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ النَّاسُ: بَايِعْ لِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقُلْتُ: وَأَيْنَ بِهَذَا الْأَمْرِ عَنْهُ أَيْ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ لِمَا لَهُ مِنَ الْمَنَاقِبِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَكِنِ امْتَنَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنَ الْمُبَايَعَةِ لَهُ لِمَا ذَكَرْنَاهُ. وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ بِالْمَدِينَةِ ثُمَّ سَكَنَا مَكَّةَ، وَطَلَبَ مِنْهُمَا ابْنُ الزُّبَيْرِ الْبَيْعَةَ فَأَبَيَا حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ، فَضَيَّقَ عَلَيْهِمَا فَبَعَثَ رَسُولًا إِلَى الْعِرَاقِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمَا جَيْشٌ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَوَجَدُوهُمَا مَحْصُورَيْنِ، وَقَدْ أُحْضِرَ الْحَطَبُ فَجُعِلَ عَلَى الْبَابِ يُخَوِّفُهُمَا بِذَلِكَ، فَأَخْرَجُوهُمَا إِلَى الطَّائِفِ وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ بَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَسِتِّينَ.

قَوْلُهُ: (وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ) أَيْ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَقَوْلُهُ وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ أَيْ بِنْتُ عَبْدِ المطلب، وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَأَمَّا عَمَّتُهُ فَزَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ يُرِيدُ خَدِيجَةَ أَطْلَقَ عَلَيْهَا عَمَّتَهُ تَجَوُّزًا وَإِنَّمَا هِيَ عَمَّةُ أَبِيهِ لِأَنَّهَا خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ أَيِ ابْنُ أَسَدٍ، وَالزُّبَيْرُ هُوَ ابْنُ الْعَوَّامِ بْنِ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدٍ، وَكَذَا تَجَوَّزَ فِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ حَيْثُ قَالَ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ: وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ بِنْتِهِ، وَحَيْثُ قَالَ ابْنُ أَخِي خَدِيجَةَ وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ ابْنِ أَخِيهَا الْعَوَّامِ.

قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ إِسْنَادَهُ) بِالنَّصْبِ أَيِ اذْكُرْ إِسْنَادَهُ، أَوْ بِالرَّفْعِ أَيْ مَا إِسْنَادُهُ. فَقَالَ: (حَدَّثَنَا فَشَغَلَهُ إِنْسَانٌ وَلَمْ يَقُلِ ابْنُ جُرَيْجٍ) ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ صَرَّحَ لَهُ بِالتَّحْدِيثِ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَقُلِ ابْنُ جُرَيْجٍ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ بَيْنَهُمَا وَاسِطَةً، وَاحْتَمَلَ عَدَمَ الْوَاسِطَةِ، وَلِذَلِكَ اسْتَظْهَرَ الْبُخَارِيُّ بِإِخْرَاجِ الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ثُمَّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شَيْخِهِ.

قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ (حَجَّاجٌ) هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ الْمِصِّيصِيُّ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ) كَذَا أَعَادَ الضَّمِيرَ بِالتَّثْنِيَةِ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ اخْتِصَارًا