للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَمِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْهَادِي اللَّهُ. وَهَذَا بِمَعْنَى الَّذِي قَبْلَهُ كَأَنَّهُ لَحَظَ قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: الْهَادِي الْقَائِدُ. وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ أَيْضًا: الْهَادِي نَبِيٌّ. وَهَذَا أَخَصُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ. وَيُحْمَلُ الْقَوْمُ فِي الْآيَةِ فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ عَلَى الْعُمُومِ. وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ، وَأَبِي الضُّحَى، وَمُجَاهِدٍ أَيْضًا قَالَ: الْهَادِي مُحَمَّدٌ. وَهَذَا أَخَصُّ مِنَ الْجَمِيعِ. وَالْمُرَادُ بِالْقَوْمِ عَلَى هَذَا الْخُصُوصِ أَيْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَالْمُسْتَغْرَبُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ Object يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ وَقَالَ: أَنَا الْمُنْذِرُ. وَأَوْمَأَ إِلَى عَلِيٍّ وَقَالَ: أَنْتَ الْهَادِي بِكَ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ بَعْدِي فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْقَوْمِ أَخَصُّ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ أَيْ بَنِي هَاشِمٍ مَثَلًا.

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: الْهَادِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ. قَالَ بَعْضُ رُوَاتِهِ: هُوَ عَلِيٌّ. وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ. وَفِي إِسْنَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَعْضُ الشِّيعَةِ. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ ثَابِتًا مَا تَخَالَفَتْ رُوَاتُهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: صَدِيدٌ قَيْحٌ وَدَمٌ) سَقَطَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ بِسَنَدِهِ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾ قَالَ: قَيْحٌ وَدَمٌ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ﴾ أَيَادِيَ اللَّهِ عِنْدَكُمْ وَأَيَّامَهُ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْهُ، وَكَذَا رَوَيْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ عُيَيْنَةَ رِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ وَالنَّسَائِيُّ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى مُوسَى ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ قَالَ: نِعَمِ اللَّهِ. وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فَلَمْ يَقُلْ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ رَغِبْتُمْ إِلَيْهِ فِيهِ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ﴾ قَالَ: رَغِبْتُمْ إِلَيْهِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (تَبْغُونَهَا عِوَجًا تَلْتَمِسُونَ لَهَا عِوَجًا) كَذَا وَقَعَ هُنَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِأَبِي ذَرٍّ قَبْلَ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَصَنِيعِهِمْ أَوْلَى لِأَنَّ هَذَا مِنْ قَوْلِ مُجَاهِدٍ فَذِكْرُهُ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ تَفَاسِيرِهِ أَوْلَى، وَقَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا﴾ قَالَ تَلْتَمِسُونَ لَهَا الزَّيْغَ، وَذَكَرَ يَعْقُوبُ بْنُ السِّكِّيتِ أَنَّ الْعِوَجَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الْأَرْضِ وَالدِّينِ، وَبِفَتْحِهَا فِي الْعَوْدِ وَنَحْوَهُ مِمَّا كَانَ مُنْتَصِبًا.

قَوْلُهُ: ﴿وَلا خِلالٌ﴾ مَصْدَرُ خَالَلْتُهُ خِلَالًا، وَيَجُوزُ أَيْضًا جَمْعُ خُلَّةٍ وَخِلَالِ) كَذَا وَقَعَ فِيهِ فَأَوْهَمَ أَنَّهُ مِنْ تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ﴾ أَيْ لَا مُخَالَّةَ خَلِيلٍ، قَالَ: وَلَهُ مَعْنَى آخَرَ جَمْعُ خُلَّةٍ مِثْلُ حُلَّةٍ وَالْجَمْعُ خِلَالٌ وَقُلَّةٍ وَالْجَمْعُ قِلَالٌ. وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ: عَلِمَ اللَّهُ أَنَّ فِي الدُّنْيَا بُيُوعًا وَخِلَالًا يَتَخَالَوْنَ بِهَا فِي الدُّنْيَا، فَمَنْ كَانَ يُخَالِلُ اللَّهَ فَلْيَدُمْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَسَيَنْقَطِعُ ذَلِكَ عَنْهُ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَنْ جَعَلَ الْخِلَالَ فِي الْآيَةِ جَمْعُ خُلَّةٍ.

قَوْلُهُ: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ﴾ أَعْلَمَكُمْ آذَنَكُمْ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِأَبِي ذَرٍّ أَعْلَمَكُمْ رَبُّكُمْ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ﴾ إِذْ زَائِدَةٌ، وَتَأَذَّنَ تَفَعَّلَ مِنْ آذَنَ أَيْ أَعْلَمَ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ اللُّغَةِ أنَّ تَأَذَّنَ مِنَ الْإِيذَانِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ، وَمَعْنَى تَفَعَّلَ عَزَمَ عَزْمًا جَازِمًا، وَلِهَذَا أُجِيبَ بِمَا يُجَابُ بِهِ الْقَسَمُ. وَنَقَلَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَبِ يَجْعَلُ أَذَّنَ وَتَأَذَّنَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. قُلْتُ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ تَعَلَّمَ مَوْضِعَ أَعْلَمَ وَأَوْعَدَ وَتَوَعَّدَ وَقِيلَ إِنَّ إِذْ زَائِدَةٌ فَإِنَّ الْمَعْنَى اذْكُرُوا حِينَ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ.

قَوْلُهُ: ﴿أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ﴾ هَذَا مِثْلُ كَفُّوا عَمَّا أُمِرُوا بِهِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ﴾ مَجَازُهُ مَجَازُ الْمَثَلِ وَمَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ عَمَّا أُمِرُوا بِقَبُولِهِ مِنَ الْحَقِّ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ يُقَالُ: رَدَّ يَدَهُ فِي فَمِهِ إِذَا أَمْسَكَ وَلَمْ يُجِبْ. وَقَدْ تَعَقَّبُوا كَلَامَ أَبِي عُبَيْدَةَ فَقِيلَ: لَمْ يُسْمَعْ مِنَ