للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ: أَلَا تُصَلِّيَانِ. ﴿رَجْمًا بِالْغَيْبِ﴾ لَمْ يَسْتَبِنْ. ﴿فُرُطًا﴾ نَدَمًا. ﴿سُرَادِقُهَا﴾ مِثْلُ السُّرَادِقِ، وَالْحُجْرَةِ الَّتِي تُطِيفُ بِالْفَسَاطِيطِ، ﴿يُحَاوِرُهُ﴾ مِنْ الْمُحَاوَرَةِ، ﴿لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي﴾ أَيْ لَكِنْ أَنَا ﴿هُوَ اللَّهُ رَبِّي﴾ ثُمَّ حَذَفَ الْأَلِفَ وَأَدْغَمَ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الْأُخْرَى، ﴿وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا﴾ تقُولُ بَيْنَهُمَا نهرا، ﴿زَلَقًا﴾ لَا يَثْبُتُ فِيهِ قَدَمٌ، ﴿هُنَالِكَ الْوَلايَةُ﴾ مَصْدَرُ ولي الْوَلِيِّ ولاء، ﴿عُقْبًا﴾ عَاقِبَةً، وَعُقْبَى وَعُقْبَةً وَاحِدٌ وَهِيَ الْآخِرَةُ، ﴿قُبُلا﴾ وَقُبُلًا وَقَبَلًا: اسْتِئْنَافًا، ﴿لِيُدْحِضُوا﴾ لِيُزِيلُوا، الدَّحْضُ الزَّلَقُ.

قَوْلُهُ: بَابُ ﴿وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلا﴾ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ عَلِيٍّ مُخْتَصَرًا، وَلَمْ يَذْكُرْ مَقْصُودَ الْبَابِ عَلَى عَادَتِهِ فِي التَّعْمِيَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَفِيهِ ذِكْرُ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ: أَلَا تُصَلِّيَانِ زَادَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَالْآيَةَ إِلَى قَوْلِهِ أَكْثَرُ شَيْءٍ جَدَلًا.

قَوْلُهُ: (رَجْمًا بِالْغَيْبِ: لَمْ يَسْتَبِنْ) سَقَطَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ هُنَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ. وَلِقَتَادَةَ عِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ (رَجْمًا بِالْغَيْبِ) قَالَ: قَذْفًا بِالظَّنِّ.

قَوْلُهُ: (فُرُطًا نَدَمًا) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ فِي قَوْلِهِ: (فُرُطًا) قَالَ: نَدَامَةً، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ أَيْ تَضْيِيعًا وَإِسْرَافًا. وَلِلطَّبَرِيِّ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: ضَيَاعًا. وَعَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: إِهْلَاكًا. وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ: نَزَلَتْ فِي عُيَيْنَةَ بْنِ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ.

قَوْلُهُ: (سُرَادِقُهَا مِثْلُ السُّرَادِقِ وَالْحُجْرَةِ الَّتِي تُطِيفُ بِالْفَسَاطِيطِ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ لَكِنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ كَسُرَادِقِ الْفُسْطَاطِ، وَهِيَ الْحُجْرَةُ الَّتِي تَطُوفُ بِالْفُسْطَاطِ، قَالَ الشَّاعِرُ:

سُرَادِقُ الْمَجْدِ عَلَيْكَ مَمْدُودٌ

وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ قَالَ: سُرَادِقُهَا حَائِطٌ مِنْ نَارٍ.

قَوْلُهُ: (يُحَاوِرُهُ مِنَ الْمُحَاوَرَةِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يُحَاوِرُهُ أَيْ يُكَلِّمُهُ مِنَ الْمُحَاوَرَةِ أَيِ الْمُرَاجَعَةِ.

قَوْلُهُ: ﴿لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي﴾ أَيْ لَكِنْ أَنَا هُوَ اللَّهُ رَبِّي، ثُمَّ حُذِفَ الْأَلِفُ وَأُدْغِمَ إِحْدَى النُّونَيْنِ فِي الْأُخْرَى) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: تَرْكَ الْأَلِفَ مِنْ أَنَا كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ ثُمَّ أُدْغِمَتْ نُونُ أَنَا فِي نُونِ لَكِنْ، وَأَنْشَدَ:

وَتَرْمُقُنِي بِالطَّرْفِ أَيْ أَنْتَ مُذْنِبٌ … وَتَقْلِينَنِي لَكِنْ إِيَّاكِ لَا أَقْلِي

أَيْ لَكِنْ أَنَا إِيَّاكِ لَا أَقْلِي. قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يُشْبِعُ أَلِفَ أَنَا فَجَاءَتِ الْقِرَاءَةُ عَلَى تِلْكَ اللُّغَةِ.

قَوْلُهُ: ﴿وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا﴾ تَقُولُ بَيْنَهُمَا) ثَبَتَ لِأَبِي ذَرٍّ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَقِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِالتَّشْدِيدِ، وَيَعْقُوبَ، وَعِيسَى بْنِ عُمَرَ بِالتَّخْفِيفِ.

قَوْلُهُ: (هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ مَصْدَرُ وَلِيَ الْوَلِيُّ وَلَاءً) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِلْبَاقِينَ مَصْدَرُ الْوَلْيِ وَهُوَ أَصْوَبُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَالْأَخَوَانِ بِكَسْرِهَا، وَأَنْكَرَهُ أَبُو عَمْرٍو، وَالْأَصْمَعِيُّ لِأَنَّ الَّذِي بِالْكَسْرِ الْإِمَارَةُ وَلَا مَعْنَى لَهُ هُنَا. وَقَالَ غَيْرُهُمَا: الْكَسْرُ لُغَةٌ بِمَعْنَى الْفَتْحِ، كَالدَّلَالَةِ بِفَتْحِ دَالِهَا وَكَسْرِهَا بِمَعْنًى.

(تَنْبِيهٌ): يَأْتِي قَوْلُهُ: (خَيْرٌ عُقْبًا) فِي الدَّعَوَاتِ.

قَوْلُهُ: (قِبَلًا وَقُبُلًا وَقَبَلًا اسْتِئْنَافًا) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلا﴾ أَيْ أَوَّلًا، فَإِنْ فَتَحُوا أَوَّلُهَا فَالْمَعْنَى اسْتِئْنَافًا، وَغَفَلَ ابْنُ التِّينِ فَقَالَ: لَا أَعْرِفُ لِلِاسْتِئْنَافِ هُنَا مَعْنًى، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِقْبَالًا، وَهُوَ يَعُودُ عَلَى قَبْلًا بِفَتْحِ الْقَافِ، انْتَهَى. وَالْمُؤْتَنَفُ قَرِيبٌ مِنَ الْمُقْبِلِ فَلَا مَعْنَى لِادِّعَاءِ تَفْسِيرِهِ.

قَوْلُهُ: