للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حَتَّى يُقَصَّ عَلَيْنَا مِنْ أَمْرِهِمَا. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقْرَأُ: وَكَانَ أَمَامَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ صَالِحَةٍ غَصْبًا، وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا﴾ - إِلَى قَوْلِهِ - ﴿قَصَصًا﴾ سَاقَ فِيهِ قِصَّةَ مُوسَى عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، وَقَدْ نَبَّهْتُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ فِي الَّذِي قَبْلَهُ. وَقَوْلُهُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ تَقَدَّمَ قَبْلَ ببَابٍ مِنْ رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيٍّ بْنِ الْمَدِينِيِّ قَالَ: حَجَجْتُ حَجَّةً وَلَيْسَ لِي هِمَّةٌ إِلَّا أَنْ أَسْمَعَ مِنْ سُفْيَانَ الْخَبَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، حَتَّى سَمِعْتُهُ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يَقُولُهُ بِالْعَنْعَنَةِ.

قَوْلُهُ: (يَنْقَضُّ يَنْقَاضُ كَمَا يَنْقَاضُ السِّنُّ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ الشَّيْءُ بِمُعْجَمَةٍ وَتَحْتَانِيَّةٍ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ﴾ أَيْ يَقَعَ، يُقَالُ: انْقَضَّتِ الدَّارُ إِذَا انْهَدَمَتْ، قَالَ: وَقَرَأَهُ قَوْمٌ يَنْقَاضُ أي يَنْقَلِعُ مِنْ أَصْلِهِ، كَقَوْلِكَ: انْقَاضَتِ السِّنُّ إِذَا انْقَلَعَتْ مِنْ أَصْلِهَا، وَهَذَا يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ أَبِي ذَرٍّ، وَقِرَاءَةُ يَنْقَاضُ مَرْوِيَّةٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ. وَاخْتُلِفَ فِي ضَادِهَا فَقِيلَ بِالتَّشْدِيدِ بِوَزْنِ يَحْمَارُّ وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ يَنْقَضُّ، وَيَنْقَضُّ بِوَزْنِ يَفْعَلُّ مِنِ انْقِضَاضِ الطَّائِرِ إِذَا سَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ، وَقِيلَ بِالتَّخْفِيفِ وَعَلَيْهِ يَنْطَبِقُ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ. وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَرَأَ يَنْقَاصُ بِالْمُهْمَلَةِ، وَقَالَ ابْنُ خَالَوَيْهِ: يَقُولُونَ: انْقَاصَتِ السِّنُّ إِذَا انْشَقَّتْ طُولًا، وَقِيلَ: إِذَا تَصَدَّعَتْ كَيْفَ كَانَ. وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ: قِيلَ مَعْنَاهُ كَالَّذِي بِالْمُعْجَمَةِ وَقِيلَ الشَّقُّ طُولًا. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: انْقَاضَ بِالْمُعْجَمَةِ انْكَسَرَ، وَبِالْمُهْمَلَةِ انْصَدَعَ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ تَبَعًا لِابْنِ مَسْعُودٍ يُرِيدُ لِيُنْقَضَ بِكَسْرِ اللَّامِ وَضَمِّ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الضَّادِ مِنَ النَّقْضِ.

قَوْلُهُ: ﴿نُكْرًا﴾ دَاهِيَةً) كَذَا فِيهِ، وَالَّذِي عِنْدَ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا﴾ دَاهِيَةً، وَنُكْرًا أَيْ عَظِيمًا. وَاخْتُلِفَ فِي أَيِّهِمَا أَبْلَغُ فَقِيلَ إِمْرًا أَبْلَغُ مِنْ نُكْرًا لِأَنَّهُ قَالَهَا بِسَبَبِ الْخَرْقِ الَّذِي يُفْضِي إِلَى هَلَاكِ عِدَّةِ أَنْفُسٍ، وَتِلْكَ بِسَبَبِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ. وَقِيلَ نُكْرًا أَبْلَغُ لِكَوْنِ الضَّرَرِ فِيهَا نَاجِزًا بِخِلَافِ إِمْرًا لِكَوْنِ الضَّرَرِ فِيهَا مُتَوَقَّعًا. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي نُكْرًا: ﴿أَلَمْ أَقُلْ لَكَ﴾ وَلَمْ يَقُلْهَا فِي إِمْرًا.

قَوْلُهُ: (لَتَخِذْتَ وَاتَّخَذْتَ وَاحِدٌ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سُفْيَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَرَأَهَا لَتَخِذْتَ وَهِيَ قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرٍو، وَرِوَايَةُ غَيْرِهِ لَاتَّخَذْتَ.

قَوْلُهُ: (رُحْمًا مِنَ الرُّحْمِ وَهِيَ أَشَدُّ مُبَالَغَةٍ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ مِنَ الرَّحِيمِ، وَتُدْعَى مَكَّةَ أُمُّ رُحْمٍ أَيِ الرَّحْمَةُ تَنْزِلُ بِهَا) هُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَوَقَعَ عِنْدَهُ مُفَرَّقًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ رُحْمًا مِنَ الرَّحِمِ الَّتِي هِيَ الْقَرَابَةُ، وَهِيَ أَبْلَغُ مِنَ الرَّحْمَةِ الَّتِي هِيَ رِقَّةُ الْقَلْبِ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُهَا غَالِبًا مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ، وَقَوْلُهُ: وَيُظَنُّ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ، وَقَوْلُهُ: مُشْتَقٌّ مِنَ الرَّحْمَةِ أَيِ الَّتِي اشْتُقَّ مِنْهَا الرَّحِيمُ، وَقَوْلُهُ: أُمُّ رُحْمٍ بِضَمِّ الرَّاءِ وَالسُّكُونِ وَذَلِكَ لِتَنْزِلَ الرَّحْمَةُ بِهَا، فَفِيهِ تَقْوِيَةٌ لِمَا اخْتَارَهُ مِنْ أَنَّ الرُّحْمَ مِنَ الْقَرَابَةِ لَا مِنَ الرِّقَّةِ.

قوله: (باب قوله تعالى: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ﴾ إلخ) ثبتت هذه الترجمة لأبي ذر، وذكر فيه قصة موسى والخضر عن قتيبة عن سفيان بن عيينة، وقد تقدمت عن عبد الله بن محمد عن سفيان بن عيينة في كتاب العلم، وقوله في آخرها: (قال رسول الله ﷺ: وددنا أن موسى صبر حتى يقص الله علينا من أمرهما) تقدم في العلم بلفظ (يرحم الله موسى لوددنا لو صبر) وتقدم في أحاديث الأنبياء عن علي بن عبد الله بن المديني عن سفيان كرواية قتيبة، لكن قال بعدها: (قال سفيان: قال رسول الله ﷺ: يرحم الله موسى إلخ) فهذا يحتمل أن تكون هذه الزيادة وهو (يرحم الله موسى) لم تكن عند ابن عيينة بهذا الإسناد، ولكنه أرسلها. ويحتمل أن يكون على سمعه منه مرتين