للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا﴾

قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِهِ: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ﴾ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ: مَا بَيْنَ أَيْدِينَا الْآخِرَةُ، وَمَا خَلْفَنَا الدُّنْيَا، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ لِجِبْرِيلَ: مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزُورَنَا رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْعَوْفِيِّ، وَابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: احْتَبَسَ جِبْرِيلُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ قَالَ: أَبْطَأَ جِبْرِيلُ فِي النُّزُولِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: يَا جِبْرِيلُ، مَا نَزَلْتَ حَتَّى اشْتَقْتُ إِلَيْكَ، قَالَ: أَنَا كُنْتُ أَشْوَقَ إِلَيْكَ، وَلَكِنِّي مَأْمُورٌ، وَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى جِبْرِيلَ قُلْ لَهُ: ﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ﴾ وَرَوَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي سَبَبِ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ زِيَادٍ النُّمَيْرِيِّ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ: أَيُّ الْبِقَاعُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَأَيُّهَا أَبْغَضُ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: مَا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ وَكَانَ قَدْ أَبْطَأَ عَلَيْهِ، الْحَدِيثَ. وَعِنْدَ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إنَّ قُرَيْشًا لَمَّا سَأَلُوا عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ فَمَكَثَ النَّبِيُّ ﷺ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً لَا يُحْدِثُ اللَّهَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَحْيًا، فَلَمَّا نَزَلَ جِبْرِيلُ قَالَ لَهُ: أَبْطَأْتَ. فَذَكَرَهُ. وَحَكَى ابْنُ التِّينِ، لِلدَّاوُدِيِّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَلَامًا فِي اسْتِشْكَالِ نُزُولِ الْوَحْيِ فِي الْقَضَايَا الْحَادِثَةِ، مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ قَدِيمٌ. وَجَوَابُهُ وَاضِحٌ فَلَمْ أَتَشَاغَلْ بِهِ هُنَا، لَكِنْ أَلْمَمْتُ بِهِ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ.

(تَنْبِيهٌ): الْأَمْرُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَعْنَاهُ الْإِذْنُ بِدَلِيلِ سَبَبِ النُّزُولِ الْمَذْكُورِ، وَيَحْتَمِلُ الْحُكْمُ؛ أَيْ: نَتَنَزَّلُ مُصَاحِبِينَ لِأَمْرِ اللَّهِ عِبَادَهُ بِمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ أَوْ حَرَّمَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ حَمْلَ اللَّفْظِ عَلَى جَمِيعِ مَعَانِيهِ.

٣ - بَاب ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا﴾

٤٧٣٢ - حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ خَبَّابًا قَالَ: جِئْتُ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ أَتَقَاضَاهُ حَقًّا لِي عِنْدَهُ، فَقَالَ: لَا أُعْطِيكَ حَتَّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ ﷺ. فَقُلْتُ: لَا، حَتَّى تَمُوتَ ثُمَّ تُبْعَثَ. قَالَ: وَإِنِّي لَمَيِّتٌ ثُمَّ مَبْعُوثٌ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: إِنَّ لِي هُنَاكَ مَالًا وَوَلَدًا، فَأَقْضِيكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا﴾. رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ وَحَفْصٌ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعٌ عَنْ الْأَعْمَشِ.

قَوْلُهُ: بَابُ قَوْلِهِ: ﴿أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَدًا﴾ قِرَاءَةُ الْأَكْثَرِ بِفَتْحَتَيْنِ، وَالْكُوفِيِّينَ سِوَى عَاصِمٍ بِضَمٍّ ثُمَّ سُكُونٍ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: لَعَلَّهُمْ أَرَادُوا التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ، لَكِنَّ قِرَاءَةَ الْفَتْحِ أَشْمَلُ وَهِيَ أَعْجَبُ إِلَيَّ.

قَوْلُهُ: (عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي الضُّحَى) كَذَا رَوَاهُ بِشْرُ بْنُ مُوسَى وَغَيْرُ وَاحِدٍ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ: عَنْ أَبِي وَائِلٍ بَدَلَ أَبِي الضُّحَى وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ، وَشَذَّ حَمَّادُ بْنُ شُعَيْبٍ فَقَالَ أَيْضًا عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (جِئْتُ الْعَاصَ بْنَ وَائِلٍ السَّهْمِيَّ) هُوَ وَالِدُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ، وَكَانَ لَهُ قَدْرٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَلَمْ يُوَفَّقْ لِلْإِسْلَامِ، قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كَانَ مِنْ حُكَّامِ قُرَيْشٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ أَجَارَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ أَسْلَمَ.