للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَعَ مِنْهُ عَلَى جِهَةِ الْغَيْظِ وَالْحَنَقِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي زَجْرِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ عَنِ الْمُجَادَلَةِ عَنِ ابْنِ أُبَيٍّ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يُرِدِ النِّفَاقَ الَّذِي هُوَ إِظْهَارُ الْإِيمَانِ وَإِبْطَانُ الْكُفْرِ، قَالَ: وَلَعَلَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِ لِذَلِكَ. وَسَأَذْكُرُ مَا فِي فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي آخِرِ شَرْحِهِ، زِيَادَةٌ فِي هَذَا.

قَوْلُهُ: (فَقَامَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ) بِالتَّصْغِيرِ فِيهِ وَفِي أَبِيهِ، وَأَبُوهُ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ مُعْجَمَةٍ تَقَدَّمَ نَسَبُهُ فِي الْمَنَاقِبِ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ ابْنُ عَمِّ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ) أَيْ مِنْ رَهْطِهِ، وَلَمْ يَكُنِ ابْنُ عَمِّهِ لَحًّا، لِأَنَّهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ امْرِئِ الْقِيسِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ الْأَشْهَلِ، وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرِ بْنِ سِمَاكِ بْنِ عَتِيكِ بْنِ امْرِئِ الْقِيسِ، إِنَّمَا يَجْتَمِعَانِ فِي امْرِئِ الْقِيسِ وَهُمَا التعدد فِي التَّعَدُّدِ إِلَيْهِ سَوَاءٌ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ: كَذَبْتَ لَعَمْرُ اللَّهِ لَنَقْتُلَنَّهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مِنَ الْخَزْرَجِ إِذَا أَمَرَنَا النَّبِيُّ بِذَلِكَ، وَلَيْسَتْ لَكُمْ قُدْرَةٌ عَلَى مَنْعِنَا مِنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ) أَطْلَقَ أُسَيْدُ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي زَجْرِهِ عَنِ الْقَوْلِ الَّذِي قَالَهُ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: فَإِنَّكَ مُنَافِقٌ أَيْ تَصْنَعُ صَنِيعَ الْمُنَافِقِينَ، وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ وَقَابَلَ قَوْلَهُ لِسَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: كَذَبْتَ لَا تَقْتُلْهُ بِقَوْلِهِ هُوَ: كَذَبْتَ لَنَقْتُلَنَّهُ. وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: إِطْلَاقُ أُسَيْدٍ لَمْ يُرِدْ بِهِ نِفَاقَ الْكُفْرِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ كَانَ يُظْهِرُ الْمَوَدَّةَ لِلْأَوْسِ ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ ضِدُّ ذَلِكَ فَأَشْبَهَ حَالَ الْمُنَافِقِ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ إِظْهَارُ شَيْءٍ وَإِخْفَاءُ غَيْرِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السَّبَبُ فِي تَرْكِ إِنْكَارِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَتَثَاوَرَ) بِمُثَنَّاةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ: تَفَاعَلَ مِنَ الثَّوْرَةِ، وَالْحَيَّانِ بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٍ تَثْنِيَةُ حَيٍّ وَالْحَيُّ كَالْقَبِيلَةِ، أَيْ نَهَضَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ مِنَ الْغَضَبِ. وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: وَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ فَسَلَّ سَيْفَهُ قَوْلُهُ: (حَتَّى هَمُّوا أَنْ يَقْتَتِلُوا) زَادَ ابْنُ جُرَيْجٍ فِي رِوَايَتِهِ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ هُنَا: قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ مَوْعِدُكُمُ الْحِرَّةُ أَيْ خَارِجَ الْمَدِينَةِ لِتَتَقَاتَلُوا هُنَاكَ.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا) وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حَاطِبٍ: فَلَمْ يَزَلْ يُومِئُ بِيَدِهِ إِلَى النَّاسِ هَاهُنَا حَتَّى هَدَأَ الصَّوْتُ، وَفِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ: فَنَزَلَ فَخَفَّضَهُمْ حَتَّى سَكَتُوا، وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ سَكَّتَهُمْ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَيْهِمْ أَيْضًا لِيُكْمِلَ تَسْكِيتَهُمْ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: فَحَجَزَ بَيْنَهُمْ.

قَوْلُهُ: (فَمَكَثْتُ يَوْمِي ذَلِكَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فَبَكَيْتُ، وَهِيَ فِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ، وَصَالِحٍ وَغَيْرِهِمَا.

قَوْلُهُ: (فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي) أَيْ أَنَّهُمَا جَاءَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي هِيَ بِهِ مِنْ بَيْتِهِمَا، لَا أَنَّهَا رَجَعَتْ مِنْ عِنْدِهِمَا إِلَى بَيْتِهَا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ: وَأَنَا فِي بَيْتِ أَبَوَيَّ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمًا) أَيِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَخْبَرَتْهَا فِيهَا أُمُّ مِسْطَحٍ الْخَبَرَ وَالْيَوْمُ الَّذِي خَطَبَ فِيهِ النَّبِيُّ النَّاسَ وَاللَّيْلَةُ الَّتِي تَلِيهِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ: وَقَدْ بَكَيْتُ لَيْلَتِي وَيَوْمًا، وَكَأَنَّ الْيَاءَ مُشَدَّدَةٌ وَنَسَبَتْها إِلَى نَفْسِهَا لِمَا وَقَعَ لَهَا فِيهِمَا.

قَوْلُهُ: (فَبَيْنَا هُمَا) وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فَبَيْنَمَا هُمَا.

قَوْلُهُ: (يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقِ كَبِدِي) فِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ: حَتَّى أَظُنُّ، وَيُجْمَعُ بِأَنَّ الْجَمِيعَ كَانُوا يَظُنُّونَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَاسْتَأْذَنَتْ) كَذَا فِيهِ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ جَاءَتِ امْرَأَةٌ فَاسْتَأْذَنَتْ، وَفِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ: إِذِ اسْتَأْذَنَتْ.

قَوْلُهُ: (امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهَا.

قَوْلُهُ: (فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ وَهِيَ رِوَايَةُ فُلَيْحٍ، وَالْأَوْلَى رِوَايَةُ صَالِحٍ.

قَوْلُهُ: (دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ) سَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِلَفْظِ: فَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي فَلَمْ يَزَالَا حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ وَقَدْ صَلَّى الْعَصْرَ وَقَدِ اكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ حَاطِبٍ: وَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ حَتَّى جَلَسَ عَلَى سَرِيرٍ وِجَاهِي، وَفِي حَدِيثِ أُمِّ رُومَانَ أَنَّ عَائِشَةَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَانَتْ بِهَا الْحُمَّى النَّافِضُ، وَأَنَّ النَّبِيَّ لَمَّا دَخَلَ فَوَجَدَهَا كَذَلِكَ قَالَ: مَا شَأْنُ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَخَذَتْهَا الْحُمَّى بِنَافِضٍ، قَالَ: فَلَعَلَّهُ فِي حَدِيثٍ تُحُدِّثَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَقَعَدَتْ