للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَمُغَالِبِينَ، وَمَعْنَى مُعْجِزِينَ: نَاسِبِينَ غَيْرَهُمْ إِلَى الْعَجْزِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِمُعْجِزِينَ فَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ: ﴿وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ﴾ وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ نَحْوَهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: مُعَاجِزِي: مُسَابِقِي فَسَقَطَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ وَثَبَتَ عِنْدَهُمَا مُعَاجِزِينَ: مُغَالِبِينَ وَتَكَرَّرَ لَهُمَا بَعْدُ، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّهُ بَقِيَّةُ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ كَمَا قَدَّمْتُهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: سَبَقُوا إِلَخْ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا﴾ مَجَازُهُ فَاتُوا ﴿إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ﴾ أَيْ: لَا يَفُوتُونَ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: يَسْبِقُونَا فَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا أَيْ يُعْجِزُونَا. وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِمُعْجِزِينَ بِفَائِتِينَ فَكَذَا وَقَعَ مُكَرَّرًا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَحْدَهُ، وَسَقَطَ لِلْبَاقِينَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: مُعَاجِزِينَ: مُغَالِبِينَ إِلَخْ. فَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ: مُعَانِدِينَ. وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: مُعَاجِزِينَ قَالَ: مُرَاغِمِينَ. وَكُلُّهَا بِمَعْنًى.

قَوْلُهُ: (مِعْشَارَ: عُشْرَ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ﴾ أَيْ عُشْرَ مَا أَعْطَيْنَاهُمْ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْمَعْنَى وَمَا بَلَغَ أَهْلُ مَكَّةَ مِعْشَارَ الَّذِينَ أَهْلَكْنَاهُمْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُوَّةِ وَالْجِسْمِ وَالْوَلَدِ وَالْعَدَدِ، وَالْمِعْشَارُ: الْعُشْرُ.

قَوْلُهُ: (يُقَالُ الْأُكُلُ الثَّمَرَةُ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ﴾ قَالَ: الْخَمْطُ: هُوَ كُلُّ شَجَرٍ ذِي شَوْكٍ، وَالْأُكُلُ: الْجَنَى أَيْ بِفَتْحِ الْجِيمِ مَقْصُورٌ وَهُوَ بِمَعْنَى الثَّمَرَةِ.

قَوْلُهُ: (بَاعِدْ وَبَعِّدْ وَاحِدٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ مَجَازُهُ مَجَازُ الدُّعَاءِ، وَقَرَأَهُ قَوْمٌ بَعِّدْ يَعْنِي بِالتَّشْدِيدِ. قُلْتُ: قِرَاءَةُ بَاعِدْ لِلْجُمْهُورِ، وَقَرَأَهُ بَعِّدْ أَبُو عَمْرٍو، وَابْنُ كَثِيرٍ، وَهِشَامٌ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿لا يَعْزُبُ﴾ لَا يَغِيبُ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْهُ بِهَذَا.

قَوْلُهُ: (سَيْلَ الْعَرِمِ السُّدِّ) كَذَا لِلْأَك ثَرِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، وَلِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْحَمَوِيِّ الشَّدِيدُ بِمُعْجَمَةٍ وَزْنَ عَظِيمٍ.

قَوْلُهُ: (فَشَقَّهُ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِمُعْجَمَةٍ قَبْلَ الْقَافِ الثَّقِيلَةِ، وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ فَبَثَقَهُ بِمُوَحَّدَةٍ ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ قَبْلَ الْقَافِ الْخَفِيفَةِ، قَالَ: وَهُوَ الْوَجْهُ، تَقُولُ: بَثَقْتَ النَّهْرَ إِذَا كَسَرْتَهُ لِتَصْرِفَهُ عَنْ مَجْرَاهُ.

قَوْلُهُ: (فَارْتَفَعَتَا عَنِ الْجَنَبَتَيْنِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالنُّونِ الْخَفِيفَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ ثُمَّ مُثَنَّاةٌ فَوْقَانِيَّةٌ ثُمَّ تَحْتَانِيَّةٌ ثُمَّ نُونٌ، وَلِأَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْحَمَوِيِّ بِتَشْدِيدِ النُّونِ بِغَيْرِ مُوَحَّدَةِ تَثْنِيَةُ جَنَّةٍ. وَاسْتُشْكِلَ هَذَا التَّرْتِيبُ لِأَنَّ السِّيَاقَ يَقْتَضِي أَنْ يَقُولَ: ارْتَفَعَ الْمَاءُ عَلَى الْجَنَّتَيْنِ، وَارْتَفَعَتِ الْجَنَّتَانِ عَنِ الْمَاءِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الِارْتِفَاعِ الزَّوَالُ أَيِ: ارْتَفَعَ اسْمُ الْجَنَّةِ مِنْهُمَا، فَالتَّقْدِيرُ: فَارْتَفَعَتِ الْجَنَّتَانِ عَنْ كَوْنِهِمَا جَنَّتَيْنِ. وَتَسْمِيَةُ مَا بُدِّلُوا بِهِ جَنَّتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْمُشَاكَلَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَكُنِ الْمَاءُ الْأَحْمَرُ مِنَ السُّدِّ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، وَلِلْمُسْتَمْلِيِّ مِنَ السَّيْلِ، وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنَ السُّيُولِ. وَهَذَا الْأَثَرُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ أَيْضًا وَقَالَ: السُّدُّ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَقَالَ: فَشَقَّهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْقَافِ الثَّقِيلَةِ، وَقَالَ: عَلَى الْجَنَّتَيْنِ تَثْنِيَةُ جَنَّةٍ كَمَا لِلْأَكْثَرِ فِي الْمَوَاضِعِ كُلِّهَا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ: عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ؛ الْعَرِمُ الْمُسَنَّاةُ بِلَحْنِ أَهْلِ الْيَمَنِ، وَقَالَ غَيْرُهُ. الْعَرِمُ الْوَادِي) أَمَّا قَوْلُ عَمْرٍو فَوَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ وَهُوَ عَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ فَذَكَرَهُ سَوَاءً، وَاللَّحْنُ: اللُّغَةُ، وَالْمُسَنَّاةُ: بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ، وَضُبِطَ فِي أَصْلِ الْأَصِيلِيِّ، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: الْمُرَادُ بِهَا مَا يُبْنَى فِي عُرْضِ الْوَادِي لِيَرْتَفِعَ السَّيْلُ وَيَفِيضَ عَلَى الْأَرْضِ وَكَأَنَّهُ أُخِذَ مِنْ عَرَامَةِ الْمَاءِ وَهُوَ ذَهَابُهُ كُلَّ مَذْهَبٍ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرِمُ الْمُسَنَّاةُ وَهِيَ مُسَنَّاةٌ كَانَتْ تَحْبِسُ الْمَاءَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ مِنْهَا، فَيُسَيِّبُونَ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ ثُمَّ الثَّانِي ثُمَّ الْآخَرِ، وَلَا يَنْفُذُ حَتَّى يَرْجِعَ الْمَاءُ السَّنَةَ