للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْأَصِيلِيِّ ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ﴾ قَرَنَّاهُمْ بِهِمْ. ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ﴾ عِنْدَ الْمَوْتِ وَهَذَا هُوَ وَجْهُ الْكَلَامِ وَصَوَابُهُ، وَلَيْسَ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ تَفْسِيرًا لِقَيَّضْنَا. وَقَدْ أَخْرَجَ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ: ﴿وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ﴾ قَالَ: شَيَاطِينَ، وَفِي قَوْلِهِ ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا﴾ قَالَ: عِنْدَ الْمَوْتِ. وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ مُفَرَّقًا فِي مَوْضِعَيْهِ، وَمِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ﴾ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ﴾ وَذَلِكَ فِي الْآخِرَةِ. قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ فَإِنَّ حَالَةَ الْمَوْتِ أَوَّلُ أَحْوَالِ الْآخِرَةِ فِي حَقِّ الْمَيِّتِ، وَالْحَاصِلُ مِنَ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ فِي حَالِ تَصَرُّفِهِمْ فِي الدُّنْيَا.

قَوْلُهُ: ﴿اهْتَزَّتْ﴾ بِالنَّبَاتِ، ﴿وَرَبَتْ﴾ ارْتَفَعَتْ مِنْ أَكْمَامِهَا حِينَ تَطْلُعُ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَالنَّسَفِيِّ، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِمَا إِلَى قَوْلِهِ ارْتَفَعَتْ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ إِلَى قَوْلِهِ ارْتَفَعَتْ وَزَادَ: قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ.

قَوْلُهُ: ﴿لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي﴾ أَيْ بِعِلْمِي أَنَا مَحْقُوقٌ بِهَذَا) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِهَذَا وَلَكِنْ لَفْظُهُ بِعَمَلِي بِتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى اللَّامِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ، وَاللَّامُ فِي لَيَقُولَنَّ جَوَابُ الْقَسَمِ، وَأَمَّا جَوَابُ الشَّرْطِ فَمَحْذُوفٌ، وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ: اللَّامُ جَوَابُ الشَّرْطِ وَالْفَاءُ مَحْذُوفَةٌ مِنْهُ لِأَنَّ ذَلِكَ شَاذٌّ مُخْتَلَفٌ فِي جَوَازِهِ فِي الشِّعْرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ﴿هَذَا لِي﴾ أَيْ لَا يَزُولُ عَنِّي.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ: ﴿سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ قَدَّرَهَا سَوَاءً) سَقَطَ وَقَالَ غَيْرُهُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَالنَّسَفِيِّ وَهُوَ أَشْبَهُ، فَإِنَّهُ مَعْنَى قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ ﴿سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾ نَصَبَهَا عَلَى الْمَصْدَرِ، وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: قَرَأَ الْجُمْهُورُ سَوَاءً بِالنَّصْبِ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِالرَّفْعِ وَيَعْقُوبُ بِالْجَرِّ، فَالنَّصْبُ عَلَى الْمَصْدَرِ أَوْ عَلَى نَعْتِ الْأَقْوَاتِ، وَمَنْ رَفَعَ فَعَلَى الْقَطْعِ، وَمَنْ خَفَضَ فَعَلَى نَعْتِ الْأَيَّامِ أَوِ الْأَرْبَعَةِ.

قَوْلُهُ: ﴿فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ) كَقَوْلِهِ: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ وكقَوْلُهُ: ﴿هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ وَالْهُدَى الَّذِي هُوَ الْإِرْشَادُ بِمَنْزِلَةِ أَسْعَدْنَاهُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾. كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَالْأَصِيلِيِّ وَلِغَيْرِهِمَا أَصْعَدْنَاهُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ: هُوَ بِالصَّادِ أَقْرَبُ إِلَى تَفْسِيرِ أَرْشَدْنَاهُ مِنْ أَسْعَدْنَاهُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ بِالسِّينِ كَانَ مِنَ السَّعْدِ وَالسَّعَادَةِ، وَأَرْشَدْتُ الرَّجُلَ إِلَى الطَّرِيقِ وَهَدَيْتُهُ السَّبِيلَ بَعِيدٌ مِنْ هَذَا التَّفْسِيرِ، فَإِذَا قُلْتُ أَصْعَدْنَاهُمْ بِالصَّادِ خَرَجَ اللَّفْظُ إِلَى مَعْنَى الصُّعُدَاتِ فِي قَوْلِهِ إِيَّاكُمْ وَالْقُعُودَ عَلَى الصُّعُدَاتِ وَهِيَ الطُّرُقُ، وَكَذَلِكَ أَصْعَدَ فِي الْأَرْضِ إِذَا سَارَ فِيهَا عَلَى قَصْدٍ، فَإِنْ كَانَ الْبُخَارِيُّ قَصَدَ هَذَا وَكَتَبَهَا فِي نُسْخَتِهِ بِالصَّادِ الْتِفَاتًا إِلَى حَدِيثِ الصُّعُدَاتِ فَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ انْتَهَى. وَالَّذِي عِنْدَ الْبُخَارِيِّ إِنَّمَا هُوَ بِالسِّينِ كَمَا وَقَعَ عِنْدَ أَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْهُ، وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنْ مَعَانِي الْقُرْآنِ قَالَ: فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ﴾ يُقَالُ دَلَلْنَاهُمْ عَلَى مَذْهَبِ الْخَيْرِ وَمَذْهَبِ الشَّرِّ كَقَوْلِهِ: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ ثُمَّ سَاقَ عَنْ عَلِيٍّ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ قَالَ: الْخَيْرَ وَالشَّرَّ، قَالَ: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾ قَالَ: وَالْهُدَى عَلَى وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ الْإِرْشَادُ، وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ أَسْعَدْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْقُرْآنِ.

قَوْلُهُ: ﴿يُوزَعُونَ﴾ يُكَفُّونَ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ أَيْ يُدْفَعُونَ، وَهُوَ مِنْ وَزِعْتُ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَهُمْ يُوزَعُونَ﴾ قَالَ: عَلَيْهِمْ وَزَعَةٌ تَرُدُّ أُولَاهُمْ عَلَى أُخْرَاهُمْ.

قَوْلُهُ: ﴿مِنْ أَكْمَامِهَا﴾ قِشْرُ الْكُفُرَّى الْكُمُّ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَلِغَيْرِهِ هِيَ الْكُمُّ، زَادَ الْأَصِيلِيُّ: وَاحِدُهَا هُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ بِلَفْظِهِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ أَكْمَامِهَا﴾ أَيْ أَوْعِيَتِهَا وَاحِدُهَا كُمَّةٌ وَهُوَ مَا كَانَتْ فِيهِ، وَكُمٌّ وَكُمَّةٌ وَاحِدٌ، وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ، وَأَكِمَّةٌ.

(تَنْبِيهٌ): كَافُ الْكُمِّ مَضْمُومَةٌ كَكُمِّ الْقَمِيصِ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ وَبِهِ جَزَمَ