للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِهَا بَاطِلٌ، وَأَشَارَ عَلَيْهِمْ كِبَارُ الصَّحَابَةِ بِمُطَاوَعَةِ عَلِيٍّ وَأَنْ لَا يُخَالَفَ مَا يُشِيرُ بِهِ؛ لِكَوْنِهِ أَعْلَمَ بِالْمَصْلَحَةِ، وَذَكَرَ لهُمْ سَهْلَ بْنُ حُنَيْفٍ مَا وَقَعَ لَهُمْ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَّهُمْ رَأَوْا يَوْمَئِذٍ أَنْ يَسْتَمِرُّوا عَلَى الْقِتَالِ وَيُخَالِفُوا مَا دُعُوا إِلَيْهِ مِنَ الصُّلْحِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْأَصْلَحَ هُوَ الَّذِي كَانَ شَرَعَ النَّبِيُّ ﷺ فِيهِ، وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ فِي كِتَابِ اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَسَبَقَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُدَيْبِيَةِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ.

٤٩ - سُورَةُ الْحُجُرَاتِ

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿لا تُقَدِّمُوا﴾ لَا تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ. امْتَحَنَ: أَخْلَصَ. ولَا تَنَابَزُوا: يُدْعَى بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ. يَلِتْكُمْ: يُنْقِصْكُمْ. أَلَتْنَا: نَقَصْنَا.

قَوْلُهُ: (سُورَةُ الْحُجُرَاتِ. بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَاقْتَصَرَ غَيْرُهُ عَلَى الْحُجُرَاتِ حَسْبُ. وَالْحُجُرَاتُ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ حُجْرَةٍ، بِسُكُونِ الْجِيمِ، وَالْمُرَادُ بُيُوتُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ﷺ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿لا تُقَدِّمُوا﴾ لَا تَفْتَاتُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ) وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، وَرَوَيْنَاهُ فِي كِتَابِ ذَمِّ الْكَلَامِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

(تَنْبِيهٌ): ضَبَطَ أَبُو الْحَجَّاجِ الْبَنَاسِيُّ تَقَدَّمُوا بِفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقِرَاءَةُ يَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ وَهِيَ الَّتِي يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا هَذَا التَّفْسِيرُ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَاسًا كَانُوا يَقُولُونَ: لَوْ أُنْزِلَ فِي كَذَا، فَأَنْزَلَهَا اللَّهُ، قَالَ: وَقَالَ الْحَسَنُ: هُمْ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ذَبَحُوا قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ ﷺ بِالْإِعَادَةِ.

قَوْلُهُ: (امْتَحَنَ: أَخْلَصَ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْهُ بِلَفْظِهِ، وَكَذَا قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: أَخْلَصَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ فِيمَا أَحَبَّ.

قَوْلُهُ: ﴿وَلا تَنَابَزُوا﴾ يُدْعَى بِالْكُفْرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ لَا يَدْعُو الرَّجُلُ بِالْكُفْرِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ﴾ قَالَ: لَا يَطْعَنُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ.

﴿وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ﴾ قَالَ: لَا تَقُلْ لِأَخِيكَ الْمُسْلِمِ: يَا فَاسِقُ يَا مُنَافِقُ. وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: كَانَ الْيَهُودِيُّ يُسْلِمُ فَيُقَالُ لَهُ يَا يَهُودِيُّ. فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ. وَلِلطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ نَحْوَهُ. وَرَوَى أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو جُبَيْرَةَ بْنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: فِينَا نَزَلَتْ ﴿وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ﴾ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ فِينَا رَجُلٌ إِلَّا وَلَهُ لَقَبَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ، فَكَانَ إِذَا دَعَا أَحَدًا مِنْهُمْ بِاسْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ قَالُوا: إِنَّهُ يَغْضَبُ مِنْهُ، فَنَزَلَتْ.

قَوْلُهُ: ﴿يَلِتْكُمْ﴾ يُنْقِصُكُمْ، أَلَتْنَا: نَقَصْنَا) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِهِ، وَبِهِ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ﴾ قَالَ: مَا نَقَصْنَا الْآبَاءَ لِلْأَبْنَاءِ.

(تَنْبِيهٌ): هَذَا الثَّانِي مِنْ سُورَةِ الطُّورِ ذَكَرَهُ هُنَا اسْتِطْرَادًا، وَإِنَّمَا يَتَنَاسَبُ أَلَتْنَا مَعَ الْآيَةِ الْأُخْرَى عَلَى قِرَاءَةِ أَبِي عَمْرٍو هُنَا، فَإِنَّهُ قَرَأَ لَا يَأْلِتْكُمْ بِزِيَادَةِ هَمْزَةٍ، وَالْبَاقُونَ بِحَذْفِهَا، وَهُوَ مِنْ لَاتَ يَلِيتُ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، قَالَ: وَقَالَ رُؤْبَةُ:

وَلَيْلَةٌ ذَاتُ نَدًى سَرَيْتُ … وَلَمْ يَلِتْنِي عَنْ سُرَاهَا لَيْتُ

وَتَقُولُ الْعَرَبُ: أَلَاتَنِي حَقِّي، وَأَلَاتَنِي عَنْ حَاجَتِي أَيْ صَرَفَنِي. وَأَمَّا قَوْلُهُ: ﴿وَمَا أَلَتْنَاهُمْ﴾ فَهُوَ مِنْ أَلَتَ يَأْلِتُ أَيْ نَقَصَ.