للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثَلَاثَةُ أَزْمَانٍ إِذَا رُئِيَتْ غُدْوَةً طَالِعَةً فَذَاكَ صَمِيمُ الْحَرِّ، وَإِذَا رُئيَتْ عِشَاءً طَالِعَةً فَذَاكَ صَمِيمُ الْبَرْدِ، وَلَهَا زَمَانٌ ثَالِثٌ وَهُوَ وَقْتُ نَوْئِهَا. وَأَحَدُ كَوْكَبَيِ الذِّرَاعِ الْمَقْبُوضَةِ هِيَ الشِّعْرَى الْغُمَيْصَاءُ، وَهِيَ تُقَابِلُ الشِّعْرَى الْعَبُورَ وَالْمَجَرَّةُ بَيْنَهُمَا، وَيُقَالُ لِكَوْكَبِهَا الْآخَرِ الشَّمَالِيُّ، الْمِرْزَمُ مِرْزَمُ الذِّرَاعِ، وَهُمَا مِرْزَمَانِ هَذَا وَآخَرُ فِي الْجَوْزَاءِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ انْحَدَرَ سُهَيْلٌ فَصَارَ يَمَانِيًّا فَتَبِعَتْهُ الشِّعْرَى فَعَبَرَتْ إِلَيْهِ الْمَجَرَّةَ وَأَقَامَتِ الْغُمَيْصَاءُ فَبَكَتْ عَلَيْهِ حَتَّى غَمَصَتْ عَيْنُهَا وَالشِّعْرَيَانِ الْغُمَيْصَاءُ وَالْعَبُورُ يَطْلُعَانِ مَعًا.

وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: الْمِرْزَمُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الزَّايِ نَجْمٌ يُقَابِلُ الشِّعْرَى مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ لَا يُفَارِقُهَا وَهُوَ الْهَنْعَةُ.

قَوْلُهُ: ﴿الَّذِي وَفَّى﴾ وَفَّى مَا فُرِضَ عَلَيْهِ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ بِلَفْظِهِ، وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ قَالَ: ﴿وَفَّى﴾ أَيْ بَلَّغَ. وَرَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ قَالَ: كَانَ الرَّجُلُ يُؤْخَذُ بِذَنْبِ غَيْرِهِ حَتَّى جَاءَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى * أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ وَمِنْ طَرِيقِ هُذَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ نَحْوُهُ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ: سَمَّى اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ الَّذِي وَفَّى، لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ كُلَّمَا أَصْبَحَ وَأَمْسَى: ﴿فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ﴾. وَرَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: وَفَّى عَمَلِ يَوْمِهِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ.

قَوْلُهُ: ﴿أَزِفَتِ الآزِفَةُ﴾ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) سَقَطَ هَذَا لِأَبِي ذَرٍّ هُنَا وَيَأْتِي فِي الرِّقَاقِ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ كَذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: دَنَتِ الْقِيَامَةُ.

قَوْلُهُ: (سَامِدُونَ: الْبَرْطَمَةُ) كَذَا لَهُمْ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ، وَالْأَصِيلِيِّ، وَالْقَابِسِيِّ: الْبَرْطَنَةُ بِالنُّونِ بَدَلَ الْمِيمِ. (وَقَالَ عِكْرِمَةُ: يَتَغَنَّوْنَ بِالْحِمْيَرِيَّةِ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ﴾ قَالَ: مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ. ﴿وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ﴾ قَالَ: الْبَرْطَمَةُ. قَالَ: وَقَالَ عِكْرِمَةُ: السَّامِدُونَ يَتَغَنَّوْنَ بِالْحِمْيَرِيَّةِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: كَانُوا يَمُرُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ غِضَابًا مُبَرْطِمِينَ. قَالَ: وَقَالَ عِكْرِمَةُ هُوَ الْغِنَاءُ بِالْحِمْيَرِيَّةِ. وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ﴾ هُوَ الْغِنَاءُ بِالْحِمْيَرِيَّةِ، يَقُولُونَ: اسْمُدْ لَنَا أَيْ غَنِّ لَنَا. وَأَخْرَجَهُ أَبُو عُبَيْدٍ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ﴾ قَالَ: الْغِنَاءُ. قَالَ عِكْرِمَةُ: وَهِيَ بِلُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ، إِذَا أَرَادَ الْيَمَانِيُّ أَنْ يَقُولَ تَغَنَّ، قَالَ: اسْمُدْ. لَفْظُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَأَخْرَجَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَاهُونَ. وَعَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: غَافِلُونَ. وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مُعْرِضُونَ.

(تَنْبِيهٌ): الْبَرْطَمَةُ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْإِعْرَاضُ. وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: الْبَرْطَمَةُ هَكَذَا، وَوَضَعَ ذَقَنَهُ فِي صَدْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَفَتُمَارُونَهُ: أَفَتُجَادِلُونَهُ) وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ بِهِ، وَجَاءَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِيهِ الْقِرَاءَةُ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ قَرَأَ أَفَتَمْرُونَهُ يَعْنِي: أَفَتَجْحَدُونَهُ) كَذَا لَهُمْ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ أَفَتَجْحَدُونَ بِغَيْرِ ضَمِيرٍ، وَقَدْ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ أَيْضًا عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ ﴿أَفَتُمَارُونَهُ﴾ يَقُولُ: أَفَتَجْحَدُونَهُ، فَكَأَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَرَأَ بِهِمَا مَعًا وَفَسَّرَهُمَا، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ عَنْ هُشَيْمٍ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: وَهَكَذَا قَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَعَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَرَأَهَا الْبَاقُونَ وَبَعْضُ الْكُوفِيِّينَ ﴿أَفَتُمَارُونَهُ﴾ أَيْ تُجَادِلُونَهُ.

قُلْتُ: قَرَأَهَا مِنَ الْكُوفِيِّينَ عَاصِمٌ كَالْجُمْهُورِ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: كَانَ شُرَيْحٌ يَقْرَأُ ﴿أَفَتُمَارُونَهُ﴾ وَمَسْرُوقٌ يَقْرَأُ أَفَتَمْرُونَهُ، وَجَاءَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَرَأَهَا كَذَلِكَ لَكِنْ بِضَمِّ التَّاءِ.

قَوْلُهُ: (مَا زَاغَ