للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْكِتَابَ أَوْ لَنُلْقِيَنَّ الثِّيَابَ، فَأَخْرَجَتْهُ مِنْ عِقَاصِهَا فَأَتَيْنَا بِهِ النَّبِيَّ ، فَإِذَا فِيهِ: مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى أُنَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ .. مِمَّنْ بِمَكَّةَ يُخْبِرُهُمْ بِبَعْضِ أَمْرِ النَّبِيِّ ، فَقَالَ النَّبِيُّ : مَا هَذَا يَا حَاطِبُ؟ قَالَ: لَا تَعْجَلْ عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مِنْ قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، وَكَانَ مَنْ مَعَكَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ لَهُمْ قَرَابَاتٌ يَحْمُونَ بِهَا أَهْلِيهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِمَكَّةَ، فَأَحْبَبْتُ إِذْ فَاتَنِي مِنْ النَّسَبِ فِيهِمْ أَنْ أَصْطَنِعَ إِلَيْهِمْ يَدًا يَحْمُونَ قَرَابَتِي، وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ كُفْرًا وَلَا ارْتِدَادًا عَنْ دِينِي، فَقَالَ النَّبِيُّ : إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ، فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ ﷿ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ.

قَالَ عَمْرٌو: وَنَزَلَتْ فِيهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ قَالَ: لَا أَدْرِي الْآيَةَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ قَوْلُ عَمْرٍو.

حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ: قِيلَ لِسُفْيَانَ: فِي هَذَا فَنَزَلَتْ ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ .. الْآيَةَ؟ قَالَ سُفْيَانُ: هَذَا فِي حَدِيثِ النَّاسِ، حَفِظْتُهُ مِنْ عَمْرٍو، مَا تَرَكْتُ مِنْهُ حَرْفًا، وَمَا أُرَى أَحَدًا حَفِظَهُ غَيْرِي.

قَوْلُهُ: بَابُ: ﴿لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ﴾ سَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَالْعَدُوُّ لَمَّا كَانَ بِزِنَةِ الْمَصَادِرِ وَقَعَ عَلَى الْوَاحِدِ فَمَا فَوْقَهُ. وَقَوْلُهُ: ﴿تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾ - تَفْسِيرٌ لِلْمُوَالَاةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَوْ صِفَةً، وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُمْ نُهُوا عَنِ اتِّخَاذِهِمْ أَوْلِيَاءَ مُطْلَقًا، وَالتَّقْيِيدُ بِالصِّفَةِ أَوِ الْحَالِ يُوهِمُ الْجَوَازَ عِنْدَ انْتِفَائِهِمَا، لَكِنْ عُلِمَ بِالْقَوَاعِدِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا فَلَا مَفْهُومَ لَهُمَا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْوِلَايَةُ تَسْتَلْزِمُ الْمَوَدَّةَ، فَلَا تَتِمُّ الْوِلَايَةُ بِدُونِ الْمَوَدَّةِ فَهِيَ حَالٌ لَازِمَةٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ) أَيِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ) بِمُعْجَمَتَيْنِ، وَمَنْ قَالَهَا بِمُهْمَلَةٍ ثُمَّ جِيمٍ فَقَدْ صَحَّفَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْجَاسُوسِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ وَفِي أَوَّلِ غَزْوَةِ الْفَتْحِ.

قَوْلُهُ: (لَنلْقِيَنَّ) كَذَا فِيهِ، وَالْوَجْهُ حَذْفُ التَّحْتَانِيَّةِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا أُثْبِتَتْ لِمُشَاكَلَةِ لَتُخْرِجِنَّ.

قَوْلُهُ: (كُنْتُ امْرَأً مِنْ قُرَيْشٍ) أَيْ: بِالْحِلْفِ، لِقَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.

قَوْلُهُ: (كُنْتُ امْرَأً مِنْ قُرَيْشٍ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) لَيْسَ هَذَا تَنَاقُضًا، بَلْ أَرَادَ أَنَّهُ مِنْهُمْ بِمَعْنَى أَنَّهُ حَلِيفُهُمْ، وَقَدْ ثَبَتَ حَدِيثُ: حَلِيفُ الْقَوْمِ مِنْهُمْ وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ أَكُنْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لِإِثْبَاتِ الْمَجَازِ.

قَوْلُهُ: (إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكُمْ) بِتَخْفِيفِ الدَّالِ أَيْ: قَالَ الصِّدْقُ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ عُمَرُ: دَعْنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ) إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عُمَرُ مَعَ تَصْدِيقِ رَسُولِ اللَّهِ لِحَاطِبٍ فِيمَا اعْتَذَرَ بِهِ لِمَا كَانَ عِنْدَ عُمَرَ مِنَ الْقُوَّةِ فِي الدِّينِ وَبُغْضِ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى النِّفَاقِ، وَظَنَّ أَنَّ مَنْ خَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ اسْتَحَقَّ الْقَتْلَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ اسْتَأْذَنَ فِي قَتْلِهِ، وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ مُنَافِقًا لِكَوْنِهِ أَبْطَنَ خِلَافَ مَا أَظْهَرَ، وَعُذْرُ حَاطِبٍ مَا ذَكَرَهُ، فَإِنَّهُ صَنَعَ ذَلِكَ مُتَأَوِّلًا أَنْ لَا ضَرَرَ فِيهِ. وَعِنْدَ الطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْحَارِثِ، عَنْ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ فَقَالَ: أَلَيْسَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنَّهُ نَكَثَ وَظَاهَرَ أَعْدَاءَكَ عَلَيْكَ.

قَوْلُهُ (فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا يُدْرِيكَ) أَرْشَدَ أَنَّ عِلَّةَ تَرْكِ قَتْلِهِ بِأَنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا فَكَأَنَّهُ قِيلَ: وَهَلْ يُسْقِطُ عَنْهُ شُهُودُهُ بَدْرًا هَذَا الذَّنْبَ الْعَظِيمَ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَمَا يُدْرِيكَ .. إِلَخْ.

قَوْلُهُ: (لَعَلَّ اللَّهَ ﷿ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ) هَكَذَا فِي أَكْثَرِ