للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الَّتِي قَبْلَهَا، وَقَدْ صَرَّحُوا بِاسْتِحْبَابِ خِطْبَةِ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنَ الرِّجَالِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَحِلَّ هَذَا إِذَا كَانَ الْمَخْطُوبُ عَزَمَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ إِلَّا بِوَاحِدَةٍ، فَأَمَّا إِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَلَا تَحْرِيمَ، وَسَيَأْتِي بَعْدَ سِتَّةِ أَبْوَابٍ فِي بَابِ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تَحِلُّ فِي النِّكَاحِ مَزِيدُ بَحْثٍ فِي هَذَا.

قَوْلُهُ: (حَتَّى يَنْكِحَ)؛ أَيْ حَتَّى يَتَزَوَّجَ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ فَيَحْصُلُ الْيَأْسُ الْمَحْضُ، وَقَوْلُهُ: (أَوْ يَتْرُكَ)؛ أَيِ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ التَّزْوِيجَ فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ لِلثَّانِي الْخِطْبَةُ، فَالْغَايَتَانِ مُخْتَلِفَتَانِ: الْأُولَى تَرْجِعُ إِلَى الْيَأْسِ، وَالثَّانِيَةُ تَرْجِعُ إِلَى الرَّجَاءِ، وَنَظِيرُ الْأُولَى قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ﴾

٤٦ - بَاب تَفْسِيرِ تَرْكِ الْخِطْبَةِ

٥١٤٥ - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ قَالَ عُمَرُ: لَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلَّا أَنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ ذَكَرَهَا، فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ ، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا. تَابَعَهُ يُونُسُ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ.

قَوْلُهُ: (بَابُ تَفْسِيرِ تَرْكِ الْخِطْبَةِ) ذَكَرَ فِيهِ طَرَفًا مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ، وَفِي آخِرِهِ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ : وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى قَبْلَ أَبْوَابٍ. قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ مَا مُلَخَّصُهُ: تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ تَفْسِيرُ تَرْكِ الْخِطْبَةِ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ: حَتَّى يَنْكِحَ أَوْ يَتْرُكَ، وَحَدِيثُ عُمَرَ فِي قِصَّةِ حَفْصَةَ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ تَفْسِيرُ تَرْكِ الْخِطْبَةِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ خَطَبَ حَفْصَةَ، قَالَ: وَلَكِنَّهُ قَصَدَ مَعْنًى دَقِيقًا يَدُلُّ عَلَى ثُقُوبِ ذِهْنِهِ وَرُسُوخِهِ فِي الِاسْتِنْبَاطِ، وَذَلِكَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ عَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ إِذَا خَطَبَ إِلَى عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَرُدُّهُ؛ بَلْ يَرْغَبُ فِيهِ، وَيَشْكُرُ اللَّهَ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، فَقَامَ عِلْمُ أَبِي بَكْرٍ بِهَذَا الْحَالِ مَقَامَ الرُّكُونِ وَالتَّرَاضِي، فَكَأَنَّهُ يَقُولُ: كُلُّ مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُصْرَفُ إِذَا خَطَبَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَتِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ أَنْ يُحَقِّقَ امْتِنَاعَ الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ امْتَنَعَ وَلَمْ يَكُنِ انْبَرَمَ الْأَمْرُ بَيْنَ الْخَاطِبِ وَالْوَلِيِّ فَكَيْفَ لَوِ انْبَرَمَ وَتَرَاكَنَا فَكَأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ مِنْهُ بِالْأَوْلَى. قُلْتُ: وَمَا أَبَدَاهُ ابْنُ بَطَّالٍ أَدَقُّ وَأَوْلَى، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (تَابَعَهُ يُونُسُ، وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ)؛ أَيْ بِإِسْنَادِهِ، أَمَّا مُتَابَعَةُ يُونُسَ وَهُوَ ابْنُ يَزِيدَ فَوَصَلَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ مِنْ طَرِيقِ أَصْبَغَ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ، وَأَمَّا مُتَابَعَةُ الْآخَرِينَ فَوَصَلَهَا الذُّهْلِيُّ فِي الزُّهْرِيَّاتِ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْهُمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ أَيْضًا عَنِ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا.

٤٧ - بَاب الْخُطْبَةِ

٥١٤٦ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلَانِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا، فَقَالَ النَّبِيُّ : إِنَّ مِنْ الْبَيَانِ لَسِحْرًا.

[الحديث ٥١٤٦، طرفه في: ٥٧٦٧]