للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُثْنَى عَلَيْهِ إِنْ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُ زُهَيْرَ بْنَ عُثْمَانَ، فَلَا أَدْرِي مَا اسْمُهُ يَقُولُهُ قَتَادَةُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : الْوَلِيمَةُ أَوَّلَ يَوْمٍ حَقٌّ، وَالثَّانِي مَعْرُوفٌ، وَالثَّالِثُ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ وَلَا يَصِحُّ لَهُ صُحْبَةٌ يَعْنِي لِزُهَيْرٍ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ : إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيُجِبْ. وَلَمْ يَخُصَّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا غَيْرَهَا وَهَذَا أَصَحُّ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ لَمَّا بَنَى بِأَهْلِهِ أَوْلَمَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ؛ فَدَعَا فِي ذَلِكَ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ فَأَجَابَهُ اهـ.

وَقَدْ خَالَفَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، قَتَادَةَ فِي إِسْنَادِهِ؛ فَرَوَاهُ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ مُرْسَلًا أَوْ مُعْضَلًا لَمْ يَذْكُرْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُثْمَانَ وَلَا زُهَيْرًا، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَرَجَّحَهُ عَلَى الْمَوْصُولِ، وَأَشَارَ أَبُو حَاتِمٍ إِلَى تَرْجِيحِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ عَقِبَهُ حَدِيثَ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَقَامَ عَلَى صَفِيَّةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى أَعْرَسَ بِهَا، فَأَشَارَ إِلَى تَضْعِيفِهِ أَوْ إِلَى تَخْصِيصِهِ، وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صَفِيَّةَ وَجَعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا، وَجَعَلَ الْوَلِيمَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ الْحَدِيثَ.

وَقَدْ وَجَدْنَا لِحَدِيثِ زُهَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ شَوَاهِدَ، مِنْهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِثْلُهُ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِيهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ حُسَيْنٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَشَرْتُ إِلَيْهَا فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ حَقٌّ، وَعَنْ أَنَسٍ مِثْلُهُ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَالْبَيْهَقِيُّ وَفِيهِ بَكْرُ بْنُ خُنَيْسٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى ذَكَرَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَاهُ عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ عَوْفٍ عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ نَحْوُهُ؛ فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ عَنِ الْحَسَنِ عَنِ النَّبِيِّ مُرْسَلٌ، وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ: طَعَامُ أَوَّلِ يَوْمٍ حَقٌّ، وَطَعَامٌ يَوْمِ الثَّانِي سُنَّةٌ، وَطَعَامُ يَوْمِ الثَّالِثِ سُمْعَةٌ، وَمَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ. وَقَالَ: لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيِّ، وَهُوَ كَثِيرُ الْغَرَائِبِ وَالْمَنَاكِيرِ. قُلْتُ: وَشَيْخُهُ فِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، وَسَمَاعُ زِيَادٍ مِنْهُ بَعْدَ اخْتِلَاطِهِ فَهَذِهِ عِلَّتُهُ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَفَعَهُ: طَعَامٌ فِي الْعُرْسِ يَوْمٌ سُنَّةٌ، وَطَعَامُ يَوْمَيْنِ فَضْلٌ، وَطَعَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ، أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهَا لَا يَخْلُو عَنْ مَقَالٍ فَمَجْمُوعُهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلْحَدِيثِ أَصْلًا، وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، وَالدَّارِمِيِّ فِي آخِرِ حَدِيثِ زُهَيْرِ بْنِ عُثْمَانَ: قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ دُعِيَ أَوَّلَ يَوْمٍ وَأَجَابَ، وَدُعِيَ ثَانِي يَوْمٍ فَأَجَابَ، وَدُعِيَ ثَالِثَ يَوْمٍ فَلَمْ يُجِبْ، وَقَالَ: أَهْلُ رِيَاءٍ وَسُمْعَةٍ.

فَكَأَنَّهُ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ فَعَمِلَ بِظَاهِرِهِ إِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَقَدْ عَمِلَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: إِذَا أَوْلَمَ ثَلَاثًا فَالْإِجَابَةُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَكْرُوهَةٌ، وَفِي الثَّانِي لَا تَجِبُ قَطْعًا وَلَا يَكُونُ اسْتِحْبَابُهَا فِيهِ كَاسْتِحْبَابِهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَقَدْ حَكَى صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي وُجُوبِهَا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَجْهَيْنِ، وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: أَصَحُّهُمَا الْوُجُوبُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُرْجَانِيُّ لِوَصْفِهِ بِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ أَوْ سُنَّةٌ، وَاعْتَبَرَ الْحَنَابِلَةُ الْوُجُوبَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الثَّانِي فَقَالُوا سُنَّةٌ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ لَفْظِ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَفِيهِ بَحْثٌ، وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَأَطْلَقَهُ بَعْضُهُمْ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ.

وَقَالَ الْعِمْرَانِيُّ: إِنَّمَا تُكْرَهُ إِذَا كَانَ الْمَدْعُوُّ فِي الثَّالِثِ هُوَ الْمَدْعُوَّ فِي الْأَوَّلِ، وَكَذَا صَوَّرَهُ الرُّويَانِيُّ وَاسْتَبْعَدَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ لِأَنَّ إِطْلَاقَ كَوْنِهِ رِيَاءً وَسُمْعَةً يُشْعِرُ بِأَنَّ ذَلِكَ صُنِعَ لِلْمُبَاهَاةِ وَإِذَا كَثُرَ النَّاسُ فَدَعَا فِي كُلِّ يَوْمٍ فِرْقَةً لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مُبَاهَاةٌ غَالِبًا، وَإِلَى مَا جَنَحَ إِلَيْهِ الْبُخَارِيُّ ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، قَالَ عِيَاضٌ اسْتَحَبَّ أَصْحَابُنَا لِأَهْلِ السَّعَةِ كَوْنَهَا أُسْبُوعًا، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَحِلُّهُ إِذَا دَعَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَنْ لَمْ يَدْعُ قَبْلَهُ وَلَمْ يُكَرِّرْ عَلَيْهِمْ، وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَا تَقَدَّمَ عَنِ الرُّويَانِيِّ، وَإِذَا حَمَلْنَا الْأَمْرَ فِي كَرَاهَةِ الثَّالِثِ عَلَى مَا إِذَا كَانَ هُنَاكَ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ وَمُبَاهَاةٌ كَانَ الرَّابِعُ وَمَا بَعْدَهُ كَذَلِكَ فَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا وَقَعَ مِنَ السَّلَفِ مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الْيَوْمَيْنِ عِنْدَ الْأَمْنِ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ ذَلِكَ عَلَى الثَّالِثِ لِكَوْنِهِ الْغَالِبَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ.

أَحَدُهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَوْرَدَهُ