للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، وابْنُ حَبِيبٍ: هُوَ بِالْكَسْرِ، وَالْمُرَادُ شِقُّ جَبَلٍ كَانُوا فِيهِ لِقِلَّتِهِمْ وَسِعَهُمْ سُكْنَى شِقِّ الْجَبَلِ أَيْ نَاحِيَتِهِ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْفَتْحِ فَالْمُرَادُ شِقٌّ فِي الْجَبَلِ كَالْغَارِ وَنَحْوِهِ، وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةِ وَصَوَّبَهُ نِفْطَوَيْهِ: الْمَعْنَى بِالشِّقِّ بِالْكَسْرِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي شَظَفٍ مِنَ الْعَيْشِ، يُقَالُ: هُوَ بِشِقٍّ مِنَ الْعَيْشِ أَيْ بِشَظَفٍ وَجُهْدٍ، وَمِنْهُ ﴿لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلا بِشِقِّ الأَنْفُسِ﴾ وَبِهَذَا جَزَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ وَضَعفٌ غَيْرُهُ. قَوْلُهُ (فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ أَيْ خَيْلٍ (وَأَطِيطٍ أَيْ إِبِلٍ، زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ وَجَامِلٍ وَهُوَ جَمْعٌ جَمَلٍ، وَالْمُرَادُ اسْمُ فَاعِلٍ لِمَالِكِ الْجَمَالِ كَقَوْلِهِ لَابِنٌ وَتَامِرٌ، وَأَصْلُ الْأَطِيطِ صَوْتُ أَعْوَادِ الْمَحَامِلِ وَالرِّجَالِ عَلَى الْجِمَالِ، فَأَرَادَتْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ مَحَامِلَ، تُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى رَفَاهِيَتِهِمْ، وَيُطْلَقُ الْأَطِيطُ عَلَى كُلِّ صَوْتٍ نَشَأَ عَنْ ضَغْطٍ كَمَا فِي حَدِيثِ بَابِ الْجَنَّةِ لَيَتَأَتَّيَنَّ عَلَيْهِ زَمَانٌ وَلَهُ أَطِيطٌ، وَيُقَالُ: الْمُرَادُ بِالْأَطِيطِ صَوْتُ الْجَوْفِ مِنَ الْجُوعِ.

قَوْلُهُ (وَدَائِسٍ اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الدَّوْسِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ وَدِيَاسٍ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الدَّائِسُ الَّذِي يَدُوسُ الطَّعَامَ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: تَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ دِيَاسِ الطَّعَامِ وَهُوَ دِرَاسُهُ، وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ: الدِّيَاسُ وَأَهْلُ الشَّامِ الدِّرَاسُ، فَكَأَنَّهَا أَرَادَتْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: الْمُرَادُ أَنَّ عِنْدَهُمْ طَعَامًا مُنَتقًّى وَهُمْ فِي دِيَاسِ شَيْءٍ آخَرَ، فَخَيْرُهُمْ مُتَّصِلٌ.

قَوْلُهُ (ومِنَقٍّ بِكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا أَدْرِي مَعْنَاهُ، وَأَظُنُّهُ بِالْفَتْحِ مِنْ تُنَقِّي الطَّعَامَ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ: الْمِنَقُّ بِالْكَسْرِ نَقِيقُ أَصْوَاتِ الْمَوَاشِي، تَصِفُ كَثْرَةَ مَالِهِ. وَقَالَ أَبُو سَعْيدٍ الضَّرِيرُ: هُوَ بِالْكَسْرِ مِنْ نَقِيقَةِ الدَّجَاجِ، يُقَالُ أَنَقَّ الرَّجُلُ إِذَا كَانَ لَهُ دَجَاجٌ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: لَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنْ أَصْوَاتِ الْمَوَاشِي نَقٌّ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: نَقَّ الضِّفْدِعُ وَالْعَقْرَبُ وَالدَّجَاجُ، وَيُقَالُ فِي الْهِرِّ بِقِلَّةٍ، وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ فبعيد لأن العرب لا تتمدح بالدجاج ولا تذكرها في الأموال، وهذا الذي أنكره القرطبي لم يرده أبو سعيد وَإِنَّمَا أَرَادَ مَا فَهِمَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، فَقَالَ: كَأَنَّهَا أَرَادَتْ مَنْ يَطْرُدُ الدَّجَاجَ عَنِ الْحَبِّ فَيَنِقُّ، وَحَكَى الْهَرَوِيُّ أَنَّ الْمَنَقَّ بِالْفَتْحِ الْغِرْبَالُ، وَعَنْ بَعْضِ الْمَغَارِبَةِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِسُكُونِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ، أَيْ لَهُ أَنْعَامٌ ذَاتُ نَقًى أَيْ سِمَانٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّهُ نَقَلَهَا مِنْ شَظَفِ عَيْشِ أَهْلِهَا إِلَى الثَّرْوَةِ الْوَاسِعَةِ مِنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ والزَرْعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَمِنْ أَمْثَالِهِمْ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَحَلَبْتَ قَاعِدًا، أَيْ صَارَ مَالُكَ غَنَمًا يَحْلِبُهَا الْقَاعِدُ، وَبِالضِّدِّ أَهُلِ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ.

قَوْلُهُ (فَعِنْدَهُ أَقُولُ فِي رِوَايَةِ للنَّسَائِيِّ أَنْطِقُ، وَفِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ أَتَكَلَّمُ.

قَوْلُهُ (فَلَا أُقَبَّحُ أَيْ فَلَا يُقَالُ لِي قَبَّحَكِ اللَّهُ أَوْ لَا يُقَبَّحُ قَوْلِي وَلَا يَرُدُّ عَلَيَّ، أَيْ لِكَثْرَةِ إِكْرَامِهِ لَهَا وَتَدَلُّلِهَا عَلَيْهِ لَا يَرُدُّ لَهَا قولا وَلَا يُقَبِّحُ عَلَيْهَا مَا تَأْتِي بِهِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ: فَبَيْنَمَا أَنَا عِنْدَهُ أَنَامُ إِلَخْ.

قَوْلُهُ (وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ أَيْ أَنَامُ الصُّبْحَةَ وَهِيَ نَوْمُ أَوَّلِ النَّهَارِ فَلَا أُوقَظُ، إِشَارَةً إِلَى أَنَّ لَهَا مَنْ يَكْفِيهَا مُؤْنَةَ بَيْتِهَا وَمِهْنَةَ أَهْلِهَا.

قَوْلُهُ (وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ كَذَا وَقَعَ بِالْقَافِ وَالنُّونِ الثَّقِيلَةِ ثُمَّ الْمُهْمَلَةِ، قَالَ عِيَاضٌ: لَمْ يَقَعْ فِي الصَّحِيحَيْنِ إِلَّا بِالنُّونِ، وَرَوَاهُ الْأَكْثَرُ فِي غَيْرِهِمَا بِالْمِيمِ قُلْتُ: وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ حَيْثُ نَقَلَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ بِالْمِيمِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَتَقَمَّحُ أَيْ أُرْوَى حَتَّى لَا أُحِبَّ الشُّرْبَ، مَأْخُوذٌ مِنَ النَّاقَةِ الْقَامِحِ، وَهِيَ الَّتِي تُرِدُ الْحوْضَ فَلَا تَشْرَبُ وَتَرْفَعُ رَأْسَهَا رِيًّا، وَأَمَّا بِالنُّونِ فَلَا أَعْرِفُهُ انْتَهَى. وَأَثْبَتَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَعْنَى أَتَقَنَّحُ بِمَعْنَى أَتَقَمَّحُ لِأَنَّ النُّونَ وَالْمِيمَ يَتَعَاقَبَانِ مِثْلَ امْتَقَعَ لَوْنُهُ وَانْتَقَعَ، وَحَكَى شِمْرٌ، عَنْ أَبِي زَيْدٍ: التَّقَنُّحُ الشُّرْبُ بَعْدَ رَيٍّ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الرِّيُّ بَعْدَ الرِّيِّ، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: هُوَ الشُّرْبُ عَلَى مَهَلٍ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ لِأَنَّهَا كَانَتْ آمِنْةً مِنْ قِلَّتِهِ فَلَا تُبَادِرُ إِلَيْهِ مَخَافَةَ عَجْزِهِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الدَّيْنُوَرِيُّ: قَنَحَتْ مِنَ الشَّرَابِ تَكَارَهَتْ عَلَيْهِ بَعْدَ الرِّيِّ، وَحَكَى الْقَالِي: قَنَحَتِ الْإِبِلُ تَقَنَّحُ بِفَتْحِ النُّونِ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ قَنْحًا