للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَشَارَتْ بِوَصْفِ وَالِدَةِ زَوْجِهَا إِلَى أَنَّ زَوْجَهَا كَثِيرَ الْبِرِّ لِأُمِّهِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَطْعَنْ فِي السِّنِّ لِأَنَّ ذَلِكَ هو الْغَالِبِ مِمَّنْ يَكُونُ لَهُ وَالِدَةٌ تُوصَفُ بِمِثْلِ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ (ابْنُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، مَضْجَعُهُ كَمِسَلِّ شَطْبَةٍ وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ زَادَ فِي رِوَايَةٍ لِابْنِ الْأَنْبَارِيِّ وَتَرَوِيهِ فَيْقَةُ الْيَعْرَةِ، وَيَمِيسُ فِي حَلْقِ النَّتْرَةِ، فَأَمَّا مِسَلُّ الشَّطْبَةِ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَصْلُ الشَّطْبَةِ مَا شَطَبَ مِنَ الْجَرِيدِ وَهُوَ سَعَفَه، فَيُشَقُّ مِنْهُ قُضْبَانٌ رِقَاقٌ تُنْسَجُ مِنْهُ الْحُصْرُ، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الشَّطْبَةُ مِنْ سَدَى الْحَصِيرِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هِيَ الْعُودُ الْمُحَدِّدُ كَالْمِسَلَّةِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أَرَادَتْ بِمِسَلِّ الشَّطْبَةِ سَيْفًا سُلَّ مِنْ غِمْدِهِ فَمَضْجَعُهُ الَّذِي يَنَامُ فِيهِ فِي الصِّغَرِ كَقَدْرِ مِسَلِّ شَطْبَةٍ وَاحِدَةٍ، أَمَّا عَلَى مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ فَعَلَى قَدْرِ مَا يُسَلُّ مِنَ الْحَصِيرِ فَيَبْقَى مَكَانُهُ فَارِغًا، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ فَيَكُونُ كَغِمْدِ السَّيْفِ. وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الضَّرِيرُ: شَبَّهَتْهُ بِسَيْفٍ مَسْلُولٍ ذِي شُطَبٍ، وَسُيُوفُ الْيَمَنِ كُلُّهَا ذَاتُ شُطَبٍ، وَقَدْ شَبَّهْتِ الْعَرَبُ الرِّجَالَ بِالسُّيُوفِ إِمَّا لِخُشُونَةِ الْجَانِبِ وَشِدَّةِ الْمَهَابَةِ، وَإِمَّا لِجَمَالِ الرَّوْنَقِ وَكَمَالِ اللَّأْلَاءِ، وَإِمَّا لِكَمَالِ صُورَتِهَا فِي اعْتِدَالِهَا وَاسْتِوَائِهَا. وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الْمَسَلُّ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى السَّلِّ يُقَامُ مَقَامَ الْمَسْلُولِ، وَالْمَعْنَى كَمَسْلُولِ الشَّطْبَةِ.

وَأَمَّا الْجَفْرَةُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ فَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ إِذَا كَانَ ابْنَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَفُصِلَ عَنْ أُمِّهِ وَأُخِذَ فِي الرَّعْيِ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَابْنُ دُرَيْدٍ: وَيُقَالَ لِوَلَدِ الضَّأْنِ أَيْضًا إِذَا كَانَ ثَنِيًّا. وَقَالَ الْخَلِيلُ: الْجَفْرُ مِنْ أَوْلَادِ الشَّاءِ مَا اسْتَجْفَرَ أَيْ صَارَ لَهُ بَطْنٌ، وَالْفَيْقَةُ بكسر الفاء وسكون التحتانية بعدها قاف ما يجتمع في الضراع بين الحلبتين، والفواق بضم الفاء الزَّمَانُ الَّذِي بَيْنَ الْحَلْبَتَيْنِ، وَالْيَعْرَةُ بِفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ: الْعِنَاقُ، وَيَمِيسُ بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ يَتَبَخْتَرُ، وَالْمُرَادِ بِحَلْقِ النَّتْرَةِ وَهِيَ بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةِ السَّاكِنَةِ الدِّرْعُ اللَّطِيفَةُ أَوِ الْقَصِيرَةُ، وَقِيلَ: اللَّيِّنَةُ الْمَلْمَسِ، وَقِيلَ: الْوَاسِعَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا وَصَفَتْهُ بِهَيْفِ الْقَدِّ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِبَطِينٍ وَلَا جَافٍّ قَلِيلِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مُلَازِمٍ لِآلَةِ الْحَرْبِ يَخْتَالُ فِي مَوْضِعِ الْقِتَالِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا تَتَمَادَحُ بِهِ الْعَرَبُ. وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهَا وَصَفَتْهُ بِأَنَّهُ خَفِيفُ الْوَطْأَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّ زَوْجَ الْأَبِ غَالِبًا يَسْتَثْقِلُ وَلَدَهُ مِنْ غَيْرِهَا فَكَانَ هَذَا يُخَفِّفُ عَنْهَا، فَإِذَا دَخَلَ بَيْتَهَا فَاتَّفَقَ أَنَّهُ قَالَ فِيهِ مَثَلًا لَمْ يَضْطَجِعْ إِلَّا قَدْرَ مَا يُسَلُّ السَّيْفُ مِنْ غِمْدِهِ، ثُمَّ يَسْتَيْقِظُ مُبَالَغَةً فِي التَّخْفِيفِ عَنْهَا، وَكَذَا قَوْلُهَا: يُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ مَا عِنْدَهَا بِالْأَكْلِ فَضْلًا عَنِ الْأَخْذِ، بَلْ لَوْ طَعِمَ عِنْدَهَا لَاقْتَنَعَ بِالْيَسِيرِ الَّذِي يَسُدُّ الرَّمَقَ مِنَ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ.

قَوْلُهُ (بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَمَا بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ. قَوْلُهُ (طَوْعُ أَبِيهَا وَطَوْعُ أُمِّهَا أَيْ أَنَّهَا بَارَّةٌ بِهِمَا، زَادَ فِي رِوَايَةِ الزُّبَيْرِ وَزَيْنُ أَهْلِهَا وَنِسَائِهَا أَيْ يَتَجَمَّلُونَ بِهَا. وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ زَيْنُ أُمِّهَا وَزَيْنُ أَبِيهَا بَدَلَ طَوْعُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ وَقُرَّةُ عَيْنٍ لِأُمِّهَا وَأَبِيهَا، وَزَيْنٌ لِأَهْلِهَا، وَزَادَ الْكَاذِيُّ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ وَصِفْرٌ رِدَائهَا، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ قَبَّاءُ هَضِيمَةُ الْحَشَا، جَائِلَةُ الْوِشَاحِ، عَكْنَاءُ فَعْمَاءُ، نَجْلَاءُ دَعْجَاءُ رَجَّاءُ قَنْوَاءُ، مُؤَنَّقَةٌ مُفَنَّقَةٌ.

قَوْلُهُ (وَمِلْءُ كِسَائِهَا كِنَايَةٌ عَنْ كَمَالِ شَخْصِهَا وَنِعْمَةِ جِسْمِهَا.

قَوْلُهُ (وَغَيْظُ جَارَتِهَا فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَعَقْرُ جَارَتِهَا بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَيْ دَهَشِهَا أَوْ قَتْلِهَا، وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ والطَّبَرَانِيِّ وَحَيْرُ جَارَتِهَا بِالْمُهْمَلَةِ ثُمَّ التَّحْتَانِيَّةِ مِنَ الْحَيْرَةِ، وَفِي أُخْرَى لَهُ وَحَيْنُ جَارَتِهَا بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا نُونٌ أَيْ هَلَاكُهَا، وَفِي رِوَايَةِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ وَعُبْرُ جَارَتِهَا بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحِّدَةِ وَهُوَ مِنَ الْعَبْرَةِ بِالْفَتْحِ أَيْ تَبْكِي حَسَدًا لِمَا تَرَاهُ مِنْهَا، أَوْ بِالْكَسْرِ أَيْ تَعْتَبِرُ بِذَلِكَ.

وَفِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ وَحِبْرُ نِسَائِهَا وَاخْتُلِفَ فِي ضَبْطِهِ فَقِيلَ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مِنَ التَّحْبِيرِ، وَقِيلَ بِالْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ مِنَ الْخَيْرِيَّةِ، وَالْمُرَادُ